"أزمة أدوية" متوقع والسبب : حرب السودان

تنتج دولة السودان ما يقارب على 70% من الإنتاج العالمي من مادة الصمغ العربي التي تدخل في صناعة الأدوية والمشروبات الغازية, وبالتالي فإن المعارك في السودان وضعت هذه المنتجات على المحك, خصوصا وأن إجمالي ما خزنته الشركات المصنعة من الصمغ يكفي لمدة 6 أشهر كحد أقصى.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فرضت عقوبات على السودان في مطلع التسعينات, لكن تلك العقوبات استثنت مادة الصمغ العربي وذلك لدخوله في تركيب العديد من الأدوية.

وتخرج غالبية هذه الكمية من منطقة تعرف باسم "حزام الصمغ العربي"، والتي تمتد في ولايات كردفان ودارفور والنيل الأبيض، الغنية بشجرة "أكاسيا سنغال" أو شجرة الهشاب، يجمعه المزارعون، ثم ينقلونه إلى مخازن كبرى، ومنها للمصانع والمصدرين.

على صعيد متصل, أعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء نيتها تنفيذ هدنة جديدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع, بعد الهدنة الأخيرة التي انتهت بسبب تجديد الاشتباك بين الطرفين, مما تسبب بوقوع عشرات القتلى ومئات الجرحى.

هذه الهدنة المتوقعة لن تمرّ بهدوء فوق الأحداث في السودان, وذلك لأن الطرفان ما زالا يتصارعان للأسباب ذاتها, وهو الوصول إلى السلطة, حيث يزحف كل منهما باتجاه الآخر فوق جثث المدنيين من المواطنين والأطباء والعسكر.


ووصف تقرير صحافي أنه ومع انقطاع إمدادات المياه في أجزاء من الخرطوم، ارتفعت حالات الإصابة بأمراض خطيرة حيث سعى اليائسون إلى تخفيف عطشهم عن طريق الشرب مباشرة من نهر النيل".

وحذّرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من أن أكثر من 800 ألف شخص قد يفرّون إلى الدول المجاورة، ومع تزايد عزلة المدنيين في جميع أنحاء العاصمة السودانية ونفاد الإمدادات الحيوية، قال الأطباء ومنظمات الإغاثة إن نظام الرعاية الصحية في البلاد على وشك الانهيار.

وقال الخبير العسكري والإستراتيجي الأردني اللواء فايز الدويري في حديث صحافي: "إن حسم الجيش السوداني لمواجهاته مع قوات الدعم السريع عسكريا، ممكن، لكن يحتاج إلى إعادة صياغة المقاربة العسكرية بطريقة مختلفة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن "فاتورة تكاليف ذلك الحسم ستكون باهظة".


ورأى بأن المقاربة التي يعمل على تحقيقها الجيش، هي إضعاف قدرات قوات الدعم السريع العسكرية، بحيث يجبرها ذلك على القبول بمقاربة سياسية تعطيها الحجم الحقيقي، ولا تمنحها فرصة النزوع للسيطرة على السودان.


وأضاف أن الجيش لم يتمكن من فرض سيطرة كلية على المشهد لاعتبارات سياسية، منها عقد 6 هدنات كان واقعها أقرب للتهدئة، مؤكدا أن ما يحدث من مواجهات لا يمكن وصفه بقتال المدن بالمعنى الحرفي، بل هي مواجهات منفصلة مؤطرة بأماكن محددة كمحيط القصر الرئاسي ومقر القيادة العامة والمطار.