البنك الدولي: يواصل الأردن إثبات قدرته على الصمود
لا يزال المسار الاقتصادي للأردن يظهر قدرة على الصمود في وجه التحديات العالمية والمحلية وفق تقرير صادر عن البنك الدولي.
وبلغ النمو الاقتصادي 2.7% في النصف الأول من عام 2023، مدفوعا بالنمو القوي في قطاع الخدمات وتعافي قطاع الزراعة. ومع ذلك، لا تزال القيود الهيكلية تشكل عبئا على سوق العمل، حيث تواصل معدلات المشاركة في قوة العمل تراجعها، سواء بالنسبة للرجال أو النساء. وعلى وجه الخصوص، لم يتجاوز معدل مشاركة النساء في قوة العمل في الأردن نسبة الـ 14%، وهو من أدنى المعدلات في العالم.
ويعمل الأردن في إطار إستراتيجية تمكين المرأة في رؤية التحديث الاقتصادي 2033 والاستراتيجية الوطنية للمرأة 2020-2025، على النهوض بإصلاحات مهمة تهدف إلى مضاعفة مشاركة المرأة في قوة العمل على مدى السنوات العشر المقبلة.
يستعرض أحدث إصدار للبنك الدولي من تقرير المرصد الاقتصادي للأردن - عدد خريف 2023 - بعنوان: "بناء النجاح وكسر الحواجز: إطلاق القوة الاقتصادية للمرأة في الأردن" أحدث المستجدات والتطورات الاقتصادية الأخيرة ويتناول الآفاق الاقتصادية للمملكة. ويركز الفصل الخاص في هذا التقرير على الدور المحوري للمرأة في أجندة التنمية في الأردن، باتباع نهج دورة الحياة لفهم رحلة المرأة منذ ولادتها وعبر مسار تعلمها وصولاً لدخولها سوق العمل. ويتناول التقرير القيود الرئيسية التي تحول دون مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي، ويسلط الضوء على ضرورة اعتماد إستراتيجية شاملة تتضمن توسيع نطاق الحصول على خدمات رعاية الأطفال وتحسين جودتها، والعمل على زيادة تغطية وسائل النقل العام والمواصلات وتحسين مقاييس السلامة وبأسعار ميسورة.
وتعليقاً على ذلك، قال جان كريستوف كاريه المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي: "من الضروري اتباع نهج شامل متعدد القطاعات لتسهيل دخول المرأة سوق العمل وبقائها فيه، ويشمل ذلك تهيئة بيئة تشريعية ممكنة ووضع سياسيات داعمة، والاستثمار في التعليم والمهارات التي تراعي احتياجات سوق العمل، وتحسين سبل الحصول على خدمات جيدة لرعاية الطفل وشبكات نقل ومواصلات آمنة، وتوسيع نطاق الحصول على التمويل وممارسة ريادة الأعمال، وتناول الأعراف والتقاليد المتعلقة بعمل المرأة. إن البنك الدولي ملتزم بدعم جهود الأردن لإطلاق الإمكانات الاقتصادية للمرأة بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي 2033."
وفيما يتعلق بالاتجاهات الاقتصادية التي عرضها التقرير، ساهم التراجع الكبير في معدل التضخم السنوي العام في 2023، والانتعاش المستمر في عائدات السفر وانخفاض الأسعار العالمية للسلع الأولية في معالجة اختلالات المالية العامة والحسابات الخارجية. ولا تزال السياسة النقدية تتسم بالحذر مع استمرار البنك المركزي الأردني في تشديد السياسة النقدية، مما يضع الأردن في مصاف البلدان القليلة في المنطقة ذات أسعار فائدة حقيقية إيجابية.
وعلاوة على ذلك، لا يزال ضبط أوضاع المالية العامة يعتمد على زيادة الإيرادات المحلية، مما أدى إلى خفض عجز الموازنة وتحقيق فائض بسيط في الرصيد الأولي خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2023. غير أن نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي في الأردن المرتفعة بالأساس، واصلت ارتفاعها لتصل إلى 111.4% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022 (88.8% من إجمالي الناتج المحلي بعد تصفية حيازات صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي من الدين الحكومي)، مع استمرار الضغوط من قطاعي الكهرباء والمياه.
ومن جانبها، قالت د. هدى يوسف، الخبيرة الاقتصادية الأولى البنك الدولي: "لقد تعامل الأردن بحرص لاجتياز أوقاتا عصيبة، لكن القيود الهيكلية المترسخة لا تزال تلقي بظلالها على الاقتصاد. ولا يزال التحدي الرئيسي الذي يواجه الأردن هو خلق فرص العمل، حيث إن النمو الاقتصادي لم يُترجم بعد إلى زيادة في فرص عمل، لا سيما في القطاعات ذات الإنتاجية الأعلى. كذلك، من الضروري وضع الدين العام على مسار تنازلي لضمان استدامة المالية العامة على المدى الطويل وتهيئة بيئة اقتصادية داعمة للأجيال القادمة."
وفي المرحلة المقبلة، من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 2.6% في عام 2023. كما كذلك، من المتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري والمالية العامة إلى 6.6% و5.2% على التوالي، وتشير التقديرات إلى أن معدل التضخم سيتباطأ إلى حوالي 2.4%. وفيما تزال البيئة العالمية حافلة بالتحديات، من المتوقع أن يستمر تشديد الأوضاع النقدية وتباطؤ معدلات النمو لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين للأردن في عام 2023. ويؤثر الصراع والتوترات الجيوسياسية في المنطقة سلباً على إقبال المستثمرين على المخاطرة، وقد يؤدي ذلك إلى تعطل تدفقات التجارة، والنشاط السياحي (والقطاعات الأكبر الأخرى من خلال الروابط الخلفية والأمامية في الاقتصاد)، وتقلب أسواق الطاقة، والتأثير اللاحق على الاستهلاك وتكلفة الإنتاج.
ومع مواصلة الأردن اجتياز أوضاع اقتصادية صعبة وصدمات مستمرة، يعتبر التركيز المستمر على إطلاق الإمكانات الاقتصادية للمرأة عاملاً في غاية الأهمية في دعم مسار النمو والتنمية في الأردن على المدى الطويل.