الكشف عن اسباب تراجع الاقبال على الحلاقين ومحلات بناشر السيارات خلال الشهرين الماضيين في الاردن

يتفهم الأردنيون مستهلكين وتجار تراجع مبيعات المطاعم والفنادق ومحلات الحلويات والأفراح، جراء التداعيات النفسية والاجتماعية للحرب على غزة والعلاقة الخاصة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، بيد أن أحدهم يسأل: "لماذا تأثرت محلات الحلاقة أو بناشر السيارات وغسيلها أو الدراي كلين؟!".

يسأل آخر هل نحن بلد غريب الأطوار، فزلزال في غرب القطب الجنوبي، أو انتشار وباء في بلاد الواق واق، أو انقلاب عسكري في جبال الهملايا، عوامل تؤثر على قدرة المواطن الأردني في الشراء، وتضرب على عصب سلاسل التوريد الوطنية؟.

الأسواق الأردنية بجميع قطاعاتها باتت ترزح تحت وطأة ركود نوعي وهي التي أصلا لم تكن بخير قبل السابع من أكتوبر الذي انطلقت فيه شرارة الحرب بغزة، وانطفآت فيه جذوة السوق الأردني الذي كان يعيش على "النواسة" أصلا.

تقديرات رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمان خليل الحاج توفيق، بأن حركة الأسواق تراجعت 40% منذ الحرب على غزة، يرى ان 30% من هذه النسبة مردها لمشاعر الحزن والتعاطف من قبل الأردنيين مع أشقائهم في غزة.

الحاج توفيق يوضح أنه بجانب التعاطف وإحجام الناس عن التعاطي مع مختلف القطاعات، فإن توقف الأفراح والمناسبات بأشكالها كان اللاعب الرئيس في تراجع الـ 30%، فقطاع الأفراح سلسلة متصلة من محلات ألبسة وأحذية وصالونات حلاقة ومحلات حلويات ومطاعم، بل أن من يذهب للمباركة بعد الأعراس مثلا يحمل معه "طقم فناجين" أو "صحون" .. الخ، وهذا أيضا توقف.

الـ10% الأخرى يراها المتحدث أعلاه بجانب من جرى استطلاع رأيهم بالأسواق والجلسات المتنوعة، احجام عن الانفاق مرتبط بالخشية من المستقبل القريب والبعيد، فمن يملك المال يخبئه خوفا من مآلات الحرب وإذا ما كان هذا سينعكس على المملكة.

وبمرور الوقت بدأت هذه النسبة الـ10% تتلاشى ليقين الناس بجيشها وقيادتها وإيمانها بصمود الأردن المعتاد في مختلف الأزمات "فهو من ولد بالنار ولم ولن يحترق"..

محلات كثيرة بدأت بالاغلاق أو تسريح الموظفين، وفي شوارع وأسواق رئيسة حضر التجار وغاب المتسوقون.

أما تراجع القطاع السياحي الذي حاولت الحكومة تجميل واقعه مؤخرا عبر مؤتمر صحفي لوزيري السياحة والاتصال الحكومي، فهو مسبب مهم للأزمة القائمة في السوق أيضا، فوفق الحاج توفيق فإن هذا القطاع رافد للسلسلة التي يعمل بها من محلات ومرافق إطعام وضيافة وألبسة وبياضات ومواصلات وغيرها، بل أن كثيرين يعملون به هم عمال مياومة ويسترزقون بالإكراميات وهو ما تم فقدانه منذ بدء الأزمة القائمة.

وكما هو معلوم فإن قطاع المطاعم و"الكوفي شوب" الذي كان مزدهرا في الأردن نسبيا قبل الحرب على غزة، بات الآخر يعاني الأمرين، فالحديث كان يجري عن إقبال على هذه الأماكن لأنها المتنفس الوحيد للأردنيين في ظل غياب المرافق والحدائق، بل أن منهم من كان يذهب إليها بـ"الدين" عبر البطاقات البنكية..

والآن تخلت الناس عن هذه الفكرة وذهبوا إما لتجميد الإنفاق على الكماليات تحوطا وخوفا، فيما راح بعضهم يشتري الذهب لأنه من يحافظ على نفسه وقيمته بالأزمات "وهذا لمن يملك المال لشراء الذهب"، على رأي الحاج توفيق.

وأخيرا فقد ألقى رفع سعر الفائدة على ديون الأردنيين في البنوك بكارثته على السوق، فمن تم رفع قيمة قسطه الشهري، حجب قيمة الرفع عن أموال كانت تُدفع في السوق، وفقا لمحللين اقتصاديين.

عوامل متنوعة، وقصص مختلفة، وأحيانا إشاعات مغرضة تقود تصرفات الأردنيين الاستهلاكية في الأزمات.. فبينما يحجم الناس يعاني السوق، ويظل الجميع بانتظار فسحة الأمل بانتهاء الحرب وما خلفته، والدنانير التي تقودهم الأسواق.. هذا إن اتت وللحديث بقية وبقايا.