نص كلمة غوتيريش التي استفزت إسرائيل

لاقت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مجلس الأمن بشأن حرب غزة تأييدا عربيا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، فيما قوبلت بعاصفة انتقادات من قبل السلطات الإسرائيلية وصلت حد المطالبة باستقالته.

سيدي الرئيس، بعد إذنكم، سأقدم مقدمة صغيرة ثم أطلب من زملائي أن يقدموا إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع على الأرض.

أصحاب السعادة،

إن الوضع في الشرق الأوسط يزداد خطورة كل ساعة.

إن الحرب في غزة مستعرة وتهدد بتفاقمها في جميع أنحاء المنطقة.

والشقاقات تقسم المجتمعات.. والتوترات تهدد بالغليان.

وفي لحظة حاسمة كهذه، من الأهمية بمكان أن نكون واضحين بشأن المبادئ - بدءاً بالمبدأ الأساسي المتمثل في احترام وحماية المدنيين.

لقد أدنت بشكل لا لبس فيه الأعمال غير المسبوقة التي ارتكبتها حماس في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

لا شيء يمكن أن يبرر قتل المدنيين وجرحهم واختطافهم عمداً – أو إطلاق الصواريخ على أهداف مدنية.

ويجب معاملة جميع الرهائن معاملة إنسانية وإطلاق سراحهم فوراً ودون شروط. وألاحظ بكل احترام وجود أفراد عائلاتهم بيننا.

أصحاب السعادة،

من المهم أيضًا أن ندرك أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ.

لقد تعرض الشعب الفلسطيني لـ 56 عاما من الاحتلال الخانق.

لقد رأى الفلسطينون أراضيهم وهي تلتهمها المستوطنات بشكل مطرد وعانوا من العنف العنف وتعرض اقتصادهم للخنق وتم تهجيرهم وهدم منازلهم.

وقد تلاشت آمالهم في التوصل إلى حل سياسي لمحنتهم.

ولكن مظالم الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تبرر الهجمات المروعة التي تشنها حماس.

ولا يمكن لتلك الهجمات المروعة أن تبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني.

أصحاب السعادة،

حتى الحرب لها قواعد.

وعلينا أن نطالب جميع الأطراف بالتمسك بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي واحترامها؛ الحرص المستمر في سير العمليات العسكرية على تجنب المدنيين؛ واحترام وحماية المستشفيات واحترام حرمة مرافق الأمم المتحدة التي تؤوي اليوم أكثر من 600 ألف فلسطيني.

إن القصف المتواصل لغزة من قبل القوات الإسرائيلية، ومستوى الخسائر في صفوف المدنيين، والتدمير الشامل للأحياء ما زال يتصاعد، وهو أمر مثير للقلق العميق.

إنني أشعر بالأسى للعشرات من زملائي في الأمم المتحدة الذين يعملون لدى الأونروا وللأسف، الذين قتل ما لا يقل عن 35 منهم -وما زال العدد في ازدياد – في القصف على غزة خلال الأسبوعين الماضيين.

وأنا مدين لعائلاتهم بإدانتي لعمليات القتل هذه والعديد من عمليات القتل المماثلة الأخرى.

إن حماية المدنيين أمر بالغ الأهمية في أي صراع مسلح.

إن حماية المدنيين لا يمكن أن تعني أبداً استخدامهم كدروع بشرية.

إن حماية المدنيين لا تعني إصدار الأمر بإجلاء أكثر من مليون شخص إلى الجنوب، حيث لا مأوى ولا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا وقود، ومن ثم الاستمرار في قصف الجنوب نفسه.

إنني أشعر بقلق بالغ إزاء الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي التي نشهدها في غزة.

اسمحوا لي أن أكون واضحا: لا يوجد طرف في نزاع مسلح فوق القانون الإنساني الدولي.

أصحاب السعادة،

ومن حسن الحظ أن بعض المساعدات الإنسانية بدأت تصل أخيراً إلى غزة.

لكنها قطرة من المساعدات في محيط من الاحتياجات.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن إمداداتنا من الوقود التي توفرها الأمم المتحدة في غزة سوف تنفد في غضون أيام. سيكون ذلك كارثة أخرى.

وبدون الوقود، لا يمكن إيصال المساعدات، ولن تتمكن المستشفيات من الحصول على الكهرباء، ولا يمكن تنقية مياه الشرب أو حتى ضخها.

يحتاج سكان غزة إلى تقديم المساعدات بشكل مستمر بمستوى يتوافق مع الاحتياجات الهائلة. ويجب تقديم تلك المساعدات دون قيود.

أحيي زملاءنا في الأمم المتحدة وشركاءنا في المجال الإنساني في غزة الذين يعملون في ظل ظروف خطرة ويخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة للمحتاجين. إنهم مصدر إلهام.

ومن أجل تخفيف المعاناة الهائلة، وجعل توصيل المساعدات أسهل وأكثر أمانا، وتسهيل إطلاق سراح الرهائن، أكرر ندائي من أجل وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

أصحاب السعادة،

وحتى في هذه اللحظة المليئة بالخطر الجسيم والمباشر، لا يمكننا أن نغفل عن الأساس الواقعي الوحيد للسلام والاستقرار الحقيقيين: وهو الحل القائم على وجود دولتين.

ويجب على الإسرائيليين أن يروا احتياجاتهم المشروعة للأمن تتحقق، ويجب أن يرى الفلسطينيون تطلعاتهم المشروعة إلى دولة مستقلة تتحقق، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة.

وأخيرا، يجب أن نكون واضحين بشأن مبدأ صون كرامة الإنسان.

إن تسونامي المعلومات المضللة يغذي الاستقطاب والتجرد من الإنسانية.

يجب علينا أن نقف في وجه قوى معاداة السامية والتعصب ضد المسلمين وجميع أشكال الكراهية.

السيد الرئيس،

أصحاب السعادة،

اليوم هو يوم الأمم المتحدة، بمناسبة مرور 78 عامًا على دخول ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ.

ويعكس ذلك الميثاق التزامنا المشترك بتعزيز السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان.

وفي يوم الأمم المتحدة هذا، وفي هذه الساعة الحرجة، أناشد الجميع التراجع عن حافة الهاوية قبل أن يحصد العنف المزيد من الأرواح وينتشر إلى مناطق أبعد.

شكراً جزيلاً.