غريغوري راسبوتين.. قصة الرجل الملعون والغامض

تاريخ البشرية مليء بالشخصيات الغريبة والمثيرة للجدل، ومن بين هؤلاء الشخصيات يبرز اسم غريغوري راسبوتين، الرجل الذي أثار الدهشة والرعب في آن واحد. تتلبس قصة حياته بالعديد من الأحداث المروعة والغامضة، مما جعله يبقى محط أنظار العالم حتى اليوم.

 

بدأت حياة راسبوتين بظروف قاسية، حيث ولد في عائلة مليئة بالنحس. في سن الثانية عشرة، تعرض منزله لحريق مروع أودى بحياة والدته، وبعد ذلك جرفه النهر وفقد شقيقه ميشيل. وبينما كان يعتقد البعض أنه لقي حتفه أيضًا، تم إنقاذه من قبل أحد الفلاحين. غاب راسبوتين في غيبوبة طويلة، ولدى استفاقته اكتشف أنه يتمتع بقدرات خارقة، فقد كان يستطيع شفاء الجروح بلمسة واحدة. هذه القدرات الغريبة جعلته يكتسب شهرة واسعة كعلاجٍ مُعجِز.

 

تزوج راسبوتين وأنجب أربعة أطفال، لكنه كان يعيش حياة متناقضة. فبالرغم من الحياة العائلية التقليدية، كان ينغمس في الفساد وشرب الخمور. وبالفعل، أصبح قائدًا لمجموعة من اللصوص واشتهر بعلاقاته الجنسية الفاضحة، مما جعله يحصل على لقب "راسبوتين”، وهو كلمة روسية تعني "الفاجر”.

 

ولكن تغيرت حياة راسبوتين تمامًا عندما تعرض لاتهامات بسرقة حصان. هرب من القرية وتخفى في أحد الأديرة، حيث اعتنق الرهبنة وأصبح راهبًا. كانت هذه الفترة تحولًا كبيرًا في حياته، حيث ابتعد عن العالم الدنيوي وركز على الروحانية والتأمل.

 

تدخل راسبوتين في الأمور السياسية والدينية، وأصبح مستشارًا للقيصر الروسي نيقولا الثاني وزوجته القيصرة ألكسندرا. كان يعتقد أنه يتمتع بقدرات روحية تمكنه من قراءة أفكار الآخرين والتنبؤ بالأحداث المستقبلية. لكن سرعان ما تحولتتفاقم الأمور بالنسبة لراسبوتين، حيث بدأت الشائعات تنتشر بشأن نفوذه وتأثيره الكبير على القيصر والقيصرة. اتهمه البعض بأنه يستغل هذه العلاقة لتحقيق مكاسب شخصية والتلاعب في السياسة الروسية. كانت هناك مجموعة من الأشخاص المؤثرين داخل الحكومة الروسية يرون في راسبوتين تهديدًا لسلطتهم ويعتبرونه سببًا للفساد والانحلال الاجتماعي.

 

وفي عام 1916، حدثت حادثة تعززت بسببها سوء سمعة راسبوتين. أُصيب الابن الوحيد للقيصر والقيصرة، أليكسي، بمرض الهيموفيليا، وكانت حالته حرجة. حاول راسبوتين علاج الصبي باستخدام قدراته الروحية، وقد تدخل في القرارات الطبية بشكل مباشر، مما أثار غضب العديد من الأشخاص والجهات السياسية.

 

وفي نهاية المطاف، في ديسمبر 1916، قام مجموعة من النبلاء باغتيال راسبوتين في محاولة لإنهاء نفوذه. حاولوا قتله بالرصاص وتسميمه، لكنه استمر في الحياة لبعض الوقت قبل أن يلقى حتفه بعد تعرضه للضرب المبرح. تمت محاكمة وإعدام المشاركين في الاغتيال في وقت لاحق.

 

بعد وفاة راسبوتين، تلاشت الكثير من الشائعات والأساطير حوله، وأصبحت حياته موضوعًا للدراسة والتحليل. يُعتبر راسبوتين شخصية مثيرة للجدل، فهو في آنٍ ملهم ومروع، وتبقى قصته تجذب الاهتمام وتثير الفضول حتى اليوم.