الاحتجاج ليس بالتخريب

"الاحتجاج ليس بالتخريب والاصلاح ليس من جيب المواطن"


كما ان كل مواطن مخلص شريف وكل انسان عاقل يرفض بل يُجرّم الاعتداء على المؤسسات والممتلكات العامّة والخاصّة وعلى الافراد في القطاع الخاص والعام والاجهزة الامنيه ويعتبر ذلك جريمة تستحق العقاب الوارد في قانون الجنايات لانها إعتداء على الغير وممتلكاتهم ولا يُعتبر ذلك باي حال مندرج تحت حريّة التعبير عن الرأي ولا تبيحه اي اعراف او قوانين في جميع الدول.


كذلك ان ما اقرّته الحكومة من قرارات اقتصادية للتضييق على المواطن بحجّة الوضع المالي الخطير الناتج عن العجز في الموازنة او تسديد المديونية او انقطاع الغاز المصري وفاتورة الطاقة ومشتريات الوقود فان كل ذلك ليس من مسؤولية المواطن لأنّ ذلك يعود لسنوات قديمة نتيجة عوامل منها عدم كفائة وزراء الحكومات في التخطيط طويل الامد ووضع البدائل،وعدم وجود خطة لادارة الازمات وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على مكافحة الفساد بل شجعته بطرق مباشرة وغير مباشرة وبمشاركة بعض المتنفذين فيه و القرارات والتعليمات والقوانين الخاطئة التي وضعتها الحكومات والكادر وسلم الرواتب الذي اوجد فروقا وظلما بين فئات الموظفين والخصخصة وما نتج عنها من ضياع للاموال والوظائف وعدم اتخاذ اجراءات حاسمة او وضع بدائل استراتيجية للطاقة وعدم وجود برامج توعوية للترشيد كافية ومجدية للمواطنين.

ان تلك العوامل بعض من كثير أسّس لوجود طبقة غنيّة وبعضها ذات ثراء فاحش كما قضى على الطبقة الوسطى وعظّم الطبقة الفقيرة والمعدمة في البلد واوجد بعض المظاهر السيئة في المجتمع مثل الحقد والحسد والانانيّة وضياع بعض العادات الحميدة مثل النخوة والتكافل الاجتماعي وصدق التعامل والشفافية واحدثت تغييرات في المجتمع الاردني وثقافته ونتيجة لذلك تكونّت بيئة خصبة لتنامي الفاسدين وممارسة الفساد باريحيّة اكثر بحيث اصبحت ثقافة الفساد هي السائدة واثّر ذلك على المسؤولين وحتّى على تحويلات الفاسدين الى القضاء او المؤسسات الخاصّة بذلك بحيث اصبحت القضايا الصغيرة بل التافهة هي التي تُحوّل للتغطية على القضايا الكبيرة ومرتكبيها حيث بات لهم شركاء في الغالب من المتنفّذين .


ان هذا التغيّر في ثقافة وسلوكيّات المجتمع الاردني سببه الحكومات الضعيفة وقراراتها الخاطئة حيث انعكست تلك السلوكيّات على الحكومات نفسها فقلّت هيبتها وخفّت سطوتها مما اثّر على المجالس النيابيّة من خلال حالات التزوير والمال الانتخابي والحوافز والعطايا والرواتب للنواب والتي اصبحت مكتسبة حسب القوانين مما جعل تلك المجالس شريكا للحكومة في اخطائها وسلوكيّاتها المؤثّرة سلبا على المجتمع والوضع المالي والاقتصاد وبدأ تراكم العجز والمديونية بشكل واضح منذ اكثر من خمسة عشر عاما

ولم تلتفت الادارة الاردنيّة الى عواقب ذلك بل ان الحكومات اخذتها العزّة بالاثم حتّى وصلنا هذه النقطة وبتأثير للربيع العربي وللضنك الذي يعيشه المواطن الاردني محدود الدخل والفقير على حد سواء وفي المقابل الرفاه التي تعيشها طبقة صغيرة العدد ولكنها كبيرة الثراء في المملكة بحيث زاد الشعور بالحقد والحسد على الوضع السائد

واعتقدت الادارة الاردنية ان تغيير الحكومات قد يحلْ المشكلة وتعود الثقة بين الحكومة والمواطن
حتّى جاء التعديل الاخير وعهد جلالة الملك لرجل فاضل كبير بالسن عُرف بمعارضته لاخر اربع حكومات ومعارضته لقانون الانتخاب وتعديل قانون المطبوعات وحاول دولة الرئيس ان يُفهم الشعب ان الوضع المالي والاقتصادي في المملكة مرعب

وان هناك خطرا على الدينار الاردني اذا استمر الوضع كما هو وان الحل الوحيد هو رفع الدعم وتحرير اسعار المشتقّات النفطية وانه سيتخذ اجراءت تقليصية وادارية تتعلق بالدمج والالغاء لبعض المؤسسات والوزارات ولم يتطرّق لفروق الرواتب او الرواتب الفلكية وكانت هذه احد المآخذ على تلك الخطوات التي كان من المفروض اتخاذها قبل قرار الرفع إضافة انه مسّ مادتين مهمّتين هما الغاز ووقود اغلبية المواطنين (السولار والكاز) وفي وقت عصيب بداية فصل الشتاء.


فما كان من المواطنين الا انهم خرجوا عفويا للاحتجاج على هذا القرار وكان بعد ذلك ما كان يُخشى منه وهو تسلل بعض المغرضين والاشرار للاعتداء وتخريب الممتلكات العامة والخاصّة بل والاعتداء على الغير واضطر الامن العام والدرك التعامل بقسوة مع تلك الجموع لعدم تمييزها بين المحتج والمجرم .


ويجب على الحكومة ان تكون واقعيّة وتسمع للشارع عن اوجاعه وتحاول ان تعالجها وفي نفس الوقت ان تسرع في الخطوات والاجراءات التي من شأنها تخفيف النفقات والاعباء المالية واللجوء الى تشريع اللازم للحصول على المزيد من الاغنياء والجهات الميسورة دون التأثير على تشجيع الاستثمار في المملكة كما يجب على المواطنين ان يكونوا يقظين لئلاّ يقعوا في حبائل الفتنة وكذلك على الاحزاب والجماعات المنظمة بموجب القانون ان تعمل على التهدئة ووضع الحلول المقبولة بالتعاون مع الحكومة للسير بعمليات الاصلاح المطلوبة .
حمى الله الاردن وطنا وشعبا وقيادة من اي مكروه .