400 خبير في قمة الأردن للأمن السيبراني

لا يتوقف اليوم الحديث والاهتمام المتزايد و" القلق" حيال موضوعة الأمن السيبراني محليا وعربيا وعالميا، والكل يتجهز ويحتاط لأي احتمال لاختراق أو تهديد امني الكتروني يستهدف الأمن والاقتصاد في عالم رقمي يشهد هجمة سيبرانية كل 11 ثانية وفقا لدراسات عالمية، الامر الذي ارجعه خبراء لخمسة أسباب رئيسية.


وشهد الأردن خلال الشهر الحالي تنظيم قمتين ضخمتين ناقشتا موضوعة الامن السيبراني وجمعت متخصصين من الأردن والمنطقة والعالم، وهو ما يؤشر الى الاهتمام بالامن السيبراني في عالم الرقمي غير آمن على الاطلاق والامكانية فيه دائما موجودة للتعرض لتهديدات امنية متواصلة، ما يستدعي تركيزا وحوارا مستمرا للتوعية والتجهز باستراتيجيات والاستثمار في ادوات الحماية وبناء القدرات البشرية في هذا المجال.

وأكد خبراء محليون أن اول واهم اسباب الاهتمام بالأمن السيبراني هو الانتشار المتزايد لاستخدام الانتنرت بكل تقنياتها والاعتماد المتزايد عليها في شتى مناحي الحياة، حيث تظهر التقارير العالمية الى ان عدد مستخدمي الانترنت حول العالم تجاوز خمسة مليارات مستخدم منهم 11.3 مليون أردني.

وبين الخبراء أن السبب الثاني للاهتمام والاستثمار في الامن السيبراني هو التحول الرقمي الكبير الذي تشهده القطاع الحكومي والقطاعات الاقتصادية كافة، والذي يجب ان ترافقه دائما وسائل حماية وتحوط من الهجمة السيبرانية خشية اختراق او الحصول على البيانات او تعطيل الانظمة الالكترونية.

وأشاروا الى أسباب اخرى منها: قلة وعي الناس والمؤسسات بأهمية الأمن السيبراني، وتطور شبكات الاتصالات بحجوم كبيرة من البيانات المتاحة للاختراق، وخصوصا البيانات الشخصية والمالية.

وأكدوا أن من الاسباب الرئيسية للاهتمام والقلق بموضوعة الأمن السيبراني هو النقص في الموارد البشرية المؤهلة والخبيرة في المجال، وهو ما يتطلب جهدا كبيرا لتوفيرها باعلى المعايير والمؤهلات والخبرات.

والأمن السيبراني يمكن تعريفه وفقا للقانون على انه الاجراءات المتخذة لحماية الانظمة والشبكات المعلوماتية والبنى التحتية الحرجة من حوادث الامن السيبراني والقدرة على استعادة عملها واستمراريتها سواء اكان الوصول اليها بدون تصريح او سوء استخدام او نتيجة الاخفاق في اتباع الاجراءات الامنية او التعرض للخداع الذي يؤدي الى ذلك
الاسباب من آراء الخبراء تدعمها ايضا الدراسات والارقام العالمية المرصودة والمتعلقة بالامن السيبراني.

واحدة من الدراسات العالمية تعكس ان الهجمات والجرائم الالكترونية هي من أسرع الجرائم انتشارا على مستوى العالم، ففي عام 2021 حدثت هجمات إلكترونية (كل 11 ثانية) عالميا أي تقريبًا ضعف ما كان عليه الوضع في عام 2019 (كل 19 ثانية)، وأربعة أضعاف المعدل قبل خمس سنوات (كل 40 ثانية) في عام 2016
ومن جهة اخرى تظهر الدراسات العالمية بأن حجم الاقتصاد الرقمي العالمي بلغ قرابة 14.2 تريليون دولار في العام 2021 ومن المتوقع أن يرتفع حجمه الى 20.8 تريليون في العام 2025

ووفقا للدراسات بلغت قيمة الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الهجمات السيبرانية حول العالم في عام 2021 حوالي 6 تريليون دولار، من المتوقع ان ترتفع الى 10.5 تريليون دولار في العام 2025.

وعلى صعيد متصل بلغ حجم سوق الأمن السيبراني قد سجلت وفقا للدراسات العالمية 270 مليارا في العام 2019 وبأن هذا الرقم سيرتفع الى 600 مليار دولار في العام 2027.

الدراسات المحايدة تظهر بأن هناك وظائف شاغرة في الأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط بمقدار 150 الف وظيفة شاغرة بحاجة الى تعبئتها، وبأن هذه الى أن هذه الصناعة ستبقى تعاني من نقص وفجوة في الكوادر البشرية المتخصصة في الأمن السيبراني حتى نهاية العام 2030 وفقا لدراسات عالمية.

وصف وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة حالة الاهتمام الكبيرة من قبل الجميع اليوم بموضوعة " الأمن السيبراني" بشكل عام بانها " حالة قلق " لسببين: الاول استمرارية التهديدات السيبرانية دون توقف واستحداث طرق جديدة ومبتكرة للقرصنة، والثاني هو الانتشار الكبير للرقمنة في حياتنا اليومية، وخصوصا بين اجيال الشباب الذين يؤمنون اليوم بكل ما هو رقمي وبالتالي زيادة امكانية تعرض شريحة واسعة من الناس اليوم وفي المستقبل للهجمات السيبرانية.

وبين الهناندة ان الفضاء السيبراني قد فرض نفسه على الجميع وكل شيء يتحول حولنا الى الرقمية من تواصل وتجارة ودفع وغيرها من تفاصيل الحياة، وكل ذلك هو عرضة للاختراقات الامنية والتهديدات السيبرانية ما يستدعي الاحتياط والتجهز من قبل الحكومات والقطاعات كافة لمواجهة الخطر.

واكد الهناندة بأن جيل الشباب وهو يشكل اليوم 60 % من المجتمعات العربية كله يؤمن ويستخدم المنصات الرقمية في كل تفاصيل حياته والانتشار المستقبلي سيكون كبيرا اذ سينتقل الناس من العالم الحقيقي الى العالم الافتراضي ما يتطلب تنظيما لهذا التواجد الافتراضي بكل إيجابياته وسلبياته ومن هذه السلبيات هو مراعاة موضوعة الامن السيبراني.

وأكد الوزير اهمية تعزيز المهارات الرقمية عند الشباب وتاهيلهم في مجال الامن السيبراني الذي يزدهر ويتطلب وظائف مستقبلية كثيرة، مشيرا الى ان الامن السيبراني ينتظره كصناعة نموا كبيرا خلال السنوات المقبلة.

الخبير في مجال الامن السيبراني الدكتور عمران سالم يرى بان الامن السيبراني يتطلب جهداً متواصلاً وتفاني في تطبيق مجموعة شاملة من الإجراءات والتدابير لحماية الأنظمة الحكومية والمعلومات الحساسة من التهديدات السيبرانية، ومن القطاعات الاقتصادية كافة.

واكد سالم بانه يجب على الحكومات اتخاذ مجموعة من التشريعات والإجراءات والتدابير الأمنية، مشددا على اهمية ايجاد التشريعات والقوانين التي تلعب دورًا حاسمًا في زيادة الأمان في الدول على مستوى المؤسسات العامة والخاصة والشركات والأفراد.

وقال ان التشريعات تساعد في تحديد المسؤوليات القانونية للأفراد والمؤسسات فيما يتعلق بالأمان السيبراني، وذلك يشمل متطلبات حماية البيانات الشخصية، والتقارير عن انتهاكات الأمان، وواجبات الإبلاغ عن التهديدات.

وبين ان التشريعات تحدد عقوبات قانونية لأولئك الذين ينتهكون الأمان السيبراني، مما يشمل الهاكرز والمخترقين والمتسببين في الانتهاكات، وهذه العقوبات تكون عادة مكافحة لتحفيز الامتثال للأمان.

وقال ان التشريعات تسهم في تعزيز الوعي والتوجيه و تشجع على تعزيز الوعي بأمور الأمان السيبراني وتقديم توجيهات للمؤسسات والأفراد حول كيفية حماية أنفسهم وأصولهم الرقمية، وتشجيع استخدام التقنيات الآمنة من خلال توفير حوافز مالية أو إعفاءات ضريبية للمؤسسات التي تتبنى معايير الأمان العالية.

واكد اهمية التشريعات في تنظيم قطاع الأمان السيبراني: التشريعات يمكن أن تؤسس لهياكل تنظيمية لرصد وتنسيق أنشطة الأمان السيبراني على مستوى الدولة، مثل وكالات أمان السيبراني.

واشار الى اهمية القوانين والسياسات في تعزيز التعاون العالمي في مجال الأمان السيبراني من خلال التبادل المعلوماتي والتعاون في مكافحة التهديدات السيبرانية العابرة للحدود، ووجيه والزام الشركات والمؤسسات بتنفيذ أمور الأمان السيبراني والامتثال لمعايير معينة، مما يضمن حماية العملاء والبيانات الحساسة.

في الاردن تظهر الارقام الرسمية الصادرة عن المركز الوطني للامن السيبراني بان عدد الحوادث السيبرانية في النصف الأول من العام الحالي بلغ 1087 حادثة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، والتي بلغت 544 حادثه، بارتفاع نسبته 99.8 بالمئة.

من جهته اكد الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات المهندس بسام السرحان بان موضوعة الامن السيبراني والاهتمام بها ووضع اطر تنظيمية لها وسياسات واجراءات اصبح من الضرورات اليوم وذلك مع التطور اللافت الذي تشهده معظم شبكات الاتصالات.

واكد بان الاهمية تتزايد مع دخول شبكات الجيل الخامس التي من المتوقع ان تتيح سرعات اعلى ومعالجة بيانات مضاعفة، وهو ما يتطلب رفع معايير الاحتياط لمنع الهجمات السيبرانية عبر هذه الشبكة المتطورة.

وقال السرحان ان الاهتمام بالامن السيبراني يزيد في حقبة الجيل الخامس لان هذه التقنية تتيح ربط عدد كبير من الاجهزة في الوقت نفسه وخصوصا مع تطبيقات المدن الذكية والدفع الالكتروني وانترنت الاشياء وهي تطبيقات تزيد فيها احتمالية الاختراقات الامنية.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة " ترو ماركتس ثري دي" ، المتخصصة في الحلول التفاعلية والواقع الافتراضي ، عبد الكريم العتيبي ان الاهتمام من قبل الجميع اليوم في الحكومة او القطاع الخاص بالامن السيبراني ياتي نتيجة عمليات التحول الرقمي المتزايدة والاعتماد على التقنية واجهزتها وامكانية تعرضها للاختراق التي زادت من الاهتمام بالتبعية بالامن السيبراني.

وقال العتيبي ان حماية المعلومات من الاختراق اليوم هو امر ضروري واصبح متطلبا اساسيا يزيد من ثقة العملاء بالشركات والمؤسسات، كما انه يعزز البيئة الاستثمارية في الدول التي يحظى فيها الامن السيبراني بالاهتمام.

واشار العتيبي الى اهمية وجود حوكمة وتشريعات وسياسات ترعى وتعزز الامن السيبراني في الدول المختلفة تعكسها على القطاعات الاقتصادية كافة، لافتا في الوقت نفسه الى اهمية التوعية للافراد والمؤسسات واصحاب القرار بضرورة الاستثمار في الامن السيبراني وادواته المختلفة.
 
الغد