ايها الاردنيون لا يغني حذر من قدر
من الواضح جدا وبحسب ما يرشح من تصريحات بأن الدعم سيرفع لا محالة، بحسبان انه قدر قدره الله تعالى على الأردنيين، وشر لا بد منه..فهذه القصة قديمة جديدة بقيت تراوح مكانها منذ ما يقارب الخمس سنوات
والكل يذكر المحاولات التدريجية لرفع الدعم، والتي كانت تتناغم مع الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية آنذاك...ولسوء الحظ فإن وقت المناورات قد انتهى وأصبحت الحكومة بين خيارين لا ثالث لهما (كما تدعي) إمّا رفع الدعم أو انهيار الدينار والاقتصاد !!!؟؟؟؟؟؟
أمّا الطرف الثاني للمعادلة وهو الشعب، فمن الواضح أيضا انه سلم لقضاء الله وقدره وينتظر ساعة الصفر لكي يرى ما سوف تؤول إليه الأوضاع التي هي في الأساس سيئة جدا...وينتظر ليرى إلى أين سيوصله المغامرون والمتاجرون بالمناصب والجاه على حساب المبادئ والقيم، أولئك الكاظمين مصلحة العباد العافين عن الفساد
وبعيدا عن لغة التحذير والوعيد التي تطلقها بعض الأحزاب والحراكات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني حول الآثار التي سوف يخلفها رفع الدعم...فإن المواطن الأردني البسيط حرص منذ بداية الربيع العربي على أن يلتزم بتقديم أولوية الوطن وأمنه واستقراره على أولويات الإصلاح السياسي، واظهر معظم أبناء الشعب الأردني التزاما مسئولا تجاه محاولات الكثيرين من قنّاصي الفرص الذين لم يوفروا جهدا ولم يدخروا كيدا في إثارة الشارع وإيصال الوضع إلى ما لا تحمد عقباه ...
لكن الدافع على هذا الحرص له فلسفه خاصة يتميز بها الأردنيون.. تنطلق هذه الفلسفة من حقيقة مفادها "القناعة بما هو موجود والمحافظة عليه" فالمواطن الأردني يقدّر النعمة التي يعيش فيها مقارنة مع الأسوأ وليس مع الأفضل فتجد أن لسان حال اغلب الأردنيين حينما يتعلق الأمر بالمظاهرات والمسيرات والمطالبات الخ.. يقول ...نحمد الله على نعمة الأمان ونحن أفضل من غيرنا..
ولم يكن الشعب الأردني مثاليا في طموحاته بل انه رضي بالقليل...وجاءت ترجمة هذه الفلسفة من خلال غض الطرف عن جميع السلبيات ما ظهر منها وما بطن ليس عن جهل بل عن حرص... والنظر دائما إلى الجانب الممتلئ من الكأس حتى لو كان اقل من النصف...
لكن وللأسف فإن الجانب الفارغ من الكأس الأردنية بدأ يطغى ويتغوّل على الجانب المليء الذي لا شك أن رفع الدعم سوف يجفف قليله الذي كان يسلي وحشة المواطن ويؤنس وحدته..وشكّل حجة لتعظيم الايجابيات، ورصيدا لكل عاقل يخاف على مصلحة الأردن وأمنه واستقراره .. نراه اليوم على وشك أن يكسر!!!
حتى لا يبقى لهذا الشعب حجة أو دافع يدفعه للدفاع عن وطنه، ولا اعتقد أن البديل النقدي للرفع سوف يجبر الكسر أو يغطي الجرح أو حتى يسكن الألم.. وكأن لسان الحال يقول أيها الأردنيون لا يغني حذر من قدر.