ما حكم إمامة الصبي المميز في الصلاة؟ .. "الافتاء الأردنية" تجيب

قالت دائرة الافتاء الاردنية بأن إمامة الصبي المميز تصح وهو من بلغ سبع سنوات من العمر إن كان متقناً لقراءة القرآن الكريم ولديه العلم بأحكام الصلاة بوجود البالغ الذي توفرت فيه شروط صحة الإمامة، ولكن العلماء نصوا على الكراهة في هذه الحالة.

جاء ذلك في اجابتها على استفسار مفاده "نرى في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة إمامة الشباب الصغار أصحاب الأصوات الجميلة في المساجد، فهل يوجد عمر محدد للإمام؟".

وتاليًا اجابة الافتاء كاملة:
"الإمام في صلاة الجماعة هو مقدَّم الناس إلى الله تعالى، يقودهم في أعظم شعيرة من شعائر الإسلام وهي الصلاة، ولذلك كان لمقامه منزلة رفيعة في ديننا، أول من تولاها نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم اقتدى به الأئمة من بعده، ولأجل التوفيق في هذه الوظيفة العظيمة جاء دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للأئمة، كي يوفقهم الله عز وجل في رعاية حقوق الإمامة، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ) رواه أبو داود، وقوله صلى الله عليه وسلم: (الإمام ضامن) يشتمل على كثير من معاني الضمان التي اتفق عليها أهل العلم في أبواب صلاة الجماعة.

والأولى أن يقدم للإمامة الأفقه أي: الأعلم بأحكام الصلاة، ثم الأقرأ، ثم الأكبر سناً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) قَالَ الْأَشَجُّ فِي رِوَايَتِهِ: مَكَانَ سِلْمًا سِنًّا. رواه مسلم.

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه [المجموع شرح المهذب 4/ 279]: "السنة أن يؤم القوم أقرؤهم وأفقههم؛ لما روى أبو مسعود البدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى وأكثرهم قراءة، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنا) وكان أكثر الصحابة رضي الله عنهم قراءة أكثرهم فقهاً؛ لأنهم كانوا يقرؤن الآية ويتعلمون أحكامها، ولأن الصلاة يفتقر صححتها إلى القراءة والفقه فقدم أهلهما، فإن زاد أحدهما في القراءة أو الفقه قدم على الآخر، وإن زاد أحدهما في الفقه وزاد الآخر في القراءة فالأفقه أولى؛ لأنه ربما حدث في الصلاة حادثة يحتاج إلى الاجتهاد، فإن استويا في الفقه والقراءة ففيه قولان، قال في القديم: يقدم الأشرف، ثم الأقدم هجرة، ثم الأسن وهو الأصح".

والأولى أن يؤم المصلين الرجل البالغ المتقن للتلاوة، والعالم بأحكام الصلاة على الترتيب السابق ولو لم يكن صوته جميلاً في التلاوة، وتصح إمامة الصبي المميز وهو من بلغ سبع سنوات من العمر إن كان متقناً لقراءة القرآن الكريم ولديه العلم بأحكام الصلاة بوجود البالغ الذي توفرت فيه شروط صحة الإمامة، ولكن العلماء نصوا على الكراهة في هذه الحالة.

قال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله تعالى: "وتصح القدوة للكامل وهو البالغ الحر بالصبي المميز للاعتداد بصلاته؛ "ولأن عمرو بن سلمة بكسر اللام كان يؤم قومه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ست أو سبع"، رواه البخاري، ولكن البالغ أولى من الصبي وإن كان الصبي أقرأ أو أفقه للإجماع على صحة الاقتداء به بخلاف الصبي، وقد نص في البويطي على كراهة الاقتداء بالصبي" [مغني المحتاج 1/ 483].

وعليه؛ فالبالغ العالم بأحكام الصلاة هو أولى من يقدم للإمامة، ولا ينبغي تقديم الصغار للإمامة مع وجود كبير متقن، لكن لو تم ذلك صحت صلاته مع الكراهة، مع مراعاة ألا يكون في تقديمه للإمامة التسبب بالخلاف والتنازع بين المصلين في المسجد. والله تعالى أعلم".