للمرة الأولى.. إيران وعُمان تصومان مع العالم العربي
في ظاهرة غابت عن العالم العربي والإسلامي لأعوام، سيبدأ المسلمون في دول عدة من بينها السعودية وإيران وسلطنة عمان ومصر وقطر والكويت والبحرين والإمارات والعراق وفلسطين والأردن، صيام شهر رمضان هذا العام الخميس بعد إعلانات متعاقبة خلال الساعات الأخيرة أن اليوم الأربعاء الموافق 22 مارس (آذار) هو المكمل لشهر شعبان وأن الخميس غرة شهر رمضان 1444هـ.
ولطالما كان تحديد بداية شهر رمضان ونهايته يعتبر واحداً من الخلافات الدائمة بين دول العالم الإسلامي، إذ تتباين الطرق التي تتبعها الدول في تحديد رؤية الهلال، وأحياناً يخضع لتأويل النص الشرعي، فيما تلجأ بعض الدول إلى الاعتماد على دول أخرى تمثل مرجعية دينية لها في تحديد بداية الصوم ونهايته.
وكانت أبرز تلك التباينات تتجلى في ما بين السعودية والدول الخليجية ومعها مصر في مقابل إيران وسلطنة عمان وأحياناً العراق واليمن.
وخلال العام الهجري الحالي، شهدت الدول العربية والإسلامية اختلافاً في تحديد غرة شهر شعبان، مما كان يؤشر إلى احتمالات التباين في شأن تحديد بداية رمضان، إذ كان شهر رجب في دول عدة من بينها السعودية ومصر والكويت وقطر 29 يوماً ليبدأ شهر شعبان الثلاثاء 21 فبراير (شباط) فيما كان شهر رجب في دول أخرى مثل إيران والمغرب والأردن وسلطنة عمان 30 يوماً، لتكون بداية شهر شعبان الأربعاء 22 فبراير.
توافق لافت
خلال العام الحالي، بدى لافتاً توافق معظم الدول العربية والإسلامية على بداية رمضان، إذ أعلنت كل من السعودية ومصر وإيران وقطر والكويت والبحرين والإمارات والعراق وفلسطين ومصر وليبيا وتونس أن أول أيام الشهر سيكون غداً الموافق 23 مارس.
ومساء أمس، أعلنت السعودية أن غداً هو أول أيام شهر رمضان، وجاء في بيان للمحكمة العليا السعودية أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس) أن اليوم "هو المكمل لـلـ30 من شهر شعبان"، بالتالي الخميس هو "غرة شهر رمضان المبارك لهذا العام".
وكذلك أوردت الوكالة أن دائرة الأهلة في المحكمة العليا عقدت جلسة "للنظر في ما يردها حول ترائي هلال شهر رمضان المبارك لهذا العام"، لكن تبين "عدم ثبوت رؤية هلال شهر رمضان المبارك مساء" أمس.
من جانبها، أوردت وكالة الأنباء القطرية على "تويتر" أن "لجنة تحري رؤية الهلال بوزارة الأوقاف تعلن غداً الأربعاء المتمم لشهر شعبان 1444هـ والخميس غرة شهر رمضان"، في إشارة إلى تعذر رؤية الهلال.
وفي الكويت، أعلنت هيئة الرؤية الشرعية تعذر رؤية هلال رمضان، مساء أمس ليكون الخميس أول أيام الشهر الكريم، وفق ما أفادت صحيفة "القبس" المحلية، كما أوردت وكالة الأنباء الإماراتية أن اليوم هو المتمم لشهر شعبان وأن غداً سيكون أول أيام شهر رمضان في البلاد بعد تعذر رؤية الهلال.
بدوره، أعلن مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين في بيان بثه تلفزيون فلسطين الرسمي أنه "تعذرت رؤية هلال شهر رمضان في الأراضي الفلسطينية مساء أمس"، مشيراً إلى أن اليوم هو المتمم لشهر شعبان والخميس هو أول أيام شهر رمضان.
وفي العراق، أعلن الوقف السني أن غداً أول أيام شهر رمضان، مع تعذر رؤية الهلال، فيما لم تعلن بعد المرجعية الشيعية العليا في العراق تحديد غرة شهر رمضان.
وفي إيران، صرح عضو هيئة الاستهلال بمكتب المرشد الإيراني حجة الإسلام علي رضا بأن غداً هو أول أيام شهر رمضان في إيران، موضحاً أنه سيكون من الممكن رؤية الهلال بالعين المجردة اليوم خلال الغروب.
كذلك، أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في سلطنة عمان مساء اليوم ثبوت رؤية هلال شهر رمضان للعام الهجري 1444 ليكون الخميس أول أيام شهر الصيام.
ومع إعلان دار الإفتاء المصرية أن اليوم هو المتمم لشهر شعبان، وأن غداً هو أول أيام رمضان، نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن المجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف أن الخميس أول أيام الشهر بعد تعذر رؤية الهلال، كما أعلن كل من لبنان والسودان وليبيا وتونس واليمن الأمر ذاته.
ووفقاً لإمساكية رمضان، سيكون عدد أيام رمضان للعام الحالي 29 يوماً فقط، مع توقع أن يكون عدد ساعات الصيام نحو 14 ساعة في أول أيام الشهر بمعظم الدول العربية والإسلامية، بما فيها مصر والسعودية وقطر والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، وكذلك تركيا وإيران، على أن يحتفل المسلمون بعيد الفطر الجمعة الموافق 21 أبريل (نيسان) المقبل.
كذلك سيكون اليوم الأول من رمضان لهذا العام الأقصر في عدد ساعات الصيام، ثم تزداد بعد ذلك تدريجاً، ليكون عدد ساعات الصيام في آخر يوم نحو 15 ساعة مع احتمال الزيادة أو النقصان بضع دقائق بالتفاوت بين بلد وآخر.
لماذا التباين قائماً؟
لطالما كان تحديد موعد بداية شهر رمضان ونهايته واحداً من الخلافات الدائمة بين دول العالم الإسلامي.
ويرجع التباين بشكل رئيس إلى اختلاف الطرق التي تتبعها الدول في تحديد رؤية الهلال وتأويل النص الشرعي، فيما تلجأ بعض الدول إلى الاعتماد على دول أخرى تمثل مرجعية دينية لها في تحديد بداية الصوم ونهايته.
وكانت أبرز تلك التباينات تتجلي في ما بين السعودية والدول الخليجية ومعها مصر في مقابل إيران وسلطنة عمان وأحياناً العراق واليمن.
كذلك تختلف الدول في ما بينها حول مفهوم رؤية الهلال الذي يعد المعيار الرئيس لتحديد مطالع الأشهر الهجرية بحسب الشريعة الإسلامية، والتي تعني أن يخرج المتخصصون من الهيئات الشرعية للبحث عن الهلال بعد غروب يوم 29 من الشهر الماضي، إذ يحددها بعضهم برؤية العينين، وبعضهم الآخر بالتلسكوبات، وفريق ثالث يرى أن الحساب الفلكي هو صورة من صور الرؤية، وترى معظم الدول العربية دمج الحساب الفلكي في صور الرؤية الأخرى لإعطاء نظرة متكاملة وصحيحة.
وإجمالاً يبدأ الشهر القمري في التقويم الإسلامي مع ظهور الهلال، مما يعني أن شهر رمضان يبدأ وينتهي مع ظهور هلال بداية الشهر، وتعتمد معظم الدول الإسلامية في تحري الهلال على لجان مكونة من فقهاء وعلماء فلك، فيقوم هؤلاء باستطلاع الهلال في الـ29 من شعبان في كل مكان ممكن، عملاً بمبدأ الرؤية المكانية، ونظراً إلى أن القمر الجديد (الهلال) لا يرى بسهولة في سماء الليل، فقد أصبحت التقنيات المساعدة (المراصد) تستخدم للتأكد من رؤية الهلال، بينما تتمسك دول بضرورة الرؤية المجردة للهلال، ومن بينها سلطنة عمان.
وبحسب فقهاء، يأتي اختلاف موعد بدء شهر رمضان بين دولة وأخرى، إثر صعوبة تحري الهلال في بعض الأحيان، بسبب وجود ما يحجب الرؤية، أو صعوبة رؤية القمر من بعض المواقع.