الطراونة: وصف "حالة عدم استقرار جوي" يتنافى مع علم الأرصاد


قال استاذ التغيرات المناخية في جامعة جرش الدكتور قاسم الطراونة، إن وصف الحالة الجوية " بحالة عدم استقرار جوي" غير صحيح ويتنافى مع علم الارصاد الجوية. واضاف في مقال له اليوم : الحمد لله على نعمة الغيث ..هذه النعمة الكبيرة من الله الرزاق الكريم... جاءت في وقت عصيب تعاني فيه المملكة من شح المياه. هذه الحالة الجوية من الحالات النادرة التي تؤثر على المملكة وتكاد تكون نادرة الحدوث الامر الذي جعل من اصحاب الاختصاص التخبط في توصيف هذه الحالة الجوية، وتشبة حالة المريض الذي لا يعرف ما تشخيصه طبيا، مما يجعل الحكم على طبيعته الذي سيقدم له صعبة، كما هي هذه الحالة الجوية . اذا لم يتم تصنيفها فمن الصعب التنبؤ بها و وصفها للمواطن!؟. كنت استمع للنشرات الجوية واتابع الخرائط واستغرب من النشرات الجوية التي تصنف هذه الحالة على انها عدم استقرار جوي .. وهي ليست لها علاقة بحالات عدم الاستقرار الجوي للاسباب التالية : اولا: شروط تكون حالات عدم الاستقرار Unstable Airmasses. وجود هواء رطب وساخن في طبقات الجو السفلى وهواء بارد في الطبقات العليا وهذا الشرط غير موجود لانخفاض درجات الحرارة التي تجلبها الرياح الجنوبة الشرقية المصاحبة للمرتفع السيبيري، وغالبا ما تتكون حالات عدم الاستقرار في الاردن في الربيع حيث تبدأ الحرارة بالارتفاع ويمتد منخفض البحر الاحمر وتكون الحرارة في طبقات الجو السفلى دافئة ورطبة وباردة في الطبقات العليا ودرجات الحرارة المنخفضة على السطح لا تشير الى ذلك. ثانيا: منذ يومين او اكثر وحتى يومنا هذا، يسود المملكة حالة من الضباب، ان تكون حالة الضباب كما هو معروف على علميا دلالة على استقرار الجو وليس عدم استقراره وهذا من ابجديات علم الارصاد الجوية، وعندما اقول من ابجديات العلم اقول لكل المتعلمين في هذا البلد الحبيب الذي نعتز ونفاخر به الدنيا اذهبوا الى محرك البحث جوجل في العربي او الانجليزي وابحثوا عن (ما هو الجو المرافق لحالة عدم الاستقرار )، هل تجدون ضبابا؟، او ابحثوا باللغة الانجليزية عن (Weather associated wit unstable airmass)، هل يمكن ان يصاحب حالة عدم الاستقرار التي تعودنا عليها حالة من الضباب المنتشر في كل المملكة؟. أنا اكتب هذا المقال فقط للامانة العلمية ولا اريد انتقاد احد، وحتى يبقى بلدنا الاردن هو بلد العلم والخير والحق، فإن السكوت على هذا الخطأ في وصف الحالة الجوية هو عقوق للوطن. إذا حالة عدم الاستقرار لا يصاحبها ضباب بل يصاحبها تيارات صاعدة تؤدي الى تكون غيوم ركامية ضخمة بحيث تكون اي نوع من الرطوبة في اسفل الغلاف الجوي ترتفع للاعلى، وتكون الضباب مع هذه الحالة لا يتوافق مع ما تتناقله وسائل الاعلام عن تكون حالة عدم استقرار جوي، وهذا معروف لكل من يعمل في علم الارصاد والتنبؤات الجوية، ولنتفق على هذه القاعدة لا يمكن تكون الضباب في حالة عدم الاستقرار كحقيقة مثبتة في علم الارصاد الجوية اذا علمنا ان الطريق الصحراوي كانت حالة الضباب تسود اغلب المناطق الصحراوية ولغاية اليوم. ثالثا: من المعروف ان حالة عدم الاستقرار يصاحبها امطار غزيرة في مدة قصيرة لا تتجاوز ساعة واحدة وانتشارها محدود في منطقة عن منطقة اخرى بحيث لو امطرت في القطرانة ربما لا يصل المطر الى سواقة التي تبعد 10 كم عن القطرانة، لكن هذه الحالة الامطار ممتدة من السعودية الى العقبة الى مشارف مدينة عمان او حتى عمان تشهد امطار فكيف لي اعتبارها حالة عدم استقرار، وما هي هذه الحالة الجوية؟!. الحالة الجوية هي منخفض جوي تكون في شمال السعودية نتيجه لاندفاع هواء رطب من البحر الاحمر تصادف مع كتلة هوائية قطبية قادمة من الشرق مع المرتفع الجوي السيبيري القطبي، وفي هذه الحالة فان الهواء الرطب القادم من البحر الاحمر لا يستطيع دفع الهواء القطبي ذو الكثافة العالية والبارد جدا، فتسلق فوق هذه الكتلة الهوائية وهنا يتكون نوع من الغيوم معروف بغزارة امطاره وثلوجه في بعض الاحيان وهذه الحالة تسمى الجبهه المقفلة "Occlusion front"، وهذا النوع من الغيوم يسمى (نيمبوسترتاسNimbostratus) وتسمى الغيوم الماطرو بالمعنى الدقيق، وقد يصاحب هذا النوع من الجبهات غيوم ركامية وحالة من العواصف الرعدية احيانا، وتتميز هذه الغيوم بمكوثها مدة طويلة والمساحة الكبيرة التي تغطيها والاستمرارية وهذا ما حدث، حيث ان الامطار كانت ممتدة من العقبة وحتى من شمال السعودية الى عمان، بينما حالة عدم الاستقرار تتميز بشدة الهطول في فترة زمنية قصيرة وتغطيتها مساحة محددودة. هذا المنخفض يمتد من مكة والمدينة حتى الاردن، وأرجو أن يتسع صدر كل من يكتب نشرة جوية لمنطق العلم، فإذا كنا عاجزين عن تشخيص ماهية الحالة الجوية فنحن قاصرين عن التنبؤ بها ومعرفة تفاصيلها هذا المنخفض سيتمر تأثيره ليوم غد وسيتجه نحو العراق والاراضي الكويتية . أحترم كل الاطراف، لكن هذا رأي علمي من متخصص في هذا المجال يجب نشره للمصلحة العامة ولكرامة الأردن بلد العلم الذي نعتز ونفتخر به.