الخل اخو الخردل ....
وقيل ان يفهمني القارئ خطأ فانا لا اقصد التفاهة في الممارسة واجراءات العملية الانتخابية منذ بداية الحملة وحتى اعلان النتائح فهي مثيرة للاعجاب وتستحق التقدير بل الغيرة والحسد لنزاهتها وديموقراطيتها ومحافظتها على خقوق الانسان وصون حريته في التعبير ووضوح برامجها التي تصب كلها بالمصلحة الوطنية للولايات المتحدة الامريكية .
منذ ما يقارب النصف قرن وانا اذكر كيف كان ابي رحمه الله واصدقائه يتابعون انتخابات الرئاسة الامريكية اي منذ بداية الستينات من القرن الماضي ابان حملة جون كنيدي الرئيس الخامس والثلاثين لامريكا حيث خلف الرئيس دايت ايزنهاور قي 20/1/1961 وقد قتل الرئيس كنيدي عام 1963 حيث خلفه ليندون جونسون وبقينا نتابع حتى الانتخابات الامريكية لهذا العام والتي سينصّب في 20/1/2013 الرئيس الرابع والاربعون لامريكا باراك اوباما رئيسا لفترة اربع سنوات قادمة والمفارقة ان اوباما ولد في نفس السنة التي نصّب كنيدي رئيس كما ان كنيدي هو اصغر رئيس امريكي انذاك كما انه اول رئيس امريكي كاثوليكي بينما اوباما هو اول رئيس من اصول افريقية ينتخب ولفترتين رئاسيتين .
اما التفاهة فتأتي منّا نحن العرب وذلك لاننا لم ولن نتعلّم من الماضي فبالرغم من عشرات المرّات التي قضيناها سهرا ومراقبة خاصة بعلاقة امريكا بالقضايا العربية واهمّها القضية الفلسطينيّة واسرائيل ورأينا ان امربكا لم تتغير قيد انملة تجاه حقوقنا العادلة عند كل انتخابات بل بالعكس تزداد حضانتها لاسرائيل ويزداد دعمها المالي والعسكري والاقتصادي وحتّى المعنوي تجاهها ومع ذلك لم نتغيّر ولن بل سنبقى بتفاهتنا وتهافتنا نتابع الحملات الانتخابية الرئاسية الامريكية شعوبا وزعماء .
الذي يجلب الانتباه ان قانون الانتخاب الامريكي مطبّق منذ القرن التاسع عشر في بلد يضم العديد من القوميات والاديان والاعراق والاجناس ولكن تظللهم جميعا قوانين ناظمة لحياتهم وتوفّر لكل امريكي الكرامة واسباب العيش الكريم والشريف داخل بلده وخارجها .
ان عظمة امريكا في حرصها على مواطنيها والعدالة والمساواة في تطبيق القوانين عليهم واجواء الديموقراطيّة في حياتهم كما ان السوء في حكام وقادة امريكا هو احتضاهم لاسرائيل وقرراتها واجرائاتها العدوانية تجاه الحقوق العربية والفلسطينية وهذا الاحتضان ثابت بل ومتطوّر وأساسي في النظام الامريكي المتمثّل قي الادارة الامريكية وحكّام الولايات ومجلسي الشيوخ والنوّاب ومدعّم بقوانين ملزمة لا يمكن تغييرها بسهولة وطبعا الزعماء العرب والشعوب العربية تدرك ذلك تماما ولكننا باعتبارنا محترقون في نشر الاشاعة وتصديقها ونؤمن بتحوير كل موضوع تحت بند المؤامرة والتآمر فاننا نتوهّم ان الرئيس الامريكي المُجدّد له الرئاسة لفترة نهائيّة هو ليس بحاجة لدعم اللوبي الصهيوني خاصة ان لاوباما اصول افريقية فقيرة وصلة غير مباشرة بالاسلام وغيره من الاوهام التي تجعلنا لتفاهتنا ان نحلم بموقف امريكي افضل قد يُعيد لنا الارض والكرامة واعتقد ان ذلك التحول الظاهر سيكون لمصلحة اسرائيل لان اوباما يعمل لمصلحة الحزب الديموقراطي وليس لشخصه كما يعمل العرب وزعماؤهم قبل الربيع والآن .
وكما ان الامريكيون يحكمهم اشخاصا منهم هم الاكثر تمثيلا لهم وهم الاكثر إخلاصا لوطنهم فهم الاقلُّ خوفا على مستقبلهم وعلى حياتهم وحياة ابنائهم وقد آن لنا نحن العرب شعوبا قبل القيادات ان نخطط لمستقبلنا واستعادة حقوقنا إعتمادا على انفسنا وإمكاناتنا وقدراتنا بعيدين عن الاعتماد على امريكا مع ان القادة العرب اللذين اعتمدوا عليها كانت امريكا اول المهنئين بسقوط عروشهم بل ومهدّت لنعوشهم لأن مصلحة امريكا اوّلا واسرائيل بعدها بينما الدول العربية هي البقرة الحلوب لهم فقط .
وهي السوق لبضائعهم وسلاحهم وطائراتهم وغيرها من منتجات امريكية ولكن هل تستطيع الدول العربية ان تعتمد على نفسها عن طريق التكامل والميزة النسبية والسوق العربية المشتركة فهل يُفرز الربيع العربي التكامل العربي ومصلحة الشعوب العربية اولا وان نركّز على ذلك بدلا من التركيز على الانتخابات الامريكية لانها لن تجلب لنا إلاّ مزيدا من التراجع والفقر والضياع وبعد شهرين تأتينا الانتخابات الاسرائيلية للكنيست وسننتظرها ونتابعها ولن يكون هناك تغيير مهما كانت النتيجة فالخل اخو الخردل .
ومن هذا المنطلق نقول ان الانتخابات الامريكيّة هي الاتفه والاسوء بالنسبة لنا كعرب ومن حق اجيالنا القادمة علينا ان نمهد لهم للعيش بكرامة بدون الاعتماد على الامريكان وان لا نسمح لهم بنهب خيرات تلك الاجيال .
وقد حبى الله العرب بتنوّع في الطقس واتربة والموارد والثروات وبكتاب كريم يهديهم سواء السبيل ونسب تعليم عالي وايدي عاملة وغيرها من النعم وفقط بحاجة الى الإخلاص في العمل والانتماء وتغليب مصلحة الوطن على مصلحة الفرد لنبني وطنا عربيا متكاملا وفردا عربيا مخلصا .