العقارات والصناعة أكثر القطاعات تأثرا برفع الفائدة

تعاني معظم القطاعات الاقتصادية حول العالم ضعف تدفق الاستثمارات إليها، نتيجة رفع البنوك المركزية معدلات الفائدة، ما يدفع الأفراد بمن فيهم المستثمرون إلى إيداع أموالهم في البنوك للاستفادة من الفوائد المرتفعة والتي تشكل ربحاً مضمونا وآمناً، بحسب خبراء، أكدوا أن الصناعة والعقارات وأسواق المال أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً برفع الفائدة.

ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأربعاء الماضي معدل الفائدة القياسي بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي، في مسعى منه لتهدئة معدلات التضخم المرتفعة في الولايات المتحدة وبذلك تكون المرة الخامسة التي يرفع فيها الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة هذا العام، لتصبح في نطاق 3.00 إلى 3.25 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، بعد أن كانت نسبتها في نطاق 2.25 إلى 2.50 بالمئة قبل الزيادة.

ويؤكد المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة قاضي أن "القطاع العقاري من أكثر القطاعات التي تتأثر سلباً برفع سعر الفائدة نظراً لزيادة تكلفة الإقراض، لأن الشخص الذي كان يدفع اثنين بالمئة فائدة على قرض عقاري سيدفع الآن بين خمسة وسبعة بالمئة أي ضعفي ما كان يدفعه سابقاً، وهذا بالتأكيد يسد شهية الناس تجاه العقارات بعكس الفائدة المنخفضة التي تفتح شهيتهم تجاه القطاع، وبالإضافة إلى ذلك فإن الصناديق الاستثمارية العقارية تتأثر سلباً أيضاً بشكل كبير برفع الفائدة".

ومن القطاعات التي تتأثر سلباً برفع الفائدة الصناعة نتيجة ارتفاع تكلفة السلع المصنعة وبالتالي تدني الطلب عليها، وكذلك السلع الاستهلاكية طويلة الأمد كالسيارات وغيرها نظراً لزيادة تكلفة قروض شراء السيارات، بحسب الدكتور قاضي، الذي أشار في الوقت ذاته إلى استفادة عدد من القطاعات الاقتصادية من جراء ارتفاع الأسعار مثل قطاعات الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والصحة وخدمات التواصل والخدمات الأولية كالماء والكهرباء.

بدوره، يشير أستاذ الاقتصاد الدكتور هاني الشامي إلى أن "رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة، يؤثر بشكل مباشر على أسواق رأس المال باستثناء أسهم البنوك التي يزيد الإقبال عليها، وخصوصاً أن المستثمرين الذين يبحثون عن الاستثمار في الـ "HOT MONEY"، أو ما يسمى الاستثمار في أسعار الفائدة، سيلجؤون إلى وضع أموالهم في البنوك".

ويوضح الدكتور الشامي  أن "رفع سعر الفائدة يعد ملاذاً آمناً لوضع الناس أموالها في البنوك، وبالتالي فإن الاستثمار في أي نشاط، سواء أكان صناعياً أو تجارياً أو حتى عقارياً سينخفض جداً طالما بقي عائد البنوك مرتفعاً، كما أن الذهب أيضاً الذي يعد ملاذاً آمناً للاستثمار يتأثر سلباً جراء رفع سعر الفائدة".

ومن التداعيات الخطيرة لرفع معدلات الفائدة، حدوث الركود الاقتصادي، ذلك أن الإقبال على وضع الأموال في البنوك يؤدي إلى تضاؤل إقبال المستثمرين على الاستثمار الأجنبي غير المباشر والاستثمار المباشر في المشروعات والقطاع الاقتصادية المختلفة وبالتالي سينخفض حجم الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير، وفقاً للدكتور الشامي.

من جهته، يقول الخبير العقاري، مهند الوادية،: "لأول مرة في تاريخ الإنسانية يشهد العالم أربع أزمات دفعة واحدة، وهي أزمة (كوفيد – 19)، والتوترات السياسية، والأزمة الاقتصادية وما تشهده من تداعيات التضخم ورفع أسعار الفائدة، وأزمة تغير المناخ، حيث نتج عن هذه الأزمات خوف دفع الناس ما دفعهم للبحث عن ملاذات آمنة لاستثمار أموالهم".

ويشرح الخبير العقاري أن القطاع العقاري في كل أنحاء العالم تأثر بموجات التضخم أسوة بجميع القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات بالنسبة للمستهلكين، كما أوضح أن رفع سعر الفائدة يؤثر على الأشخاص الذين لديهم قرض عقاري لأن نسبة الفائدة ستزداد، لكنه أكد في الوقت ذاته أن العقار أثبت جدارته كأصل استثماري يساعد على التحوط من الغلاء وبالتالي يعد ملاذاً آمناً في المدن والدول التي توفر بيئة جاذبة للمستثمرين مثل دولة الإمارات.

يشار إلى أن رفع سعر الفائدة من قبل البنوك المركزية يؤدي إلى رفع تكلفة القروض، وبناء على ذلك تضع البنوك خططها في آلية احتساب جديدة لأسعار الفائدة على القروض التي تقدمها للعملاء، وكلما ارتفع سعر الفائدة الذي يضعه البنك المركزي، تزيد نسبة الفائدة بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة، بالعملات المقومة بعملة المركزي أو المرتبطة بها، ورغم أن رفع سعر الفائدة يساعد على تخفيض معدل التضخم فإنه يضعف أيضاً النمو الاقتصادي.