ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية بغزة
قال الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، "إن ارتفاعا حادا طرأ على أسعار المواد الغذائية وتناقص توفرها في الأسواق، بشكل لم يشهده قطاع غزة من قبل، بسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لليوم الـ33”.
وأوضح الإحصاء، في تقرير هو الأول الذي يعده بشأن الوضع الاقتصادي في غزة خلال العدوان، أن أسعار السلع الاستهلاكية في قطاع غزة شهدت ارتفاعا حاداً نسبته 12% خلال شهر تشرين الأول الماضي، مقارنة بالشهر الذي سبقه.
وعزا الأثر الأكبر في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وخاصة الغذائية منها، إلى العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وفرض الحصار الكامل، وإغلاق المعابر، وقطع إمدادات المياه، والوقود، والغاز، إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود، بسبب شح الكميات، وعدم السماح بدخوله، إضافة إلى ارتفاع أجور النقل من شمال غزة إلى الوسطى والجنوب، في ظل النزوح المستمر للأسر.
وسجلت أسعار مجموعة المواد الغذائية والمشروبات ارتفاعاً حاداً نسبته 10% خلال العدوان، إذ شهدت أسعار المياه المعدنية ارتفاعاً نسبته 74%، فقد ارتفع سعر عبوة المياه المعدنية 1.5 لتر من شيقلين إلى 4 شواقل، خلال الحرب، مع شح توفرها في الأسواق، واللجوء إلى استخدام المياه غير الصالحة للشرب.
كما ارتفعت أسعار الخضراوات المجففة بنسبة 47% إذ يباع البصل الجاف ﺑ5 شواقل/ كغم، وارتفعت أسعار الخضراوات الطازجة بنسبة 32% إذ تباع البندورة ﺑ 7 شواقل/ كغم، وخيار البيوت البلاستيكية ﺑ 4 شواقل/ كغم، والكوسا ﺑ6 شواقل/ كغم، والباذنجان ﺑ3 شواقلا/ كغم، والفلفل الحار ﺑ 12 شيقلا/كغم، والفليفلة الحلوة ﺑ 9 شواقل/كغم، وارتفعت أسعار البطاطا بنسبة 30% إذ تباع ﺑ 4 شواقل/ كغم، وارتفعت أسعار الفواكه الطازجة بنسبة 27%، رغم شح توفرها ونفادها من الأسواق، إذ يباع التفاح ﺑ 7 شواقل،/ كغم، والليمون ﺑ 5 شواقل/ كغم.
وتراجعت القوة الشرائية للأسر الفلسطينية في قطاع غزة بنسبة 11% خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع، في شهر تشرين الأول مقارنة بشهر أيلول 2023، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار في أسواق غزة وشح توفرها بسبب نفاد مخزون المتاجر، وعدم تمكن الأسر من الوصول إلى مراكز التسوق، وفرض الإغلاق الشامل للمعابر، وعدم السماح بدخول المساعدات، ما أدى إلى تناقص الكميات الشهرية التي تشتريها الأسر في القطاع.
وبحسب بيانات استهلاك الأسر وإنفاقها، تحتاج الأسرة في قطاع غزة بالمتوسط الشهري إلى 56 كغم من الخبز والحبوب، منها 35 كغم من الطحين، كما تحتاج إلى 17 كغم من اللحوم والدواجن، منها 10 كغم من الدواجن الطازجة، كما تحتاج إلى 22 كغم من الفواكه الطازجة، و39 كغم من الخضراوات الطازجة، و9 كغم من البقول والخضراوات المجففة والمعلبة، و12 كغم من البطاطا شهريا، و13 لترا من المشروبات المرطبة "تشمل المياه المعدنية والغازية والعصائر”.
وفي ظل ارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية للنقود، فإن الأسر لم تتمكن من شراء هذا القدر من الكميات، ما سيشكل خطرا على حياة الأسر في القطاع.
وفي الوضع الطبيعي، تنفق الأسر في قطاع غزة ما نسبته 33% من متوسط دخلها على مجموعة المواد الغذائية والمشروبات، أي أن الأسرة تحتاج إلى 330 شيقلا من كل 1000 شيقل لشراء احتياجاتها من الطعام والشراب، ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 21% خلال شهر تشرين الثاني 2023 عما كانت عليه بسنة الأساس، فإن الأسرة أصبحت تحتاج إلى 1206 شواقل لشراء الكميات نفسها من سلع الطعام والشراب.
ولم يقتصر الارتفاع على السلع الطازجة، فقد طال الارتفاع أيضا السلع التي تعتمد على الوقود والمحروقات الغازية والمياه في إعدادها، إذ ارتفعت أسعار الخبز بنسبة 2% فتباع كيس الخبز 3 كغم بثمانية شواقل، وقد جاء كتحصيل حاصل لارتفاع أسعار الطحين وشح توفره في الأسواق، إذ ارتفعت أسعار دقيق الحبوب بنسبة 16%، فوصل سعر الـ50 كغم من الطحين إلى 150 شيقلا خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العدوان، فيما كان يباع 91 شيقلا، قبل السابع من تشرين الأول أكتوبر 2023، وسيتفاقم الوضع سوءاً خلال الأيام القادمة، في ظل استمرار شح توفر الطحين وخروج العديد من المخابز عن العمل بسبب استهدافها وتدميرها ونفاد الوقود وقطع إمدادات المياه.
كما طال الارتفاع السلع التي تعتمد على ثلاجات التبريد، وفي ظل انقطاع الكهرباء عن القطاع، ارتفعت أسعار الدجاج بنسبة 5.50% إذ يباع الدجاج ﺑ17 شيقلا/ كغم، فيما عزفت الأسر عن شراء اللحوم والأسماك الطازجة لعدم توفرها بتاتاً في الأسواق، كما ارتفعت أسعار البيض بنسبة 23%، إذ تباع كرتونة البيض 2 كغم ﺑ 18 شيقلا خلال أسابيع العدوان الثلاثة الأولى بعدما كانت تباع ﺑ 13 شيقلا قبل العدوان بأيام.
وشهدت أسعار الزيوت النباتية ارتفاعاً أيضاً في الأسعار بنسبة 5%، وأسعار الأرز بنسبة 8%، إذ يباع زيت الذرة 3 لتر ﺑ 34 شيقلا، والأرز 1 كغم ﺑ 9 شواقل.
وتجدر الإشارة إلى أن قيمة واردات قطاع غزة تصل بالمعدل إلى 89 مليون دولار خلال شهر تشرين الأول، منها 35 مليون دولار قيمة المواد الغذائية، أي ما نسبته 61%، تتركز معظمها في أهم السلع من أرز، وطحين، وزيوت، ولحوم ومياه معدنية.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بلغ عدد شاحنات المساعدات التي دخلت إلى القطاع حوالي 569 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والطبية والمياه، إلا أنها لا تكفي لتغطية احتياجات الأسر في القطاع، ولا تتوزع بطريقة عادلة فقد كان عدد الشاحنات اليومي الذي يدخل إلى القطاع قبل الحرب 500 شاحنة يومياً، أي بمعدل 15000 شاحنة شهرياً، وما دخل من شاحنات يعادل ثلث ما تحتاجه الأسواق في القطاع.
وتجدر الإشارة إلى أن 80% من سكان القطاع يتلقون مساعدات عينية ونقدية من مختلف المنظمات الأهلية العاملة في القطاع بحسب بيانات منظمات الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وبلغت نسبة الفقر حوالي 53% بين الأفراد في قطاع غزة وفقا لأنماط الاستهلاك خلال عام 2017، ويعاني 34% من الأفراد في القطاع من الفقر الشديد، وحوالي 54% من الأفراد في القطاع يقل دخلهم الشهري عن خط الفقر المدقع، ما فاقم الوضع سوءاً.
وفي ظل فرض الحصار الكامل على القطاع وعدم السماح بإدخال الوقود عبر المعابر، فقد ارتفعت أسعار الديزل بنسبة 129% وأسعار البنزين بنسبة 118%، فقد أصبح يباع لتر السولار أو البنزين ﺑ 20 شيقلا، بعد ما كان يباع 6.49 شيقل، و6.79 شيقل على التوالي، حاله كحال سلعة في سوق سوداء فهي نادرة الوجود. ويحتاج القطاع إلى حوالي 322 ألف دولار من البنزين، وحوالي 429 ألف دولار من السولار، وحوالي 164 ألف دولار من الغاز بالمتوسط لشهر تشرين الثاني لتغطية احتياج السوق من المحروقات.
ولم يقتصر الأمر على الوقود فقط، فقد أثر العدوان الإسرائيلي على القطاع بشكل سلبي في أجور النقل، ففي ظل نزوح العديد من الأسر من شمالي القطاع إلى الوسطى أو جنوب القطاع، ارتفعت أجور النقل بنسبة 179%، فبعد ما كانت تكلفة الراكب الواحد 4 شواقل أصبحت 100 شيقل لتنقله من شمالي القطاع إلى الوسطى، ومن 8 شواقل إلى 150 شيقلا لنقله من شمالي القطاع إلى جنوبه.
وتنفق الأسر في قطاع غزة ما نسبته 8% من متوسط دخلها على مجموعة النقل و10% من متوسط دخلها على مجموعة المسكن، وتحتاج الأسرة ما نسبته 7% من مختلف أنواع الوقود "المستخدم للمنزل، والسيارات”، وفي ظل ارتفاع أسعار مجموعة النقل بنسبة 125% خلال العدوان عما كانت عليه في سنة الأساس، فإن الأسرة أصبحت تحتاج إلى 2252 شيقلا للإنفاق على هذه المجموعة التي تشتمل على الوقود وأجور النقل بدلاً من 1000 شيقل.
ولم يشهد قطاع غزة ارتفاعاً في الأسعار كهذا الارتفاع من قبل حتى في حرب تموز وآب 2014 لم ترتفع أسعار السلع إلى هذا الحد، فقد سجل الرقم القياسي لأسعار المستهلك خلال شهر تموز 2014 ارتفاعاً نسبته 3% مقارنة بشهر حزيران، كما واصل ارتفاعه بنسبة 1% خلال شهر آب 2014 مقارنة بتموز، لتعود الأسعار لوضعها الطبيعي خلال الأشهر اللاحقة بعد 51 يوماً من العدوان خلال عام 2014.