رئيس وزراء أسبق يتحدث عن "التعليم" في الاردن .. تفاصيل

انطلقت فعاليات الملتقى الوطني الخاص بالتعليم العام والتعليم العالي والتدريب المهني السبت بعنوان "منظومة التعليم في الأردن: واقع وتطلعات" الذي عقد بالشراكة الاستراتيجية مع الجامعة الأردنية.

وقال رئيس الوزراء الأسبق عدنان بدران، إن المنظومة التعليمية يجب أن تتوجه نحو التعلم المدمج، الذي يدمج التعلم الإلكتروني بالتعلم الوجاهي، وإعادة هيكلة التعليم للانتقال من السردية إلى بناء الفكر الخلاق والذكاء،

مضيفًا أن هذا يتطلب تدريب المدرسين، عبر استخدام الوسائط المبرمجة، والكم الهائل من البيانات، ومنصة تعليمية مؤهلة، لتعليم متزامن وغير متزامن، مما يسهم في التعلم عن بعد، والتعلم مدى الحياة.

وجاء حديث بدران خلال رعايته الملتقى التعليمي الثالث الخاص بالمناهج والتعليم العام والتعليم العالي والمهارات المهنية، الذي قدم فيه محاضرة بعنوان "منظومة التعليم في الأردن: واقع وتطلعات".

وقال بدران، إنه: "لا بد من تغيير جذري في منظومتنا التعليمية لتأمين عقلية أكثر ديناميكية، تنمي التساؤل والاستقصاء والتحليل الاستنتاجي" مضيفًا بالقول: "التعلم الذي نريد، هو التعلم الذي يواكب التطور المعرفي العالمي ضمن أنماط تعليمية تتجاوز القديم التقليدي

من تلقين واجترار، بحيث يتغير دور المعلم من ملقن إلى ميسر لتحفيز المتعلمين، يشارك معهم في بناء المعرفة من المعلومات وبنوك البيانات، لإغلاق الفجوة بين من يعرف ومن لا يعرف".

وحذر بدران من أن حالة العجز، والارتجال التربوي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والواسطة والمحسوبية والفساد وسوء الإدارة ستؤدي إلى الكارثة، وأضاف قائلا: "في الحقيقة، بوادر الكارثة، وخاصة الاقتصادية منها، بدأت تظهر فعلا في عدد من الدول العربية".

وقال بدران، إن: "الرأسمال البشري الحقيقي يكمن في تنمية مهارة التفكير لتحقيق مجتمع المعرفة والبحث العلمي، وكيفية تحويل مخرجاته إلى تكنولوجيا، والقدرة على تنمية الفكر الخلاق في الإبداع والابتكار، لتعزيز الإنتاج والاعتماد على الذات،

وكيفية التحول من مجتمع ريعي إلى مجتمع منتج" مضيفًا بأننا "بحاجة للانتقال من ثقافة إدارة الأزمات إلى ثقافة إدارة التغيير والمخاطر، وهذا يحتاج إلى تغيير العقليات المتمترسة مع ثقافة الماضي، وتجديدها لتساير الحداثة والمعاصرة".

وقال بدران: "لا بد من تغيير جذري في منظومتنا التعليمية لتأمين عقلية أكثر ديناميكية، تنمي التساؤل والاستقصاء والتحليل الاستنتاجي: التعلم كيف أتعلم؟ التعلم كيف أفكر وأخطط وأجرب وأستنتج؟ كيف أنمي مهاراتي؟ وكيف أبدع وأبتكر؟

لتحقيق أعمدة اليونسكو الأربعة الرئيسة للتعليم في القرن الحادي والعشرين كما وضعتها لجنة جاك ديلور: أتعلم لأكون، أتعلم لأعرف، أتعلم لأعمل، وأتعلم كيف أعيش مع الآخرين".

واعتبر بدران أن على المنظومة التعليمية أن تكون ذات رؤية عصرية لتجديد نفسها، وإخراج أجيال تتمتع بالمهارات والكفاءات المعاصرة، التي تتجدد من خلال التعلم مدى الحياة، لسد حاجات المجتمع في عالم سريع التغير،

لبناء جيل مبدع يستطيع مجابهة تحديات المستقبل، قائلا في ذلك: "نحن بحاجة إلى تعليم أقل وتعلم أكبر، لبناء مهارات التفكير، والانتقال إلى مدارات الاكتشاف والتساؤل والتأمل".

إلى ذلك، قال رئيس الجامعة الأردنية نذير عبيدات، إن حياة الإنسان وعقله أكبر بكثير من الكتاب، وإنه بحاجة إلى مناهج أكبر وأهم من هذا الكتاب أو ذاك، إذ لم يعد معدل الذكاء المقياس لتفسير الفرق بين أفضل وأسوأ طالب في الصفّ،

وربّما بات الطالب في المدرسة والجامعة بحاجة للتعلم من منظور تحفيزيّ ونفسيّ.

وأضاف عبيدات أنه يجب علينا تعليم طلبتنا القوة المذهلة والرهيبة للاعتذار، أو الإيجابية والتفاؤل، ولعلّنا نحتاج إلى معلم يثير الخيال لدى الطلبة، ويجلب لهم معنى آخر للحياة والجمال.

وأكد عبيدات ضرورة تنشئة جيل من المعلمين الملهمين، والاهتمام بالعلوم الإنسانية، متسائلا عن الحكمة من إحداث تغيير في المناهج يعمل على إيجاد مسار لدراسة العلوم الطبية والحياتية مثلًا، دون عناية باللغة العربية والرياضيات، معتبرا إياه تغييرا غير منطقي.

ولفت عبيدات إلى أن عدم المساواة في مدارسنا، وفي جامعاتنا أحيانًا، داء آخر لا بدّ من إيجاد دواء له؛ داء سيؤدّي إلى تفاوت خطير في بناء التفكير بين طالب وآخر، مضيفا أن الفقر والتهميش علة أخرى تواجه التعليم.

ويرى عبيدات أن ما ينطبق على التعليم في المدارس، هو ذاته ما ينطبق على التعليم في الجامعات، إذ إن إصلاح نظام التعليم لا بدّ أن يفضي إلى تناسب أفضل مع الصناعة والمجتمع الحديث، مبينا كذلك أنه لا بد من التفكير في المستقبل، الذي قد لا يكون بعيدًا عنّا اليوم.

ودعا عبيدات إلى ضرورة أن تتحمل الأسرة الكثير من المسؤولية وأن يقدروا العلم والمعرفة، ويزرعوا في أبنائهم قيم الخير والمحبة والجمال، وأن يقوم المجتمع بدوره في تعليم أبنائه وغرس قيم المحبة والعلم والأخلاق فيهم.

وأوصى عبيدات بتعليم طلبتنا وأبنائنا أنّ الوطن كنز كبير، وأن جمال الوطن وعزه وقوته ومنعته أغلى وأجمل من أي شيء آخر.

ودعا عبيدات إلى ضرورة استلهام الدروس والعبر مما نشهده اليوم على أرض غزة وصمود أهلها، والإيمان المطلق بصلابة الإنسان وقوته، وجمال العزة.

من جانبه، قال رئيس المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج محيي الدين توق، إن المركز مستمر في عمليات تطوير المناهج لكافة المراحل المدرسية.

وأضاف بأن المركز تعاون مع وزارة التربية والتعليم لتعزيز مديريات التعليم وتطويرها، موضحا أن تدريب المعلمين لا يقع ضمن اختصاص المركز الوطني لتطوير المناهج، وأن هذه المهمة مُناطة بوزارة التربية والتعليم.

وبين أن امتحان الثانوية العامة لعام 2026 سيتم من خلال بنك للأسئلة، وأن الامتحان يجتاز عدة مراحل من القياس والتقييم قبل اعتماده.

بدوره، قال أمين عام اتحاد الجامعات العربية عمرو عزت سلامة، إن هناك اختلافا كبيرا في جودة التعليم وتنوع البرامج الأكاديمية والحداثة بين الجامعات في الدول العربية، وإن الدول العربية بعمومها تنفق أقل من 1% من إجمالي الدخل القومي على البحث العلمي.

وقال سلامة، إنه أصبح للمعرفة ورأس المال البشري في عصر التكنولوجيا ومجتمعات المعرفة والاقتصاد الرقمي دورا مهما في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية،

مشيرا إلى أن للجامعات العربية مساهمة واضحة في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية لكونها حاضنة للأفكار والحلول للمشكلات العالمية، ومُنتجة للقوى العاملة ذات المهارات العالية، مما يجعلها قادرة على إحداث أثر إيجابي في بناء المجتمعات.

وقدم سلامة إيجازا حول دور اتحاد الجامعات العربية في النهوض بالتعليم العالي في الوطن العربي، ودور الجامعات في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، وأهمية العمل على ربط القرارات الحكومية بمخرجات البحث العلمي في الجامعات،

وتعزيز سياسات التعليم والاستثمار في التعليم، وإدماج التعليم الإلكتروني.

وأضاف سلامة بأن العالم اليوم يعيش عصر الثورة الصناعية الرابعة والخامسة، اللتين تعتمدان على الذكاء الصناعي وتكنولوجيا النانو وتحليل البيانات الضخمة، وأن 50% من الوظائف التقليدية ستختفي في الأعوام المقبلة،

بينما ستظهر وظائف وفرص عمل جديدة للشباب تعتمد على الريادة والابتكار والإبداع، وأن الجامعات تتجه إلى تغيير طرق التدريس من خلال مواكبة التطورات والمستجدات التكنولوجية وتوظيفها في الممارسات التعليمية، وإكساب المعلمين المهارات المطلوبة.

وبيّن سلامة عددا من المشاريع التي يعمل عليها اتحاد الجامعات العربية، كما مشروع مُعامل التأثير العربي، ومشروع وتطوير الدوريات العربية، ومشروع الصندوق العربي لتمويل البحث العلمي،

موضحا بأن الاتحاد يضم في عضويته ما يقارب 450 جامعة عربية، وأن خطته الاستراتيجية للأعوام 2019-2032، تركز على المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا سيما تلك المتعلقة بالتعليم الشامل والمنصف،

ومواكبة المستجدات وتحقيق المعايير العالمية في التعليم العالي ومخرجاته.

ويناقش المؤتمر في عدة جلسات أوراقا بحثية تتضمن محاور علمية حول منظومة التعليم في الأردن، أولها "منظومة التعليم إلى أين" يقدمها نائب رئيس الجامعة الأردنية للشؤون الإدارية والمالية زياد حوامدة،

ويشارك فيها وزير التربية والتعليم الأسبق إبراهيم بدران والوزير الأسبق رضا الخوالدة وعضو مجلس الأعيان محاسن الجاغوب ونقيب المعلمين الأسبق العين مصطفى الرواشدة.

ويقدم ثانيها إضاءات تربوية من القطاعين العام والخاص على مهارات السوق والمناهج والتعلم الرقمي، يديرها عميد كلية العلوم التربوية في الجامعة الأردنية محمد صايل الزيود، ويشارك فيها موسى الساكت وشيرين حامد وإيهاب أبو دية.

وتناقش الجلسة الثالثة التحديات المالية والتعليمية للجامعات الأردنية تقدمها نائب رئيس الجامعة الأردنية لشؤون الكليات الإنسانية والعلاقات والشراكات الدولية ناهد عميش، ويشارك فيها بسام محاسنة وفراس الهناندة والنائب بلال المومني.