المهمة المستحيلة....
عندما يعاني الانسان من متاعب صحية تصيب الجسم فإنه لايتردد في مراجعة الطبيب المختص لتشخيص المرض الذي يعاني منه وبعد ذلك يتم كتابة الوصفة الطبية ويتم بيان كيفية اخذ الدواء الذي يعتبر ترياق للشفاء من المرض المشخص من قبل الطبيب وعند مراجعة الصيدلية من اجل أخذ العلاج وفي حال عدم توفر احد الادوية الموصوفة يتم الاتصال بالطبيب لأخذ الموافقة على علاج بديل فإذا وافق على العلاج البديل في حال عدم توفر العلاج الاصلي يتم صرف العلاج البديل .
كذلك حال الحكومة في تعاطيها مع رفع الدعم عن المشتقات النفطية فهي على مايبدو قد حسمت امرها في اتخاذ القرار كوصفة وحيدة وعدم دراسة بدائل أخرى ولكنها محرجة في اعلانه وهي مترددة بالتوقيت بل هي تحاول تمرير القرار بأقل الخسائر, وما سلسلة اللقاءات التي تقوم بها مع اطياف المجتمع المختلفة الا لهذه الغاية وان هذه اللقاءات بعيدة كل البعد عن الحوار لأنها ليست معنية بمناقشة البدائل بقدر اهتمامها بكيفية تمرير القرار غيرالمقبول شعبياً والتي لا تستطيع التنبؤ عما ستكون عليه ردة الفعل الشعبية في حال تم الاعلان عن القرار0
إن الحكومة يحدوها الأمل بإمكانية نجاحها في تبرير وتمريرمشروع القرار وبأقل التكاليف وهي في حالة لاتحسد عليها من الحيرة حيثُ تعيش لحظة اللاحسم وشيء من التردد والإرباك قبل الاعلان عن القرار وجدت من المناسب وضع بعض التصورات والحقائق قبل اتخاذ القرار لعل وعسى ان تأخذ الحكومة بعض من هذه الحقائق والتصورات الأولية بما يضمن مصلحة جميع الاطراف:-
1- الدعوة لعقد مؤتمر وطني يتم دعوة كافة القوى وأصحاب الخبرة في الاقتصاد لمناقشة الضائقة المالية التي تمرفيها البلاد ودراسة البدائل والأفكار لإنقاذ الاقتصاد من الحالة التي يعيشها والخروج بتوصيات ملزمة للجميع وبرنامج تصحيح وطني بإمتياز.
2- يجب الوفاء بما التزمت به الحكومة بإعلان آلية التسعيرة للمشتقات النفطية وماهي الكلفة الحقيقية لكل نوع منها بكل شفافية وصراحة كما أن الحكومة مطالبة بإعلان الاتفاقية التي تم توقيعها مع صندوق النقد الدولي .
3- الإفصاح بشكل تفصيلي لأرقام الموازنة وأوجه الإنفاق لبند النفقات وخاصة الجارية منها والمتعلقة ببند الرواتب.
4- عدم محاولة التفكير بالاقتراب من أموال الضمان الاجتماعي لمعالجة الضائقة المالية سواء أكان ذلك بطلب الاقتراض كون المديونية للبنوك المحلية وصلت حد لايمكن قبوله وتهدد السيولة الموجودة بتلك البنوك او الطلب من المؤسسة بإستثمار اموالها بمشاريع اقتصادية مخاطر الاستثمار فيها عالية.
.
5- اعادة النظر بمشروع الهيكلة بعد ما يقارب عام من تطبيقه ومعرفة مواضع الخلل من خلال دراسات محايدة تبين كلفة المشروع المالية وتبعاته على الموازنة العامة وهل تم دمج المؤسسات التي تقوم بأنشطة متشابهة وهل تم تطوير العمل بالأجهزة الحكومية من خلال الخدمة التي تقدمها وهل تم رفع كفاءة الكادر البشري.
6- دراسة الكلفه الاجتماعية من خلال تنامي مظاهر العنف والانحراف والسلوكيات الخارجة عن المألوف والاعراف والقانون لتبرير تأمين لقمة العيش وتهديد السلم الاجتماعي والا ما ظاهرة سرقة السيارات في الآونة الاخيرة الادليل على ذلك وكذلك ما سيؤديه من إرهاق لجهود المؤسسة الأمنية لموجهة هذه المظاهر وماسيرافق الاعلان عن قرار رفع الاسعار من احتجاجات واحتقانات.
قد تكون الحكومة بهذا التوقيت غير معنية بالالتفات الى أي صوت أوتحذير أو النظر لأي اقتراح يمكن أن يخفف من تبعات القرار أويخفف العبء على جيب المواطن وهي ماضية بكل حزم وبكل ما ملكت من وسائل الاقناع لعل وعسى ان تنجز المهمة التي يبدو أنها مستحيلة لعدم توفر الظروف والبيئة المناسبة.