حرب أخرى قادمة على لبنان
باشر حزب الله هجماته المساندة لغزة في الثامن من أكتوبر على شكل هجمات متعددة أخذت في الغالب طبيعة ما دون الحرب وما فوق الهدوء، غايتها كما قال مسؤولو حزب الله سحب جزء من قوات دولة الاحتلال لتخفيف الضغط عن غزة، لكن خلال الفترة الأخيرة بدأنا نشهد ضراوة في الضربات بين الطرفين فقد واصلت قوات الاحتلال اغتيال قيادات مهمة من حزب الله حتى تجاوز العدد أكثر من 400 عنصر وقيادي من حزب الله ووصلت هجماتها إلى حدود البقاع بل واغتالت واحدا من أهم القيادات الفلسطينية في قلب الضاحية الجنوبية، وبالمثل واصل حزب الله هجماته الصاروخية على شمال فلسطين وأدّت هذه الهجمات إلى هجرة ما يصل إلى 80 ألف مستوطن، لكن كل ذلك لم يتجاوز عتبة قواعد اشتباك متغيرة وديناميكية بين الطرفين تحكمها تفاعل الدولي والإقليمي والداخلي اللبناني، بحيث تتصدر إيران والولايات المتحدة المشهد، فإيران تضبط سلوك حزب الله وتخضعه لتوازناتها ومصالحها الاستراتيجية والتي لا يبدو المواجهة الكبرى قد حانت بعد، أما الولايات المتحدة فهي ما تزال ترفض تماماً انخراط إسرائيل في حرب إقليمية واسعة، فهي منشغلة بما هو اهم من ذلك وأخطر.
تصبح الاحتمالات السابقة موضوعية إذا ما عرفنا ان الطاولة فارغة إلا من خطة على مراحل تشمل تطبيق القرار 1701 وهذه تشمل انسحاب حزب الله مسافة 10-15 كم شمال الليطاني وإشغال الجيش اللبناني لهذه المسافة طبعاً مع رفض إسرائيلي لانسحاب مماثل في شمال فلسطين وهذا ما يرفضه حزب الله، ورغم كل مآسي الحرب فإنها تمثل بالنسبة للطرفين فرصة للحصول على مكاسب سياسية ونتنياهو سيد من يلعبها، أما بالنسبة لحزب الله فهذه المواجهة تمثل فرصة ثمينة تمكنه من إجبار القوى السياسية اللبنانية على الموافقة على تعيين مرشحه للرئاسة السيد سليمان فرنجية أو دون ذلك الفراغ واستمرار الشغور، مما يدخل بشكل مباشر المصالح السياسية الداخلية مع التقاطعات الخارجية على مأساويتها، بالتالي فإن حصول مواجهة شاملة سيكون بمثابة كارثة أو قنبلة موقوتة تطيح بالباقي من فرص الحل في المنطقة على ضآلتها ومحدودية تأثيرها وجدواها.
ويبقى السؤال المؤلم هل ثمة متسع في ضمير المنطقة وعقلها يستوعب مزيداً من الجثث والأشلاء ورائحة الموت وعدد غير محدود من البيوت والشوارع المدمرة، هل ما يزال لديها متسعاً لاستيعاب هذا الحقد الإسرائيلي والذي يصبه نيراناً من الضغينة على رؤوس الكبار والصغار؟