الصحة العالمية: 90% من أسر غزة تنام وهي لا تجد ما يخفّف جوعَها
قال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، الدكتور أحمد المنظري، إن ما يجري في قطاع غزة شاهد حيّ وحقيقي لمعنى "الأزمة في الإنسانية”.
ودعا المنظري، كل القيادات السياسية المؤثرة والفعالة في المجتمع الدولي أن يتحملوا مسؤولياتهم بالتدخل الفوري لوقف الحرب في غزة والكارثة الإنسانية والصحية التي تحدث فيها.
وأشار المنظري، في كلمة له خلال الإحاطة الإعلامية التي نظّمها المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، اليوم الثلاثاء، بشأن حالة الطوارئ الصحية بالإقليم، إلى أنه، ولأول مرة، هناك تقارير عن اعتراض الأهالي في قطاع غزة للشاحنات التي تحمل الطعام قبل تسليمها؛ وهو أمر لم يحدث من قبل، ويدل على وطأة الجوع في غزة.
ووفقًا لتقييم نشره برنامج الأغذية العالمي أخيرا، فإن أكثر من 90 بالمئة من الأسر تنام وهي لا تجد ما يخفّف جوعَها، و63 بالمئة منها تقضي يومًا كاملًا بلا طعام، وفقا للمنظري.
وذكّر أن المنظمة دعت باستمرار، وما زالت تدعو، إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار بقطاع غزة؛ فمنذ أسابيع، والمدير العام للمنظمة، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، يحذِّر من أن الأحوال المعيشية وافتقاد الرعاية الصحية يمكن أن يؤديا إلى وفيات تفوق الوفيات التي تسببها القنابل.
بدوره، قال مدير برنامج الطوارئ بمكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط، الدكتور ريتشارد برينان: "كان هناك 36 مستشفى يعمل قبل اندلاع الصراع بقطاع غزة، والآن هناك 9 مستشفيات تعمل بشكلٍ جزئي كلها في الجنوب، و 4 مستشفيات تعمل بالحد الأدنى من طاقتها في الشمال.”
وحذّر برينان، من أنه "قد تظهر المزيد من حالات العدوى بسبب اكتظاظ الأشخاص، وعدم وجود صرف صحي، وعدم توفر الغذاء والماء، وتعطُّل برامج التطعيم”.
أمّا مديرة إدارة البرامج بالمكتب الإقليمي للمنظمة، الدكتورة رنا الحجة، فأكّدت أنه بدون الغذاء والماء، هناك خطر حدوث مجاعة في غزة.
وأضافت الحجة "نحتاج إلى تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة وفي جميع أنحائها على نحو مستمرٍ ومُستدام”.
وفيما يتعلق بتوفير اللقاحات للأطفال في غزة، قالت الحجة: "كانت نسبة التغطية باللقاحات في الأراضي الفلسطينية المُحتلة تبلغ في السابق 100 بالمئة تقريبًا، وفي الشهور الثلاثة الأخيرة، تعذَّر حصول الأطفال على اللقاحات”.
وأشارت إلى أن المنظمة تعمل مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) وغيرهم من الشركاء لتأمين وصول هذه اللقاحات للقطاع، ومن المتوقع أن تصل أول شحنة لقاحات لمنطقة رفح في 23 من الشهر الحالي، وهناك شحنة أخرى ستصل في أل 28 منه.
وأشارت الحجة إلى أن أحد الأطباء العاملين لدى الأونروا الذين غادورا قطاع غزة، اخيرا، وصف الوضع هناك بأنه يشبه "نهاية العالم”؛ موضحة أن هناك أكثر من مليون شخص يعيشون في مرافق الرعاية الصحية وفي الملاجئ. ويساور المنظمة القلق من انتشار الأمراض المُعدية.
إلى ذلك قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المُحتلَّة، الدكتور ريك بيبركورن، إن الهجمات على الرعاية الصحية في قطاع مثيرةٌ للقلق بدرجة بالغة، مؤكدا الحاجة إلى حماية الخدمات الصحية التي تواجه الكثير من الصعوبات، وتعزيزها وحمايتها.
وأضاف بيبركورن "نرى حيزًا إنسانيًا مُعقدًا، بل ويكادُ يتقلص؛ فالأعمال العدائية والعمليات العسكرية جعلت تنفيذ عمليات الأمم المتحدة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، أمرًا صعبًا”.
وقال: "نود أن نرى بعثتين كل يوم إلى شمال غزة لأن هناك الكثيرين ممن يحتاجون إلى الدعم في تلك المنطقة”.
وبالنسبة للوضع في السودان، أعرب المنظري عن قلق المنظمة البالغ بسبب التدهور السريع للموقف في السودان، الذي يشهد الآن أكبر موجة نزوح للأطفال في العالم.
فبعد 8 أشهر من تفاقم النزاع، أصبح النظام الصحي مُنهَكًا إلى حد الانهيار، لأن قدرات هذا النظام تتراجع في وقت تزيد فيه الاحتياجات زيادة بالغة.
وبحسب المنظري، يعاني ملايين السودانيين من جوع وصل إلى حد الكارثة؛ فهناك ما يقرب من 17.7 مليون إنسان في شتى أنحاء السودان يعانون من انعدام تام في الأمن الغذائي، منهم 4.9 ملايين على شفا المجاعة.
وفي حين أصبحت الفظائع الجماعية في السودان أمرًا معتادًا، فإن الكوليرا، التي يمكن أن تقتل في غضون ساعات، تنتشر في 9 بلدان في إقليمنا، وتؤثر على الأطفال دون سن الخامسة أكثر من غيرهم.
ففي السودان وحده، انتشرت فاشية الكوليرا الفتاكة في 9 ولايات من أصل 18 ولاية في البلاد؛ وأقل ما تُوصف به فاشية الكوليرا هو أنها تبعث على القلق الشديد.
وأكّد أن إقليم شرق المتوسط يستحق التعاطف من العالم، وأن ينظر المجتمع العالمي إلى شعوب هذا الإقليم على أنهم بشر، وليس مجرد أرقام تتغير على شاشات التلفزيون.
وقال المنظري: "ونحتاج من دول الإقليم، ولا سيَّما تلك التي تتمتع بالاستقرار الاقتصادي، مثل دول الخليج، أن تدعم بقية الدول الأعضاء التي تمر بأوقات عصيبة تجعلها في أشد الحاجة إلى الدعم”.