من هم صعاليك البوتاس ... يا عامر الحياصات ؟


من هم صعاليك البوتاس ... يا عامر الحياصات ؟

باديء ذي بدء ، اود الاشارة الى عنوان المقال البذيء ، والذي لا يتناسب مع واقع الحال ، لياتي هذا المقال ، مع سلسلة مقالات نشرها المهندس عامر الحياصات ، ونشط بها منذ عدة اسابيع فقط ، وكلها تهاجم شركة البوتاس ، ونشتم منها رائحة الحقد الشخصي

ولا بد هنا ان اذكر السيد عامر الحياصات ، بان الصعاليك ثلاث فئات ، عاشت في الجزيرة العربية قبل الاسلام ، فئة المخلوعين عن قبائلهم ، وفئة ابناء الحبشيات ، الذين لم يعترف ابائهم بنسبهم ، والفئة الثالثة حولت الصعلكة الى ما يشبه الفروسية ، وجميع هذه الفئات امتهنت مهاجمة قوافل التجارة والحجاج لسلبهم ونهبهم ، لكن الفئة الثالثة كانت توزع ما تسلب على الفقراء ،غير ان مفهوم الصعاليك هذه الايام يشير الى قطاع الطرق ، الذين يمارسون السلب والنهب ، فالى اي فئة من هولاء نسبت عمال البوتاس وكل العاملين فيها ، ايها البليغ الفصيح ؟

هل عمال البوتاس ، الذين بنوا وحافظوا وصانوا صرحا اقتصاديا ، يعتبر من اعمدة الاقتصاد الوطني الاردني ، ورافدا دائما للخزينة الاردنية منذ انشائه ، حقق النجاح المستمر في انجاز الخطط الانتاجية على مدار عشرات السنين ، وفي تحقيق الارباح بنسب مختلفة ، واداروا المصانع بالسواعد الاردنية ، وساهموا بتطويرها وتوسعتها ، وضحى العديد منهم بحياته ، واصيب العشرات بعاهات دائمة ، عدا الاصابات العادية ، وعاش البناة الاوائل ، في اصعب الظروف ، وفي بيئة محرومة ومسحوقة من كل شيء ، وهم من كان يطلق عليهم اهل الخيمة ، هل كل هولاء هم الصعاليك ؟

هل تعرف ياسيد عامر ، كيف كانت الاغوار الجنوبية قبل واثناء انشاء مصانع البوتاس ، وكيف اصبحت الان بفضل البوتاس ، اعتقد انك لم تكن قد ولدت بعد ، او كنت صغيرا ، تلعب في الشارع وانت ترتدي الفوطة ، عندما ضحى الاوائل من بناة البوتاس ، وعندما كان يسابق عمال البوتاس الزمن ، في انجاز اعمال الصيانة بوقت قياسي ، حفاظا على ديمومة الانتاج ، للوصول الى الخطة الانتاجية السنوية وتجاوزها دائما ، بهمة العاملين وتضحياتهم ، تحت شمس الاغوار الحارقة ، لقد واصلوا الليل مع النهار ، وعملوا في الفترات الحرجة ثلاثون ساعة متواصلة ، ليس طمعا في العمل الاضافي ، بل لاداء الواجب الوطني

لقد كانت الرواتب زهيدة ، ولم يكن العمل الاضافي يستحق كل هذا العناء ، كان العمال يعملون مجبرين رغم انهاكهم ، لانهم امام مسؤولية وطنية ، لا يمكن لعمال البوتاس ان يناموا وينام المصنع معهم ، بل كانوا يصلون الليل بالنهار ، لابقاء المصنع مستيقظا ، وتبقى راية الانتاج خفاقة طيلة الايام ، وعلى مدار ال 24 ساعة ، وان توقفت معدة تؤثر على الانتاج ، فستكون هناك اشبه بحالة طواريء ، يحضر العمال من منازلهم ، بعد ايقاظهم من النوم ، لانجاز الاصلاح والتشغيل الامن للمعدات ، انها يا عامر قصة كفاح ، انها قصة حرب من اجل الوطن ، كما الجنود الابطال على جبهة القتال

كان عمال البوتاس يعيشون نفس حالة الجنود على الجبهة ، وفي نفس البيئة الجغرافية ، ارض الاغوار ، ارض البطولة والتضحية والشهادة ، في حر الصيف اللاهب ، وبساطة ما يتوفر لهم من طعام ، هل مثل هولاء اصبحوا في رايك قطاع طرق ، يمارسون سلب القوافل ؟

هل نسيت يا عامر ، ان البوتاس صرح للكرامة والشهادة ، جبلت ارضه بدماء ابناء الوطن ، من ابناء قواتنا المسلحة الباسلة ، التي خاضت على ارض البوتاس ، ارض الاغوار ، معارك الشرف ، الا تخجل من هذه التسمية للبوتاس ، وانت تعلم تضحيات ابطال سلاح الهندسة الملكي ، الذي ضحوا بارواحهم من اجل تنظيف منطقة المصانع من الالغام

بالتاكيد لم تسمع عن الغام عديدة ظهرت لاحقا امام عمال البوتاس ، كانت قادمة من الطرف الاخر من البحر الميت ، ولم تسمع عن شهداء الانتاج من عمال البوتاس ، وعن الدماء التي نزفت منهم جراء اصابات العمل ، وبالتاكيد لا تعلم انهم في كثير من المواقع ، يواجهون الموت غير ابهين لانجاز عملهم ، وخطر الاصابة يتهددهم وهم يعلمونه ، ولكنهم يتحدونه ، هل تظن ان العمل في البوتاس ، هو استجمام على شواطيء البحر الميت ؟

ام انك تود القول ، ان من قصدتهم بصعاليك البوتاس ، هم المدراء وليس العاملين ، رغم ان عنوان مقالك قد عمم الصعلكة على جميع ابناء البوتاس ، وهنا اود ان اذكرك ، بان نسبة كبيرة من المدراء ، هم من قدامى العاملين في البوتاس ، ومنهم من عاش الظروف التي ذكرتها سابقا ، وبالتالي فهم عاشوا المعاناة ، قبل ان يصبحوا مدراء , اما فئة المدراء حديثي التعيين ، فليس لنا معرفة بتاريخهم ومعاناتهم ، وهم جميعا ابناء الكادحين ، وليسوا من ابناء الذوات ، وبالتاكيد كان لهم معاناة ما ، وان كان منهم السيء ، فليس باستطاعتنا ان نستبدل شعبنا ، ونستورد شعبا اخر .

من متابعة تدفق مقالاتك الفجائية ، فقط في الاسابيع القليلة الماضية ، وتخصصك في مهاجمة شركة البوتاس ، والتركيز على ايراد اسمها في العنوان ، مترافقا مع كلمات لا تنم الا عن كراهية ، ولا تعبر عن اي حقيقة علمية او منطقية ، ولا تنم الا عن اسلوب كاتب هاو ، امتشق سيف الكتابة حديثا لينفث احقاده ، وانا هنا ادعو جميع من يهمهم الامر ، الى ان يبحثوا عن اسمك في جوجل ، ويطلعوا على ما كتبت عن البوتاس ، وانا متاكد انهم لن يستطيعوا الخروج ، ولو بجملة واحدة مفيدة ، تلخص ما رميت له في هذه المقالات ، سوى نفث الكراهية والحقد ، لغرض في نفس يعقوب .

اغلب الظن ايها الكاتب الهاوي ، انك تستهدف بكتاباتك ، فقط الاساءة لشخص رئيس مجلس الادارة الحديث العهد ، المهندس جمال الصرايرة ، والتشويش عليه ، وتريد تحميله اوزار سلبيات ماض ليس له علاقة بها ، مع انك لم تتطرق الى اي سلبية ، ولم توضحها لمن يقرأ مقالاتك ، لكنها اصبحت معروفة في الاردن ، واهمها غياب العدالة ، في هيكلة الرواتب التي اقرت عام 2008 ، والتي لم تتطرق لها البتة ، وكما يتضح من تاريخها ، فقد جرت قبل اكثر من اربع سنوات ونصف ، بينما رئيس مجلس الادارة الجديد ، قد تولى منصبه قبل حوالي خمسة اشهر فقط .

هل تعلم يا عامر الحياصات ، ماذا صنع رئيس مجلس الادارة الجديد ، المهندس جمال الصرايرة ، منذ بداية توليه لمنصبه ؟ لقد صنع الابتسامة على الوجوه ، وزرع الامل في القلوب ، عندما اقترب من قلوب جميع العاملين ، صغيرهم قبل كبيرهم ، اتمنى ان ينشر الموقع الاخباري الصورة التي سارفقها ، وهي تظهر ضحكات من القلب ، يتبادلها رئيس مجلس الادارة الذي تهاجمه ، مع عمال البوتاس ، وليس مع المدراء

هذه الصورة وغيرها من الصور العديدة المعبرة ، التقطت في فندق موفينبك البحر الميت في رمضان الماضي ، اثناء مادبة افطار اقامها الرئيس لعمال البوتاس ، كل عمال البوتاس ، مع عائلاتهم ، ومعظمهم لم يدخل فندقا فاخرا في حياته ، لقد اجتمع في هذه المادبة ، عامل البوتاس من ابناء الاغوار ، مع الفني والسائق والاداري والمدير ، اجتمعوا في قاعة واحدة ، احضروا عائلاتهم وجلسوا معا ، لا كبير بينهم ولا صغير ، يتناولون نفس الوجبات ، وهم الذين عملوا في البوتاس عشرات السنين

ولم يتحقق لهم مثل هذا التكريم ، وهل تعلم اجمل ما كان في هذا الحفل ، لا ابالغ ان قلت لك ، انه حضور رئيس مجلس الادارة ، الذي غمر المكان فرحا ، بضحكاته واحاديثه الودية مع الجميع ، لقد قتل الرئيس الجديد ، الخوف من قلوب العاملين جميعا ، بعد ان فقدوا الامن الوظيفي لسنوات عديدة ، وغادر الجميع والاطمئنان والفرح يملأ قلوبهم ، فهل هناك اجمل من هذا الانجاز ، في زمن العنجهية والتكبر ؟

لن احدثك يا عامر عن الانجازات الاخرى ، اعادة دراسة الهيكلة الظالمة التي اقرت عام 2008 ، تحقيق اكبر انجاز لعمل البوتاس ، بمنح من تم تعيينه بعد عام 1986 مكافاة نهاية خدمة ، بعد ان اوقفت عن الموظفين الجدد فقط بعد ذلك التاريخ ، اعادة شركة البوتاس الى حضن الوطن ، من خلال دعم المجتمع المحلي وفي كل ارجاء الاردن ، من مدارس ، وبلديات ، ومستشفيات ، ومراكز صحية ، ورياض اطفال ، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني ، وهي مساهمات تصب في مصلحة الوطن والمواطن ، وقد حاولت تشويهها ، وكانها توزيع للمغانم على المحاسيب ، انها اعمال خيرية ، وانجاز وطني يعين الحكومة والوطن ، في هذه الظروف الصعبة .


لن احدثك عن الجهود التي تبذل ، لاستعادة اسواق البوتاس ، بعد ان حاولت اسرائيل الاستحواذ على سوق البوتاس العالمي ، مساهمة منها مع غيرها في التامر على الاردن لاخضاعه ، في الوقت الذي يعاني فيه من مديونية هائلة ، وعجز في الميزان التجاري ، وازمة اقتصادية تعلمها بالتاكيد ، وما حضور اجتماع اتحاد الاسمدة الهندية بداية الشهر القادم ، الا احدى معارك استعادة الاسواق ، وانت الذي حاولت في مقال اخر ، الاساءة لرئيس مجلس الادارة وادارة البوتاس ، بتضخيم تكاليف السفر لحضور المؤتمر ، وجولات التسوق في الهند خمسة عشر ضعفا من كلفتها الحقيقية ، التي تقاسمتها البوتاس مع الفوسفات ، متجاهلا اهمية الزيارة ، ومردودها على الاقتصاد الوطني .

واخيرا اود يا اخ عامر ، ان ادعوك للكف عن نفث الاحقاد الشخصية ، وتغليفها بغلاف المصلحة الوطنية ، فاهل مكة من رجال الدولة الشرفاء ، امثال المهندس جمال الصرايرة ، يعرفون شعابها جيدا ، وتاريخ هذا الرجل ، في دورتين لمجلس النواب ودورتين وزاريتين ، يشهد له ، وما يؤكد ذلك ، عدم الاقتراب منه بكلمة سوء ، في خضم المعركة الشعبية ضد الفساد ، التي طالت عشرات المسؤولين ، لكنها لم تجد ذرة شبهة في تاريخ جمال الصرايرة ، وهو المعروف بالتقوى والورع والايمان التصوفي ، وفي الوطنية والاخلاص للاردن وطنا وشعبا وقيادة .

مالك نصراوين

m_nasrawin@yahoo.com

20/11/2012