سوريون يبحثون عن الكمأة وسط الألغام.. رحلات مميتة

في لحظة أضحت "سارة" المنحدرة من ريف منطقة السلمية في سوريا، يتيمة الأبوين بعد أن خطفهما الموت، أثناء البحث عن الرزق في الصحراء.

تسبب البحث عن "الكمأة" في بادية حماة وحمص وسط سوريا في سقوط مئات الضحايا من السوريين، (يصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 12 دولارا أمريكيا) في الأسواق السورية.

تروي سارة قصتها الحزينة، مشيرة إلى أن والدتها عمدت إلى إعداد بعض الشطائر لتأكلها مع والدها في سفرهما للبحث عن الكمأة مع 36 من الجيران في القرية.

وأضافت: "أذكر الأحداث بدقة قبلني والدي وطلب مني أن أغلق الباب جيدا وما هي إلا لحظات حتى جاءت سيارة شحن كبيرة استقلها الجيران ووالداي ذهبت بهم باتجاه البادية تجر خلفها صوتها المدوي الذي لم نعد نسمعه منذ ذلك الصباح".

وقالت: "صحراء حماة وحمص معقل لتنظيم (داعش) منذ 2013 ما حولها لساحة حرب، حيث عمدت أطراف النزاع إلى زرع الألغام الفردية والجماعية على تخوم خطوط السيطرة والمعارك الأمر الذي حول الصحراء لحقول للكمأة التي يبحث عنها السوريون لرزقهم من جهة ولمخلفات الحرب التي يفرون منها من جهة أخرى".

ومنذ فبراير/ شباط 2023 حتى نهايته قضى أكثر من 73 شخصا في بادية حماة جراء انفجار ألغام ومخلفات حربية أثناء بحثهم عن الكمأة فيما أصيب أكثر من 97، بحسب إحصائية غير نهائية لمشفى سلمية الوطني شرقي محافظة حماة.

مضت 3 أيام ولم يعد والدي سارة التي كانت تنتظر عودتهما ببعض المال حتى تشتري ثوبا جديدا كما وعدها والدها، بيد أن الألغام ومخلفات الحرب قضت على الحلم البريء.

وبحسب "أسامة ملحم"، طبيب بمستشفى سلمية الوطني، فإن 11 شخصا من ريف حماة الشرقي فارقوا الحياة في حين أصيب 22 بجروح متفاوتة الخطورة جراء انفجار لغم أرضي بسيارتهم أثناء البحث عن الكمأة شرقي حماة.

وبحسب التقرير السنوي للتحالف الدولي للقضاء على الذخائر العنقودية والحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، فإنّ سوريا سجّلت الحصيلة الأعلى في العالم في عام 2020 بعدد ضحايا الألغام الأرضية ومخلفات الحرب، إذ قُتل 2729 شخصاً جلّهم من المدنيين ونصفهم من الأطفال، فيما بلغ العدد الكلي للمصابين 7073 شخصاً.

وكان مكتب برنامج الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، نشر منتصف العام 2022، تقريراً تحت عنوان: "الذخائر المتفجرة في سوريا: التأثير والعمل المطلوب"، قال فيه إنّ نصف سكان سوريا معرضون لخطر المتفجرات.

وأشار التقرير إلى أنّ نحو 50% من المقيمين داخل سوريا مهددون بالتعرض لانفجار نحو 300 ألف ذخيرة متفجرة فشلت في الانفجار خلال الحرب التي استمرت لـ11 عاماً.