ما الذي يهدد الانتخابات في الأردن..!
جراءة نيوز -عمان:
لم تمر الساعة الثامنة مساء يوم الـ13 من الشهر الجاري كما اعتاد الأردنيون أن يمر كل يوم، حيث خرج رئيس الوزراء الاردني د. عبدالله النسور ليقول لمواطنيه إنه مضطر آسفا لرفع الدعم عن المشتقات النفطية.
ولم تدر عقارب الساعة دورة كاملة، إلا وكان آلاف الأردنيين العاديين في الشارع معبرين عن سخطهم تجاه السياسة الاقتصادية، التي لا تجد حلا لمعضلاتها سوى جيب المواطنين أو بالاقتراض من المؤسسات الخارجية، بحسب هتافاتهم. وكانت أجهزة الدولة بحاجة الى نحو خمسة أيام حتى يظهر لها أن الاحتجاجات تضع رحاله، بعد نجاح صانع القرار في استيعاب الصدمة الشعبية الأولى للمواطنين حيال قرار رفع أسعار المشتقات.
لكن من قال إن خلو المحتجين من الشوارع هي علامة نجاح؟، فما فعله قرار رفع الدعم وتداعياته في الشارع مروراً بالهدوء هو بروز حالة من الانسداد السياسي بات يشعر بها كل مكونات العمل السياسي في البلاد، فالأحمال التي على الدولة رفعها اليوم أكبر مما يطيقها صانع القرار السياسي والقوى السياسية، بل وأكبر من «غلابا الشعب».
الانعكاس على الانتخابات
يرى عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية د. فاخر دعاس ان كل هذا الانغلاق سيترجم نفسه في شهر يناير المقبل حيث موعد الانتخابات النيابية، عندما يعبر المواطن العادي عن عزوفه عن المشاركة في هذه الانتخابات. ووفق تعبير د. فاخر لم يعد هناك أي قيمة للانتخابات، مشيراً الى أن أية جهة سياسية ستقرر المشاركة في هذه الانتخابات هي تقدم على انتحار سياسي.
ولم تختبر أي حكومة أردنية مناخات كالتي تعانيها اليوم. ففي السابق تمكنت الحكومة في كل مفصل تاريخي أن تنجو عبر إدارتها للأزمات بدعم داخلي أو خارجي. الجديد في أزمة اليوم انفضاض جميع الاطراف التي ينتظر ان تقدم المساعدة، سواء داخلياً او خارجياً.
وعندما سئل مسؤول سياسي رفيع المستوى قبيل اعلان قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، إن كان القرار سيؤثر على سير العملية الانتخابية، اكتفى المسؤول بان أومأ برأسه بالايجاب.. هذا ما يدركه صانع القرار في المملكة، خاصة وان أي عملية انتخابية ناجحة تتطلب ساحة داخلية هادئة، فضلا عن عمل جماعي لإنجاحها، وتهيئة الظروف المناسبة لذلك، من خلال أجواء نقية، وحوارات إيجابية تردم الهوة بين السلطة والشارع، أو على الاقل تقليصها إلى أقل حد ممكن.
وجاءت خطوة حكومة عبدالله النسور برفع الدعم عن المشتقات النفطية بعد عدة محاولات رسمية لرفع الاسعار ثم العودة عن ذلك كان آخرها في الحكومة السابقة التي قادها فايز الطراونة التي اعلنت عن رفع المشتقات النفطية فاندلعت احتجاجات في الشارع الاردني لعدة ايام قبل ان يسارع العاهل الاردني بالطلب من الطراونة العودة عن قراره. وساهم في العودة عن القرار آنذاك تصدي مجلس النواب في حينه للقرار، رغم الضعف الذي كان يرافقه، وتوقيع أكثر من 89 نائبا من اصل 120 عريضة لطرح الثقة بالحكومة، لكن الملك سارع الى التدخل معلنا العودة عن القرار.
حكومة انتقالية
ولم تقترب الحكومات الاردنية أسعار المحروقات فلسا واحدا منذ اندلاع الربيع العربي، وسكنت الاسعار طوال هذا الوقت لكن الاقتصاديين الرسميين اليوم يقولون ان الدولة ما عادت تصبر على ذلك. واليوم لا يوجد مجلس نواب، حتى بشكله الضعيف. وفي الحقيقة، هذا تماما ما لاحظه السياسيون والاقتصاديون عندما قالوا ان حكومة عبدالله النسور حكومة انتقالية، هي اقرب لتكون حكومة تصريف أعمال مكبلة تشريعياً، مهمتها إجراء الانتخابات النيابية التي اعلن انها ستجري في 23 يناير المقبل، لترحل بعدها فورا، وفق القانون، متسائلين عن السر الذي دفع صانع القرار الاردني للاسراع في عملية الرفع هذه من دون اخذ «إذن ديمقراطي» عبر مجلس النواب المقبل. لأن الأجهزة الرسمية امتصت الغضبة الاولى للشارع.
البيان الاماراتية