هيكلة البوتاس ... ومكافحة الفساد
جراءة نيوز-عمان-ماهر الموسى :
نطالب هيئة مكافحة الفساد بان تمتد تحقيقاتها الى كل المواقع في اردننا الغالي ، والى ما جرى ويجري في الشركات التي تمت خصخصتها ، ومنها شركة البوتاس العربية ، ونحن هنا نتحدث عن مرحلة ما قبل تعيين معالي المهندس جمال الصرايرة ، قبيل اشهر قليلة في راس هرمها .
ولم يتسنى له بعد تنظيفها ، بل نتحدث عن ماض قريب ، ما زلنا نعيش معاناته يوميا ، على حساب صحتنا وراحتنا النفسية ، حيث يسود الفساد الاداري ، لمصلحة فئة من العاملين ، منحت الرواتب الخيالية والامتيازات ، كما منحت السلطة المطلقة لممارسة القهر والظلم ، ضد فئة من ابناء الاردن ، كانوا يفخرون على الدوام ، بانهم اغلى ما يملك الاردن ، عاشوا الى ما قبل الخصخصة ، مرفوعي الراس ، مصانة كرامتهم ، حتى جاءت الخصخصة ، فافرزت وحوشا لا يشبعون ، ولا يتوقفون عن نهش لحوم بني جلدتهم ، فبانت ساديتهم على حقيقتها ، وتعرى انتمائهم الوطني المزيف ، فاذ بهم عبيدا مخلصين ، لسيد توهموا انه يستهدف الوطن وابنائه ، فيرعوا في تقديم القرابين له ، لتاكيد الولاء ، والاستئثار بالمغانم ، وربما هو لا يدري ما يضمرون ، وهم له ظالمون ، ومن هذا المنطلق ، تسابق المدراء العرب ، لممارسة شتى الموبقات ، فمنحوا انفسهم واتباعهم المزايا من رواتب ومواقع ، وحرموا اخرين من حقوقهم الطبيعية ، وقد كانت غلطة المستثمر الكبرى ، وربما الوحيدة ، ان اطلق ايديهم لمثل هذه الممارسات دون رادع ، واغلق امام كل من ظلم ، ابواب المطالبة بالحق .
اننا غير معنيين بمهاجمة مستثمر ، جاء الى بلادنا ، انسجاما مع سياسة اقتصادية عالمية جديدة ، ولا نكن له اي عداوة ، ولا نطلب من مكافحة الفساد الاقتراب من المستثمر الاجنبي ، بل من المدير العربي ، الذي اساء لهذا المستثمر قبل ابن الوطن ، وشوه النظرة له ، فكان ما يقوم به ، انعكاس لثقافته المترسخة ، التي تربى عليها ، والتي نعتبر كل اجنبي عدو ، فاصبح عدوانيا شرسا ضد ابناء وطنه ، كي يفوز بالمغنم من الاجنبي مكافاة له كما يتوهم ، فالمستثمر الاجنبي ، وخاصة الغربي ، يهمه الانسان كما المال .
ولا يرضى ان يكون الاخير على حساب الاول ، وآن لهذا المستثمر ان يعرف انه خدع بهولاء المدراء العرب ، وانهم اساؤا له ، ويحاولون بث الكراهية ضده ، وهو الذي وثق بهم وبامانتهم ، وائتمنهم على حقوق العاملين ، آن لنا ان نقول ، ان المستثمر الاجنبي ، عندما اقر هيكلة الرواتب عام 2008 ، لم يدر في خلده الاعيب العرب ، وابداعاتهم في التزوير والفساد والايذاء .
اراد المستثمر من الهيكلة رفع مستوى معيشة العاملين ، وتعزيز انتمائهم للشركة ، وتحفيز جهودهم لرفع مكانتها ، فكانت زيادات مجزية في الرواتب ، وصلت عند بعض العاملين لمضاعفة الراتب واكثر ، وعند المدراء لحدود خيالية ، زادت من شراسة عدوانيتهم ، طمعا في التهام المزيد ، عير الفساد والظلم والقهر ، ورغم الشكاوي المستمرة من اكثر من اربع السنين .
ولئن المستثمر لا يثق الا بالمدراء ، فقد صوروا له الشكوى طمعا ، والحق باطلا ، دون ان يعلموا كم هو الظلم الذي وقع ، والحقوق التي انتقصت ، سواء في زيادات الرواتب ، او توزيع مغانم المواقع ، او فساد التعيينات ، وانني هنا اتحداهم ان يبرزوا الاسس التي عليها قامت الهيكلة ، لقد كانت اسسا من المحسوبية والتنفيع ، مارسها مدير الموارد البشرية الاسبق ، وشلته من المنتفعين ، الذين يتلقفون اي مسؤول عربي قادم ، يحيطونه بالعواطف المزيفة ، فهم خبراء في كيفية اكل لحم الكتف ، خاصة ان من ايجابيات المستثمر الاجنبي ، ان اغلق امام هذه الشلل كل الابواب ، دون ان يعلم انه يتعامل مع رؤوس وزعماء بعضها ، من المدراء العرب .
فهل يعلم المستثمر الاجنبي انه لا توجد اسس للهيكلة التي تمت ، الا اسس المحسوبية والشللية والفئوية والاقليمية والطائفية ، وان كل الدراسات التي تمت لم يؤخذ بتوصياتها ؟،هل يعلم المستثمر الاجنبي ، اسس التعيينات في الوظائف ، سواء من خلال التنقلات الداخلية ، او التعيينات الخارجية ، وانها كلها قامت على اسس الفساد ، وخاصة في السنوات الثلاث الاخيرة ، وهل يعلم قصة تعيين ابن احد مدراء الدوائر ، وهو الذي اشتهر بقهر العاملين معه ، ويتمتع لديهم بسيرة "عطرة" ؟
هل يعلم المستثمر الاجنبي ، بحجم العمل الاضافي التنفيعي ، الذي منح لازلام المدراء واتباعهم ، دون النظر الى مصلحة العمل ، وكيف يتسابق فنيون وحتى عمال مياومة ، في الانتقال الى اقسام منحت نعمة التنفيع بالعمل الاضافي ، واصبح هذا التنفيع وسيلة لحرب قذرة ، تشن على اقسام يرأسها من لا يحظى برضى المدير ، فيحرم مع عماله وفنييه من اي عمل اضافي ؟
هل يعلم المستثمر الاجنبي ، اسس التقييم السنوي ، والاساليب الكيدية التي تتبع ، لحرمان "الاعداء" من اتفه حقوقهم ، كيف لمهندس امضى 25 عاما بتقدير ممتاز واقله جيد جدا ، يقيم في اخر عامين من الخمسة اعوام المقررة لمنح الدرجة الادارية ، تقييما اقل من التقييم الذي يؤهله لهذه الدرجة ، مع انها ليست بتلك المزايا المغرية ؟
هل يعلم المستثمر الاجنبي ، ان تلاعبا بالمسميات الوظيفية ، قد انتشر كالنار في الهشيم قبل الهيكلة ، وان الجميع تسابق لتنفيع ازلامه بتغيير المسمى ، وخاصة في دائرة الصيانة عبر مديريها ، السابق واللاحق ، وان المسمى كان اساسا وحيدا واهيا ، اتخذ ذريعة للتنفيع للبعض ، وليس للجميع ، وان نفس المسمى نفع هنا ، وانتقص حقه هناك ؟
هل يعلم المستثمر الاجنبي ، الاسس التي يمنح فيها ناظر بدائرة الصيانة ، الدرجة المالية السابعة ، وقد امضى اكثر من نصف عمره في العمل الميداني الشاق ، وتقييمه لا يدل على اي تقصير ، بينما يمنح المهندسين الجدد الدرجة المالية الخامسة ، هل تعلم ايها المستثمر ان في هذا ظلما يصل حتى الكفر ، وجريمة تستحق العقاب ؟
هل يعلم المستثمر الاجنبي ، ان تلاعبا جرى في المهام الوظيفية قبل الهيكلة ، عظم مجال عمل فلان ، والحقت به اقسام لا تتجانس مع عمله الاصلي ، لتعظيم دوره ، وقزم عمل اخر لتحجيم دوره ، او اظهاره بدون عمل مجد ؟
هل يعلم المستثمر الاجنبي بحجم هذا التفوق العربي بالخبث والدهاء ؟ ،ان ثقتنا كبيرة في معالي رئيس مجلس الادارة ، المهندس جمال الصرايرة ، وهو ابن الوطن المخلص الموثوق ، المعروف بعشق الوطن حد التصوف ، ونتق بان هذا الوضع الشاذ سينتهي قريبا بعزيمته ، رغم خوفنا ممن سيضع العوائق في طريق نجاحه ، بعد الخطوات الجبارة التي قام بها ، في زمن قياسي ، وبعد اشهر معدودة من تعيينه ، عندما حطم احد اوكار الفساد ، واعاد الثقة بدور البوتاس الوطني ، من خلال دعم المجتمع المحلي و الوطن باجمعه ، وامر باعادة الهيكلة ، والاهم من ذلك كله ، انه اعاد البسمة والامل لعمال البوتاس ، حين دنا منهم ، ولامس همومهم ، وكانت اخر خطواته الرائدة ، تعيين نائب جديد للمدير العام للموارد البشرية ، وهو صاحب السيرة العملية العطرة ، ونثق بانه سيحطم الياس الذي ورثناه من اسلافه .
لكننا نطالب هيئة مكافحة الفساد ، ان تحقق فيما مضى ، بتلك الهيكلة الفاسدة ، وبكل اجراءات التعيين المزورة ، وبالترقيات والتنقلات ، التي نفذها المدراء العرب ، والاجنبي منها براء ، والتي لم تقم الا على اسس المجسوبية والشللية ، وان تحاكم وتعاقب المتسببين في الاذى المعنوي والمادي لمئات العاملين ، من اصحاب الحقوق المهدورة ، وهم من اصحاب الخبرة الطويلة ، الذين عاشوا وما يزالون اقذر معاناة في تاريخ البوتاس ، وهم الذين بنوا البوتاس بعرقهم ودمهم ، لياتي زمن يحرمون فيه من حقوق طبيعية ، وتمنح فيه المزايا والعطايا والمواقع ، للطارئين على البوتاس ، ممن هبطوا عليه بالبراشوت ، دون ان يشموا رائحة العرق باجسادهم ، ولا ان تنزف قطرة من دمهم ، بينما الذين اروا عطش المصانع بالدم والعرق ، اصبحوا غرباء فيه ، ينشدون الانصاف والعدل ، في هذا الزمن الرديء .