اللقاء المريب في قصر المنيب !
كل الإجتماعات واللقاءات التي قد تنعقد تحت مظلة السقوط الوطني و السياسي لا يجب أن ينظر إليها إلا بعيون الريبة والشك ، وما أكثرصفحات التاريخ الحافلة والمليئة بعشرات الأمثلة التي لا تشذ عن هذه القاعدة ، فالخونة والساقطين والمتاجرين بقضايا أمتهم وشعوبهم لا يمكن لهم أن يتداعوا لما فيه خير الأوطان ، والفاقدين للكرامة والشرف لا يلتقون إلا على موائد قذرة ، ولا يمكن لأيديهم أن تمتد إلا لملفات التآمر والإلتفاف على القضايا العادلة ، فكل شيء عندهم بضاعة قابلة للبيع والشراء حتى حليب الأمهات .
السيد منيب المصري رجل المال والأعمال ، ورئيس الفرع الفلسطيني لمنتدى " دافوس " الإقتصادي العالمي ، وعضو التجمع الوطني للشخصيات المستقلة في الضفة الغربية ، ورئيس مجلس إدارة شركة " باديكو " ، كان الراعي والداعي لإجتماع " كسر الجمود " حيث قام بفتح أبواب قصره القابع على قمة جبل جرزيم / نابلس ليستضيف طيف واسع من الشخصيات وممثلين بعض الهيئات وذلك بهدف إيجاد السبل ، و تدارس امكانية كسر الجمود و الإنسداد الذي بات يحيط بعملية التسوية السياسية ، والذي إذا ما تواصل واستمر فقد يؤدي ذلك إلى إنفجار المنطقة ، وبما قد يلحق الضرر بالتالي بالعديد من الدول وفي مقدمتها الكيان الصهيوني .
صاحب القصر ، أكد وهو يقدم لضيوفه الكنافة النابلسية التي تشتهر بها مدينته على أن هذا اللقاء ليس للتفاوض الثنائي بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني ، وليس للتعاون الإقتصادي أوالتطبيع ، ولكنه مبادرة إجتماعية سياسية بإمتياز يقوم بها مجموعة مفكرين وناشطين ورجال أعمال ، وحتى نتعرف عن قرب على هؤلاء تكفي الإشارة أولا إلى مشاركة الصهيوني " رامي ليفي " صاحب سلسلة المتاجر في المغتصبات المقامة على الأراضي الفلسطينية ، وللعلم فرامي هذا هو الصديق الحميم جدا للسفاح والمجرم باروخ جولد شتاين الذي ارتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي ، وهو أيضا أحد رموز الليكود وداعم رئيس لتحالف المجرمين نتنياهو وليبرمان .
بين توليفة الحاضرين نجد أيضا الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى ، ورئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي ، ومحمد مصطفى رئيس صندوق الإستثمار الفلسطيني ممثلا عن الرئيس عباس ، والأمير فراس بن رعد ممثلا عن الرباعية الدولية ، وروبرت سيري ممثلا عن هيئة الأمم المتحدة لتعزيز السلام في الشرق الأوسط ، إلى جانب وفود عربية وتركية وأوروبية ، وبالتالي فنحن أمام خليط يبعث على الحيرة والريبة ، فمن هي الجهة التي قررت هذا التشكيل ؟ وماهي الأهداف الفعلية وراء هذا اللقاء الذي ضاقت عليه الدنيا ، فاتسع له القصر الخاص للسيد منيب المصري لينعقد فيه ؟!
ومن باب المزايدة و التطاول على كل الدور الوطني الفلسطيني ، فإن السيد المصري يدعي بأنه يقوم و على قاعدة براءته ورفضه المطلق للتطبيع بخوض معارك هامة جداً في الملتقيات ، والمنتديات الدولية ، بهدف تحقيق إختراقات لمصلحة القضية الوطنية عند الرأي العام الصهيوني والدولي وهذا من أجل تحقيق ضغوطات على الحكومة الصهيونية لإجبارها على القبول بالسلام المزعوم ، وهنا يتناسى السيد المصري أن شعبنا وجميع قواه الوطنية يعتبرون سيادته العراب الأول المسؤول عن التطبيع الحاصل وبكل أشكاله مع عدونا الصهيوني ، كما ويتهمون سيادته بوجود أجندات و مصالح مشبوهة بينه وبين المجرم الصهيوني رامي ليفي الذي كانت له الصدارة من دون جميع الحاضرين في قصر السيد المصري .
اللقاء الذي انعقد بتاريخ الرابع من الشهر الجاري ، في ظل غياب وسائل الإعلام الذين حرص صاحب القصر على عدم دعوتهم حتى يظل الطبخ المشبوه بعيدا عنهم وعن عدساتهم ، لا يزال يلقى الرفض و الإدانة و الإستنكار والإستهجان من غالبية القوى والفعاليات والشخصيات الفلسطينية ، وبعد أن أجمع الجميع على أنه شكل ضربة موجعة في خاصرة النضال الوطني الفلسطيني ، كما وجه الجميع الإتهام إلى السلطة الرسمية لأنها عملت على توفير الغطاء بل وتغاضت عن كل ما دار فيه ، كما طالب المنددين بهذا اللقاء بضرورة إجراء المحاسبة القانونية والوطنية للسيد المصري على كل هذا الفعل المشبوه الذي أقدم عليه .
أخيرا ، فقد اعتبر الأحرار والشرفاء من أبناء نابلس جبل النار يوم الرابع من تشرين الثاني / نوفمبر يوماً حزيناً من أيام حياتهم التي تعبق وتفيض بوقفات العزوالشرف والكرامة والكبرياء ، ورأوا أن في دخول المجرم الصهيوني ليفي إلى مدينتهم تدنيسا لترابها ، وهذا يستوجب محاسبة كل المسؤولين عن حدوثه وفي مقدمتهم رجل المال والأعمال منيب المصري الذي لم يراعي قداسة تراب مدينته التي ولد و ترعرع على أرضها ، فالسلام الزائف ، والحلول التأمرية و التصفوية المشبوهة التي ستخرج عن موائد قصر المصري مرفوضة ، و لن يكتب لها النجاح أبداً على أرض نابلس و كل الوطن الفلسطيني .