الأردن يستجيب لتحذيرات أزمة المياه ومخاطرها

فيما يدق تقاطع أزمة المياه عالميا مع المخاطر العشرة العالمية الأولى، وفق تقرير المخاطر العالمية السنوي، ناقوس أسوأ تهديد على مستوى المخاطر، تتوافق خطة التحديث الاقتصادي "العشرية” لقطاع المياه في المملكة، والاستجابة مع تلك التحذيرات.

ونظرا لوضع الأردن الحرج بالمياه، وسط تصنيفها كثاني أفقر دولة مائيا في العالم، فإن تحديث وتفعيل استراتيجياتها المتعلقة بالصمود، ومواجهة تحديات التغير المناخي التي صارت آثارها جلية، لا سيما في ضوء تذبذب الهطل المطري وانعكاسه مباشرة على حجم مخازين السدود، وانعكاسها على منظومة العجز المتزايد بين الطلب والتزويد المائي المطلوب؛ بات ضرورة ملحة، وفق مصدر مطلع في وزارة المياه والري.

وجدد المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، تأكيده أن استراتيجية قطاع المياه الأردني، تنتهج خطة متقدمة، تهدف لبناء القدرات سعيا لجذب التمويل اللازم لإجراءات التكيف مع التغير المناخي، والتخفيف من تبعاته بخاصة على المياه.

وفي حين دعا تقرير دولي صدر مؤخرا عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الى أهمية أن "يبدأ قادة العالم بإعادة التفكير في كيفية إدارة المياه وصياغة إجراءات الحلول المهمة”، أكد خبراء في القطاع، أن المياه أهم هدف من أهداف التنمية المستدام، توازيا وتحقيق الإدارة الرشيدة لها.

ومن جهته، أشار الأمين العام الأسبق لوزارة المياه علي صبح، الى أهمية مواجهة تلك المخاطر على سياق أزمة الأردن المائية، بتوفير وتعزيز الوضع والتمويل المالي، مضيفا أن الدول النامية بحاجة لتوفير هذه الاحتياجات، للتصدي لمخاطر التغير المناخي، والوضع الجيوفيزيائي المهدد.

وفي وقت بين فيه التقرير، أن المخاطر العشرة الأسوأ التي تواجه البشرية في العقد المقبل، ترتبط ارتباطا وثيقا بالمياه، دعا الأمين العام الأسبق لـ”المياه”، الى أن تكون رسالة الأردن بخصوص التحديات المناخية والمائية في المحافل الدولية، موحدة من كامل الجهات المؤسسية المترابطة ضمن التحديات ذاتها، من المياه، والطاقة، والبيئة، والزراعة وغيرها.

ووسط دعوات التقرير العالمية نحو الحاجة لنوع جديد من سياسات المناخ مع إدارة المياه، قال صبح، إنه لا يمكن عرض مشاكل وتحديات الأردن المائية في المحافل الأممية أو الدولية، بمنأى عن تقديم الحلول المترابطة بين كامل القطاعات المتداخلة مع المياه، مبينا أن استعراض أي ورقة أو برنامج عمل يتعلق بمشكلة الأردن المناخية وتأثيرها على المياه؛ يجب أن يكون مترافقا مع الحلول.

ومن جانبه، أكد وزير المياه والري الأسبق محمد شطناوي، أن أهم المؤشرات المرتبطة بتحقيق هدف التنمية المستدامة والمتعلق بالمياه والصرف الصحي، يكمن بتوفير مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، وتحسين نوعية المياه، والتغلب على الإجهاد المائي.

ودعا شطناوي الى ضرورة حل مشاكل المياه المشتركة، وتوافق الجهات المتشاركة مع الوزارة بخصوص هذا التحدي، الذي باتت مواجهته أكثر وأشد إلحاحا في السنوات المقبلة، محذرا من تهديدات اختلال التزويد المائي، بإعاقة النمو الاقتصادي والاجتماعي مستقبلا.

وبحسب استراتيجية القطاع، فإن سياسة خطة عمل التكيف هذه، تركز على أثر التغير المناخي عليه من جهة، وتأثيراته على التنمية المستدامة وإدارة مصادر المياه الوطنية من جهة أخرى.

وتشمل إجراءات التكيف التي يسعى الأردن لتحقيقها، استراتيجية لبناء مرونة في خدمات المياه والصرف الصحي، بحيث تتخذ مخاطر التغير المناخي في الاعتبارات والسياسات التقنية والاستراتيجيات وخطط العمل والاستثمار في القطاع.

وتتقاطع الدعوات الدولية بخصوص الصمود في مواجهة التحديات المناخية المرتبطة بالمياه، مع اقتراحات خطة التحديث الاقتصادي العشرية، المرتبطة بالقطاع، إزاء مبادرة تعزيز القدرة على مقاومة المناخ والاستخدام المستدام للمياه، التي دعا عبرها خبراء فيه سابقا، إلى أهمية إسناد هذا الملف لجهة موحدة، وسط ضرورة إيجاد مصادر مائية مستدامة لا تتأثر بانعكاسات التغير المناخي على المياه.

وبحسب اقتراح سابق للمختص في اقتصاديات الثروات الطبيعية صخر النسور، فإنه لا بد من إسناد ملف تعزيز القدرة على مقاومة المناخ لجهة موحدة، قد تمثل مركزا للأزمات، الذي أبدى مخاوفه من اختلال التوازن البيئي، إذ يؤثر بدوره على منظومة المياه والغذاء والزراعة.

واقترح النسور حلولا يجب المضي بها سريعا "بشكل تنفيذي وليس حبرا على استراتيجيات”، مبينا أن من أهمها بناء هيكل تنظيمي، أو مظلة تشمل المختصين وأصحاب العلاقة بالقضية، لتنفيذ الحلول تحت رقابتها وسياساتها.

ودعا المختص في الثروات الطبيعية الى أهمية إعداد ملف أردني متكامل حول الآثار السلبية المتوقعة، جراء التغيرات المناخية في العالم والمنطقة، وتقييم مدى آثارها على الصحة العامة والاقتصاد، لتقدم بعدها ضمن المظلة الأكبر.

إلى ذلك، صنف التقرير "الفشل بالتخفيف من تغير المناخ، على أنه أسوأ تهديد لفترة السنوات العشر”، منوها الى أن أجندات العام 2023 والمرتبطة بموضوع أزمة المياه، تجسد فرصة مهمة نحو إيجاد وتقديم الحلول عبر المياه التي تشترك فيها جميع المخاطر.

وقال التقرير في هذا السياق، إنه "ولهذه الغاية، سيكون مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لحظة حاسمة. نأمل بأن يجري التعهد بالتزامات قوية في نيويورك، والتي يمكننا الاستفادة منها عندما نجتمع مرة أخرى في ستوكهولم خلال أسبوع المياه العالمي 2023”.

وأظهرت نتائج تقرير المخاطر العالمية السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يُطلب عبر من أكثر من 1200 خبير وصانع سياسات وقادة الصناعة تقييم المخاطر الرئيسية التي يقيمونها خلال العامين والأعوام العشرة المقبلة على التوالي، أن أزمة تكلفة المعيشة لها أكبر تأثير العامين المقبلين، بينما يُصنف الفشل في التخفيف من تغير المناخ على أنه أسوأ تهديد لفترة الأعوام العشرة.

وأضاف التقرير أن المياه عنصر أساسي في كل هذه المخاطر الملحة، بحيث يوضح هذا إحدى أهم النقاط الواردة في تقرير المخاطر العالمية للعام الحالي، لا سيما وأنها مخاطر مترابطة.

وأشار التقرير لدور الإدارة المحسنة للمياه بالمساهمة في معالجة معظم المخاطر التي يُنظر إليها على أنها الأكثر إثارة للقلق في العقد المقبل، مضيفا أن عدم التخفيف من حدة تغير المناخ، وفشل التكيف معه، تقع على رأس هرم تلك المخاطر.

وسلط التقرير الضوء على الكيفية التي تساعد بها الحلول المناخية المتعلقة بالمياه غالبا، البلدان على التكيف مع العواقب الحتمية لتغير المناخ، لافتا لشمول مخاطر الكوارث الطبيعية والظواهر الجوية المتطرفة، في هذا السياق.

وقال التقرير إن العام الماضي، تصاعدت فيه الكوارث والظواهر المناخية المتطرفة في العالم، مشيرا الى أن كثيرا من الحالات ارتبطت بالمناخ والمياه، كموجات الجفاف والفيضانات والعواصف الأكثر تواترا وشدة.

وشمل التقرير أن تلك المخاطر تتعلق أيضا بانتشار الجريمة السيبرانية وانعدام الأمن السيبراني والتوترات الجيو- اقتصادية، موضحا أنه غالبا ما تحدد الخدمات الأساسية كالمياه، نظرا لسهولة استخدامها في الابتزاز.