مشاهير مغاربة يكسبون المشاهدات من الأموات!
شهد المغرب مؤخراً جدلاً واسعاً حول ظاهرة كسب أرباح 'الأدسنس" على حساب استغلال الفواجع وتصوير الموتى، لتحقيق نسب كبيرة من المشاهدات التي ترفع من هذه الأرباح.
لقد انتشرت في الآونة الأخيرة على وسائط السوشيال ميديا صور ومقاطع فيديو لعدد من المشاهير المغاربة فقدوا أزواجهم وزوجاتهم، كانت أبرزهم الفنانة المغربية ريم فكري والمؤثر المغربي نوري.
وعبّر رواد العالم الرقمي عن استيائهم من تنامي ظاهرة تجار المآسي والفواجع، التي اعتبروها غير أخلاقية وتسيء لحرمة الميت.
"قراصنة الفواجع"
وشكّل هوس الشهرة والنجومية الافتراضية عند المغاربة ظاهرة حديثة، يسعى من خلالها عدد من المشاهير والصفحات على "فيسبوك" و"إنستغرام" إلى تحقيق الثراء على حساب معاناة الناس وفواجعهم.
وتشخيصاً لهذه الظاهرة نفسياً واجتماعياً، قال زكرياء امخشون الباحث في علم النفس الاجتماعي، إن "صانعي المحتوى في العالم الرقمي يعبرون عن رغبتهم المبطنة في التميز والاعتراف وإثارة الانتباه إليهم بهدف تعزيز الهوية الاجتماعية عن طريق استغلال الموت والفواجع لكسب تعاطف المتابعين".
ومن جانب آخر، أوضح الباحث في علم النفس الاجتماعي أن "البحث عن مقاطع المأساة فضول بشري يتقاسمه الناس في محيطهم. وأبرز زكرياء امخشون أن انتشار هذه الظواهر وتناميها يفسّر ميل المشاهد للمحتويات التي تثير فضوله أو التي يكون فيها التأثر العاطفي قويا للتعبير عن التعاطف أو التفاعل مع المعاناة الإنسانية، وهو الأمر الذي يرى فيها صانع المحتوى فرصة ذهبية لجذب عدد كبير من الجماهير والمشاهدات لتحقيق أرباح كبيرة".
وأشار الباحث المغربي إلى أن "استهلاك المحتوى السلبي بشكل زائد قد يؤدي إلى تأثيرات نفسية سلبية، وقد يكون من الضروري تحقيق توازن بين الفهم للقضايا الاجتماعية والحفاظ على الصحة النفسية الفردية".
وفي الوقت الذي تعرف فيه تقنيات التواصل الحديثة انتشاراً واسعاً، يسعى من خلالها أصحاب الصفحات والمواقع إلى استغلال صور القبور والموتى، لتحقيق الغنى السريع، عبر التأثير على عواطف رواد المواقع الاجتماعية.
وعلى صعيد آخر، قال منتصر حمادة الباحث في الشأن الديني إن "انتشار الظاهرة لم يظهر بين ليلة وضحاها، وإنما جاء نتيجة تراكمات جرت في عدة مجالات، تربوية وقيمية وتواصلية، أفضت إلى ما نعاينه مع هذه الظاهرة، والأمر نفسه ينطبق على ظواهر أخرى".
وأكد الباحث في الشأن الديني أن "الثورة الرقمية التي تمر بها البشرية منذ عقدين على الأقل، في مقدمة الأسباب التي ساهمت في انتشار الظاهرة، مع أن للثورة نفسها عدة تطبيقات إيجابية في العالم بأسره، لكنها كشفت عن أوجه سلبية أيضاً، كما هو الحال مع معضلة "روتيني اليومي" هنا في المغرب ومصر ودول أخرى في المنطقة، ضمن أمثلة أخرى".
وفي هذا السياق، أشار حمادة منتصر إلى أنه "من منظور ديني قيمي، لا يوجد أي تأصيل شرعي له قط، لأن الأمر يتعلق بعمل مدان وغير سوي ويعادي الأخلاق السوية والفطرة السليمة، والدين دين فطرة أساساً، ولا يمكن للنصوص الدينية المقدسة أو المؤسسة أن تشرعن ممارسات معادية للفطرة الإنسانية".
وخلص الباحث المغربي إلى أن "وجود مثل هذه الظواهر المشينة تتطلب انخراط عدة جهات أو منابر في التحسيس والتوعية، سواء في المجال التربوي أو الأسري أو الإعلامي أو الديني، كل من مقامه ومسؤوليته، ليس عبر الشيطنة وفتح جبهات ومعارك المجتمع نحن في غنى عنها، وإنما عبر الحوار والنصح، أو عبر تبني الخيار الذي تتبناه أغلب المؤسسات الدينية، أي خيار الوعظ والتوجيه والإرشاد".