تقاعد الكبار
صدرت الإرادة الملكية بعدم بطلان القانون المؤقت رقم 10 لسنة 2010 المعدل لقانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 1959، والذي أقرته حكومة سمير الرفاعي. وبموجب ذلك التعديل، تم إلغاء التعديلات التي أدخلت على القانون العام 1999، ومنحت النواب والأعيان رواتب تقاعدية. وعليه، يعود العمل بقانون "الرفاعي" الذي لا يعطي أعضاء مجلس الأمة ميزة الرواتب التقاعدية.
لقد كُتب الكثير حول الاسس البديهية للعدالة والمساواة وهي المؤهل الذي يُشرّف اي حاكم ولكن الحكومات المنقضية اجلها او القائمة حاليا تعامت عن هذه الحقيقة واستكثرت على نفسها ان تقوم بنفسها للسير على الخط الصحيح قد يكون طمعا ام كسلا ام عنادا ام إنشغالا وهل كان ذلك عن حسن نيّة ام عن سوئها لا يهم المهم انه لا يوجد حكومة اخذت او استحقّت هذا الشرف حتى جاء الحس الملكي مع شعور وإحساس شعبه ورفض قانون التقاعد المرفوع لجلالته ليوشّح بالارادة الملكية السامية بعد ان اقرّه كبار القوم الحكومة والنواب والاعيان فماذا بقي من اهل الحل والعقد سوى جلالة الملك الذي لا يقبل الضيم لبنوا قومه فقال لا للظلم ولا للطبقيّة ولا للتفرق بين الاردنيون لانهم سواسية امام القانون فكان توجيهه للحكومة ان إعدلي وضعي مشروع قانون عادل ومريح للاردنيون ونفسيّاتهم بحيث لا يكن مجالا للحسد والحقد وسوء التقدير .
ان قرار جلالة الملك هو خطوة إصلاحية غير مسبوقة وهي ثورة حقيقية على الظلم والطمع واستغلال القوة الوظيفية لاغراض ومكاسب شخصية .
ولعل الحكومة الرشيدة تستفيد من هذا التوجّه والتوجيه لتلتفت لامور اخرى يمجّها المجتمع الاردني وهي المحاسبة الفعليّة والحقيقيّة للفاسدين والمفسدين وعدم الاستمرار بالتحجج والتبجّح بعدم كفاية الادلة والقرائن لتمكين القضاة من إصدار احكام الا يكفي مبدئيّا ضياع اموال الدولة والمواطنين وشركاتها واراضيها ومقدّراتها وبالمقابل ثراء مواطنين ومسؤولين بلا اسس واضحة وازمان كافية لجمع تلك الثروات والمراكز والعقارات وغيرها........
دولة يصيح الفاسدون والمسؤولون انّها فقيرة ماليّا ومائيّا وتراهم يلطشون ما بقي فيها من مال لجيوبهم وما فيها من ماء الى بركهم للسباحة واكتساب اللون البرونزي يا لها من كبيرة من الكبائر في حق الشعب الغلبان الذي يعمل ليل نهار في بلده وبلاد الغير دون كلل او ملل ليكسب قوت اطفاله
فقد آن للعدالة ان تاخذ مجراها في رفع الدعم عن رواتب المناصب العليا وفي تحرير الاموال من الفاسدين المجرمين في حق الاردن والاردنيين فقد اقر المواطنون وأكّدوا ولائهم للعرش الهاشمي ورفضهم للتخريب والدمار وكل اشكال المؤامرات التي تُحاك ضد الاردن وشعبه ومقدّراته واجهزته الامنيّة ورفضوا اي هتافات تخرج عن الموضوعيّة واللياقة .
ونستطيع القول ان الشعب الاردني بسلميّته في المطالب وان جلالة الملك برفضه لظلم العباد استطاعا ان يولّدا حسّا لدى الشركات والمؤسسات الخاصّة بحيث تسابق بعضها لتدفع التعويض المقرر لاعضائها والعاملين فيها بدل تحرير اسعار النفط عن الحكومة للتخفيف عن الموازنة والتي نرجوا ان تحذو حذوها بقيّة مؤسسات وشركات الوطن ككل .
والآن جاء دور الموسرين والاغنياء واصحاب الرواتب العالية بان يشعروا بوجع الوطن والشعب وان يعتبروا ان الضيق والازمة يجب ان يتحملها الجميع بقدر استطاعة كل منا فالفقير عليه الصبر على تحمل صعوبة الحياة والغني عليه ان يجود بماله للمساهمة بتخفيف وطأة الازمة الماليّة والحكومة عليها اكبر العبأ بأن تكشف عن قضايا الفساد والفاسدين واسترداد الاموال المنهوبة من الشعب وإعادة ضخّها في الخزينة لإحياء الأمل في نفوس الاردنيين بان الوطن بخير وسيعبر العاصفة وان الاردنيين ما زال الخير معقود بنواصيهم وان الطفل الاردني سوف يتربّى ويكبر على صيت ابائه واجداده عندما وقفوا مع وطنهم حين اشتدّت الخطوب وضاقت ولما أستحكمت حلقاتها فرجت وظننت أنها لن تفرج .
حمى الله الاردن وطنا وشعبا وقيادة وسلّمه من كلّ مكروه .
احمد محمود سعيد
21/11/2012