هل يجوز للحاج صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة؟

العشر الأوائل من ذي الحجة من أفضل أيام الله التي يستحب فيها الاجتهاد في العبادة، بما في ذلك الصوم، فهل يجوز للحاج صومها؟

ذو الحجة هو الشهر الأخير من السنة القمرية، وهو ثاني الأشهر الحرم، وسمي بهذا الاسم منذ أيام الجاهلية، لأن العرب كانوا يحجون فيه، كما أنهم كانوا يحرمون فيه القتال.

ثم أعطاه الإسلام ميزة باعتباره شهر الحج في الإسلام، وقال الله تعالى: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ". [البقرة: 197].

وتعد الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة من أفضل أيام الله، فيستحب فيها الاجتهاد في العبادة والتقرب إلى الله تعالى، وكثرة العمل الصالح، لأنه يضاعف فيها العمل والأجر، ولهذا أقسم الله تعالى بها في قوله تعالى: "وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ". [الفجر:1-2].

كما روي عن النبي أنه وصفها بأحب الأيام إلى الله، وذلك لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".

وأيضا لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر".

صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة للحاج

يعد صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة مستحب للحاج وغيره؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ".

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (28/91): "اتفق الفقهاء على استحباب صوم الأيام الثمانية من أول ذي الحجة قبل يوم عرفة".

وصرح المالكية والشافعية بأنه يسن صوم الثمانية التي من أول ذي الحجة قبل يوم عرفة للحاج أيضا.

بينما استثنى المالكية من ذلك صيام يوم التروية للحاج (اليوم الثامن من ذي الحجة)، ونصوا على أنه يكره للحاج أن يصوم بمنى وعرفة تطوعا.

وبالتالي، فإن أغلب الفقهاء اتفقوا على أنه يسن صوم الثمانية أيام قبل يوم عرفة سواء للحاج أو غيره، أما الحاج فلا يسن له صوم يوم عرفة بل يستحب له فطره ولو كان قويا، اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم.

حكم صيام يوم عرفة للحاج

أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه يستحب صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة ليس لأن صومها سنة، ولكن لاستحباب العمل الصالح بصفة عامة فى هذه الأيام، والصوم من الأعمال الصالحة.

وقالت الدار: "صوم يوم عرفة سنة فعلية فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقولية حث عليها فى كلامه الصحيح المرفوع؛ فقد روى أبو قتادة رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ"، أخرجه مسلم".

وأضافت: "يُسن صوم يوم عرفة لغير الحاج، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة كما ورد بالحديث".

وأوضحت أنه "يحرم باتفاقٍ صيام يوم العاشر من ذي الحجة؛ لأنه يوم عيد الأضحى، فيحرم صوم يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، وأيام التشريق، وهي 3 أيام بعد يوم النحر؛ لأن هذه الأيام منع صومها؛ لحديث أبى سعيد رضى الله عنه أن (رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ؛ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ)، رواه البخارى ومسلم واللفظ له".