هل نباح الكلاب إشارة على اقتراب حدوث الزلازل فعلا؟
بعد وقوع الزلازل المُدمرة في مناطق تركيا وسوريا في بداية فبراير 2023، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الصور ومقاطع الفيديو التي توثق تلك الكارثة لحظة وقوعها وبعد ضربها للعديد من المناطق.
ومن مقاطع الفيديو التي رصدتها كاميرات المراقبة وكاميرات الهواتف، فيديوهات لطيور تُحلق بشكل غريب ومُتقطع فوق المباني وفي السماء، وفيديوهات أخرى لارتفاع صوت عواء الكلاب والحركة الغريبة للقطط.
ومع كل زلزال يضرب المنطقة في شتى أنحاء العالم، يبدأ العالم بالحديث عن قُدرة تنبأ الحيوانات باقتراب وقوع الكارثة أو الزلزال على عكس البشر، لهذا بدأ يتساءل ملايين الأشخاص حول العالم عن حقيقة تلك المعلومة.
بحسب ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، زعم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أن الحيوانات كانت تتصرف بشكل غريب قبل الزلزال الهائل الذي بلغت قوته 7.8 درجة والتوابع القوية.
في حين لم تتمكن الصحيفة الأميركية من التحقق من اللقطات على الفور، فإن فكرة أن الحيوانات يمكنها اكتشاف الزلازل القوية قبل البشر كانت نظرية موجودة منذ العصور القديمة على الأقل.
بحث علمي يدعم تلك النظرية عُثر على بحث علمي يدعم تلك النظرية، حيث يقول العلماء إنه بنفس الطريقة التي يمكن أن تلتقط بها آلات رصد الزلازل الهزات التي لا يمكن اكتشافها لجسم الإنسان، فإن الحيوانات مجهزة بشكل أفضل لاستشعار الصدمات والهزات الصغيرة، التي تنتقل عبر الأرض قبل ثوانٍ من ظهور موجات زلزالية أقوى، بل يقول بعض الباحثين إنهم قد يكونون قادرين على الإحساس بها قبل الهزات.
ووفقًا للمسح الجيولوجي الأميركي، فإن سلوك الحيوانات غير الطبيعي في الثواني التي سبقت الزلزال يفسر بالفرق بين شكلين من الموجات الزلزالية، هي الموجات الأولية، أو P، وهي أول الموجات التي تنبعث من الزلزال، وتنتقل بسرعة عدة كيلومترات في الثانية من مركز الزلزال.
تقول هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن هذه الملحوظة تنطبق أكثر على الحيوانات التي تستطيع تتبع موجات P بموجات ثانوية أقوى، أو موجات S، والتي تهز الأرض بحركة متدحرجة.
وتنص إرشادات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية على أن "قلة قليلة من البشر تشعر بالموجة P الأصغر، التي تنتقل أسرع من مصدر الزلزال وتصل قبل الموجة S الأكبر، لكن يمكن للعديد من الحيوانات التي تتمتع بحواس أكثر حدة أن تشعر بالموجة P قبل ثوانٍ من وصول الموجة S".
قال مارتن ويكيلسكي، مدير معهد ماكس بلانك لسلوك الحيوان الذي قاد دراسة حول هذا الموضوع: "يوجد مؤشر جيد جدًا على أن الحيوانات تشعر حقًا بمسببات الزلازل، والتي لا تكون نشاطًا زلزاليًا".
وقال ويكيلسكي إن أسباب رد فعل الحيوانات على نحو غير عادي لم تتضح بعد، لكن "هناك مؤشرات على أنه يمكنها إخبارنا بشيء ما، كيف يفعلون ذلك، نحن لا نعرف حتى الآن".
ويعتقد ويكيلسكي أن قدرتها على الشعور بالخطر ربما تكون مرتبطة بقدرتها على التواصل مع بعضها بعضا.
وعلى الرغم من أن مراجعة علمية في عام 2018 رصدت 700 شهادة مسجلة لسلوك حيواني غير طبيعي قبل الزلازل، فإن الباحثين دعوا إلى مزيد من الأدلة قبل استخلاص النتائج.
تسونامي وشهود عيان في عام 2004 تسبب تسونامي نتيجة زلزال بقوة 9.1 درجة تحت سطح البحر قبالة إندونيسيا، في تدمير المجتمعات الساحلية حول المحيط الهندي، وهو ما أسفر عن مقتل 225 ألف شخص على الأقل في اثنتي عشرة دولة، ويعود السبب في هذا العدد الهائل من القتلى إلى حقيقة أن العديد من المجتمعات المحلية لم تتلق أي تحذير.
ولكن خرجت العديد من القصص التي سردها شهود عيان بعد وقوع تسونامي، وحسب ما قاله العديد من شهود العيان بدا أن بعض الحيوانات تشعر بالخطر الوشيك وتبذل جهودًا كبيرة للفرار.
وبحسب روايات شهود عيان، ركضت الأفيال إلى مناطق مرتفعة، وهجرت طيور النحام (الفلامنغو) مناطق التعشيش المنخفضة، ورفضت الكلاب الخروج في الهواء الطلق.
وفي قرية "بانغ كوي" الساحلية في تايلاند، أفاد سكان محليون أن آذان قطيع من الجاموس على الشاطئ انتصبت فجأة، وبدأ الجاموس يحدق في البحر، ثم اندفع إلى قمة تل قريب قبل بضع دقائق من وقوع كارثة تسونامي.
وتقول إيرينا رافليانا، التي كانت عضوًا سابقًا في مجموعة استشارية لاستراتيجية الأمم المتحدة الدولية لمخاطر الكوارث وهي الآن باحثة في معهد التنمية الألماني في بون: "أفاد الناجون أيضًا أنهم رأوا حيوانات، مثل الأبقار والماعز والقطط والطيور، تتحرك عمدًا إلى الداخل بعد وقت قصير من الزلزال وقبل مجيء التسونامي".
هذه الروايات عن سلوك الحيوانات قبل وقوع الكوارث دفعت بعض الباحثين إلى تكريس اهتمام علمي جاد للنظرية القائلة بأن الحيوانات قد يكون لديها أنظمة داخلية تنبهها إلى الكوارث الطبيعية الوشيكة.
وتعود أقدم إشارة مسجلة إلى سلوك حيواني غير عادي قبل وقوع كارثة طبيعية إلى عام 373 قبل الميلاد، عندما أبلغ المؤرخ اليوناني ثوقيديدس عن أن الفئران والكلاب والثعابين وابن عرس هجرت مدينة هيليس في الأيام التي سبقت وقوع زلزال كارثي.
وقبل دقائق من زلزال نابولي عام 1805، بدأت الثيران والأغنام والكلاب والإوز في إجراء إشارات إنذار في انسجام تام، بينما قيل إن الخيول قد هربت في حالة ذعر شديد قبل زلزال سان فرانسيسكو عام 1906.