الكشف عن تفاصيل الخطة السرية لابعاد أونروا عن غزة

تعمل حكومة الاحتلال على خطة من ثلاث مراحل لإبعاد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من قطاع غزة بعد نهاية "الحرب غير المسبوقة" التي يتعرض لها القطاع.

ومنذ أولى أيام الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نقلت الوكالة مقرها الرئيس من مدينة غزة إلى جنوب القطاع حيث نزح معظم أهالي القطاع.



"الخطة السرية"

وتأتي تلك "الخطة السرية" لخارجية الاحتلال مع تصاعد الدعوات "إلى تهجير طوعي لأهالي قطاع غزة، وذلك لأنه من غير الممكن أن يظل مكاناً لمليوني شخص يريدون تدمير دولة إسرائيل"، وفق وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

وطالب سموتريتش "بإيجاد البلدان التي ترغب في استقبالهم، وإحداث تغيير كامل للواقع في قطاع غزة"، مشدداً على رفضه تسليم القطاع إلى السلطة الفلسطينية.

وتتضمن المرحلة الأولى من الخطة بحسب خبراء عسكريين، "إظهار التعاون بين وكالة (الأونروا) مع حركة ’حماس‘"، فيما ستشهد المرحلة الثانية "تقليص عمليات الوكالة في قطاع غزة، والبحث عن منظمة بديلة لتوفير خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية".

وفي المرحلة الثالثة تدعو الخطة التي ستعرض على حكومة الاحتلال في الأسابيع المقبلة، إلى نقل جميع صلاحيات ومسؤوليات (الأونروا) "إلى الهيئة التي تحكم غزة بعد الحرب".



** خلل في توزيع المساعدات

ومع أن الخطة تطالب بالسماح حالياً للوكالة التي تمتلك البنية التحتية اللازمة لتقديم المساعدات الضرورية والحاسمة لأهالي قطاع غزة، فإنها تدعو إلى طرد الوكالة "بشكل تدريجي أثناء التخطيط لليوم التالي للحرب".

وأعربت الخطة عن قلقها من الدور "الإشكالي" لوكالة "الأونروا"، معربة عن "استيائها" مما قالت إنه "تأييد من موظفي الوكالة لهجوم ’حماس‘ في السابع من أكتوبر".

وأشارت الخطة إلى أن "نشاط الوكالة الأممية في غزة على المدى الطويل يتعارض مع مصلحة إسرائيل".

وتأتي تلك الخطط بعد أيام على تعيين الأمم المتحدة منسقة عليا للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير الداعي إلى زيادة المساعدات للقطاع الذي يعاني معظم سكانه نقصاً حاداً في المواد الغذائية.

وستشرف الهولندية سيغريد كاغ على استحداث آلية أممية "لتسريع شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة عبر دول ليست طرفاً في النزاع"، وفق الأمم المتحدة.



"معلومات مضللة"؟

ورفض المفوض العام لوكالة (الأونروا) فيليب لازاريني الانتقادات الصهيونية حول الخلل في توزيع المساعدات على الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقال لازاريني إن تلك الانتقادات أدت "إلى خلق تيار من المعلومات المضللة التي لا أساس لها".

وطالب "حكومة الاحتلال ومن له تأثير فيها بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومن دون عوائق في غزة، بما في ذلك الوقود والغذاء والدواء والمياه ومواد النظافة".

وتشكلت الوكالة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وأصبحت اليوم تقدم خدماتها لأكثر من 6.4 مليون لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس.

وتعمل "الأونروا" منذ تأسيسها على تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والغذائية لنحو 70 في المئة من الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يعتبرون لاجئين.

ومنذ سنوات، تسعى حكومة الاحتلال إلى حل وكالة (الأونروا)، وذلك لأنها "تجسد قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرهم الاحتلال عام 1948"، وفق ناشطين.

وتتهم حكومة الاحتلال الوكالة بوجود "محتوى معاد للسامية في الكتب المدرسية المستخدمة في مدارس الأونروا".

وفي عام 2018 أوقفت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المساعدات المالية للوكالة، إذ تدفع واشنطن الحصة الأكبر من موازنة الوكالة السنوية.

واتهمت إدارة ترامب حينها الوكالة بإدامة الصراع "الإسرائيلي – الفلسطيني" ، لكن إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن استأنفت دعمها.

هذا واعتبر المتحدث باسم الخارجية الفلسطينية أحمد الديك أن "الحرب على (الأونروا) تندرج في إطار مخططات التهجير القسري، ومحاولات تغيير الطابع الديمغرافي في قطاع غزة".

وقال الديك إن الخطة تشكل "استهدافاً مباشراً للقضية الفلسطينية وحق العودة"، مشيراً إلى "أنها جزء لا يتجزأ من سياسة الاحتلال رسمية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية".

وطالب الديك الإدارة الأميركية "بالوقف الفوري لتنفيذ تلك الخطة، الأمر الذي يتطلب وقبل كل شيء الوقف الفوري لإطلاق النار".

وتجمع تقارير الأمم المتحدة على أن 70 في المئة من الأبنية في قطاع غزة تم تدميرها، وأصبحت غير قابلة للسكن، إذ بات مليون ونصف مليون فلسطيني بلا منازل.

هذا واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية رمزي رباح، أن حكومة الاحتلال تحاول هذه الأيام، مستفيدة من حربها على قطاع غزة وحجم الدمار الذي سببته، "التخلص من واحدة من أهم الركائز الدولية لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة".

وأوضح رباح أن "تصفية عمل الوكالة في قطاع غزة يخدم خطط الاحتلال لتهجير أهالي القطاع.

وأشار رباح إلى أن وكالة "الأونروا" التي "تجسد معاناة أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني، يمثلون كابوساً دائماً لإسرائيل".

لكن عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" أحمد مجدلاني، شدد على أنه "ليس كل ما تريده إسرائيل يتحقق أو يمكن تنفيذه".

وأشار إلى "فشل إسرائيل خلال العقود الماضية في إبعاد الوكالة التي تجدد الجمعية العامة للأمم المتحدة تفويضها كل ثلاث سنوات بأغلبية كبيرة".

وأوضح مجدلاني أن "مواقف مسؤولي وكالة ’الأونروا‘ الأخيرة "محرجة لإسرائيل".

استجابة سريعة

هذا واعتبر الوزير الفلسطيني الأسبق حسن عصفور أن "استجابة وكالة الأونروا السريعة، وإخلائها مقارها في مدينة غزة مع بداية الحرب، خطأ سياسي كبير أسهم في تصعيد المخطط الإسرائيلي للقضاء على الوكالة في قطاع غزة".

وأشار عصفور إلى أن تعيين الأمم المتحدة منسقة عليا للشؤون الإنسانية في غزة "خطأ"، إذ إن تعيين منسقة للشؤون الإنسانية في ظل وجود "الأونروا" يعني أن "هناك فصلاً في دور الجهتين، سيؤدي إلى تركيز المساعدات في يد منسق الشؤون الإنسانية على حساب الأونروا".

وأوضح عصفور أن "القضاء على ’الأونروا‘ سيكون جزءاً من المخطط الإسرائيلي لما بعد الحرب".

هذا ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور أن " حكومة الاحتلال تلاحق وكالة ’الأونروا‘ باستمرار وتدفع واشنطن لعدم دعمها".

وأرجع منصور موقف حكومة الاحتلال إلى أن وكالة "الأونروا" "تخلد قضية اللاجئين، وتدعم حق عودتهم لديارهم".

وأوضح أن القضاء على "الأونروا مصلحة إسرائيلية قديمة ومعلنة"، مشيراً إلى أن إسرائيل "تريد الاستفادة من ظروف الحرب لتهميش الوكالة والقضاء عليها".

وشدد منصور على أن الحرب الحالية على قطاع غزة "لا تستهدف القضاء على حركة "حماس" فقط، بل "لها أهداف خطرة بعيدة المدى تستهدف القضية الفلسطينية كلها" ، بحسب اندبندنت عربية.