ناشونال إنترست: السعودية حليف لا غنى عنه لأمريكا

وصفت محللة شؤون الشرق الأوسط والمديرة المشاركة للمناصرة في مشروع فيلوس مريم وهبه ومحلل العلاقات التنافسية بين الولايات المتحدة والصين زين زوفاك المملكة العربية السعودية بالحليف الذي غنى عنه للولايات المتحدة.

مع محاولة الصين تعطيل تفاهم متبادل دام أكثر من سبعة عقود، يقع العبء على الولايات المتحدة كي تعيد تأكيد مكانتها كحليف لا غنى عنهوكتبا في مؤسسة "ناشونال إنترست" أن السعودية مدت الشهر الماضي السجادة الأرجوانية للرئيس الصيني شي جينبينغ استعداداً لسلسلة من اللقاءات بين القادة العرب والصين. تعكس زيارة شي طموحات الصين المتزايدة في الشرق الأوسط وأبعد، غالباً من أجل فصل الولايات المتحدة عن حلفائها التاريخيين لمصلحة بكين. إن أفضل رد على الهجوم الساحر لشي في الرياض هو مضاعفة علاقة أمريكا مع المملكة العربية السعودية.

 

زيارة شي لقيت أبهة أكبر

سعى الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إصلاح العلاقات الأمريكية-السعودية الصيف الماضي بعدما وصف سابقاً المملكة بأنها "دولة منبوذة". بالرغم من أن زيارة بايدن السعودية ساعدت في تفكيك الجليد عن العلاقات مع الرياض، لم تلقَ زيارته الأبهة نفسها التي حصلت عليها زيارة شي. لكن ذلك لم يكن الإشارة الوحيدة للعلاقة الصينية-السعودية المتنامية.

في 2022، وقع مركز تعليمي سعودي اتفاقاً مع شركة هواوي التكنولوجية الخاضعة للعقوبات الأمريكية. في هذه الأثناء، وقع عملاق النفط السعودي أرامكو اتفاق تعاون مع شركة طاقة صينية. والمملكة هي أكبر مصدّر نفطي للصين وتمثل صادراتها 18 في المئة من مجموع واردات الصين النفطية. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أي قبل أسابيع قليلة على زيارة شي، أفادت تقارير أن السعودية اشترت أسلحة صينية بقيمة 4 مليارات دولار.

 

الزخم يتواصل

أضاف المحللان أن الزخم تواصل حين وصل شي إلى الرياض. خلال الزيارة، وقع شي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان شراكة استراتيجية بين دولتيهما كما سهّلا عدداً من الاتفاقات في القطاع الخاص بين شركات سعودية وصينية في مجالات تشمل تكنولوجيا المعلومات وعلوم الوراثة والتعدين وطاقة الهيدروجين والتصنيع بقيمة تجاوزت أكثر من 29 مليار دولار.

وبشكل ملحوظ، وقعت هواوي مذكرة تفاهم مع الحكومة السعودية تمكن مجموعة الاتصالات العملاقة من بناء شراكات مع مراكز البيانات المحلية. ووافق الطرفان على جعل هذا الحوار أكثر انتظاماً مع مواصلة البحث عن طرق ملموسة لتوطيد علاقتهما حيث تتوافق مصالحهما. بالنسبة إلى السعوديين، تتضمن تلك المصالح اكتساب الوصول إلى استثمارات هائلة من ثاني أعظم اقتصاد في العالم.

 

وسيلة تحوط

قد يرى السعوديون أيضاً العلاقات مع بكين كوسيلة للتحوط ضد أكبر تهديد إقليمي لهم وهو إيران. يأتي ذلك على قاعدة أن اعتماد إيران على الصين قد يكون رافعة لتليين سلوك طهران الخبيث في المنطقة. وزادت خطوات تقرب السعودية من الصين حين أعلنت إدارة بايدن نيتها العودة إلى الاتفاق النووي الذي تعارضه المملكة بشدة. ولم تنفع إعلانات ووعود التوصل إلى اتفاق "أطول وأقوى" في تهدئة المخاوف السعودية.

لكن يبدو أن الاحتجاجات الإيرانية الشاملة ورد النظام غيرت حسابات إدارة بايدن مما دفعها إلى إعلان، وربما عن غير قصد، أن الاتفاق النووي قد مات. بينما قد يخفف ذلك بعض التوترات بين واشنطن والرياض، يتعين على أمريكا الالتزام رسمياً بهذا الموقف لتبديد الوهم القائل إن مثل هذه العودة أمر عملي ولإعادة طمأنة شركائها في المنطقة.

 

خطوات لإعادة توطيد العلاقات

تابع المحللان أنه على صعيد أوسع، ولإنقاذ موقف أمريكا الهش في الشرق الأوسط، يحتاج البيت الأبيض إلى دعوة وفد سعودي إلى واشنطن لتوضيح كيف أن مصالح السعودية تُخدم بشكل أفضل حين تقيم الرياض شراكة مع الولايات المتحدة عوضاً عن الصين، وللحديث بصراحة أيضاً عن سبب أهميتها لأمريكا.أولاً، على الإدارة إعادة طمأنة السعودية بشأن أن الولايات المتحدة أفضل تجهيزاً كي تحتوي إيران ومن المرجح أكثر أن تقدم على ذلك. ينطلق هذا الأمر عبر قبول أن فرصة الاتفاق النووي قد فاتت. منذ بدأت المفاوضات النووية، نظرت السعودية وآخرون في المنطقة إلى تنازلات واشنطن كإشارة ضعف ودليل على أن الولايات المتحدة كانت تتخلى عن حلفائها. لنقض هذه السردية، على الولايات المتحدة إعلان موت الاتفاق النووي.

 

خطوتان أخريان

ثانياً، يجب أن تزيد الولايات المتحدة مبيعاتها العسكرية إلى السعودية. سيساعدها هذا الأمر في التسلح بصناعات متفوقة ضد إيران ووكلائها الذين تستخدمهم لزعزعة استقرار المنطقة.

ثالثاً، على واشنطن العمل مع الشركات الأمريكية لتوفير بدائل استثمارية للسلع الصينية. لن تعزز العلاقات الاقتصادية الوثيقة بينهما المصالح التجارية الأمريكية وحسب، لكنها ستساعد أيضاً في ضمان ألا تصبح المملكة معتمدة تكنولوجياً على الصين. قبل أن تتحالف السعودية بشكل كامل مع الصين، على الولايات المتحدة تقديم بدائل لهذه الشركات المدرجة القائمة السوداء.

لطالما كانت المملكة العربية السعودية قائداً في العالم العربي ومن المرجح أن تبقى كذلك لسنوات مقبلة. للحفاظ على هذه العلاقة الاستراتيجية، تحتاج الولايات المتحدة إلى توضيح أن مصالحها المشتركة لم تتغير. مع محاولة الصين تعطيل تفاهم متبادل دام أكثر من سبعة عقود، يقع العبء على الولايات المتحدة كي تعيد تأكيد مكانتها كحليف لا غنى عنه.