وكأنّ ماكدونالدز لم يكن .. كيف أثبت الروس أنه يُمكن التخلّي عن أمريكا
لعلّ العُقوبات المفروضة على روسيا جرّاء حربها في أوكرانيا، ستكشف على المدى البعيد مدى ضعف وهشاشة النظام الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكيّة، بدءًا من بداية نهاية الدولار الأمريكي، وبديله من العملات الروسيّة، والصينيّة، التي ستكون البديل الأكيد، في ظل ما يتعرّض له الاقتصاد الأمريكي من أزمات، وارتفاع الأسعار، وأزمة غلاء البنزين غير المسبوقة تحديدًا.
على المدى القريب، قد تكون المشاهد القادمة من العاصمة الروسيّة موسكو، أكبر دليل، بأن تأثير الأمريكيين، وبضاعتهم، لا يتعدّى حالة الاعتياد، وليس السّيطرة عبر مفهوم العولمة التي صدّعت أمريكا رأس العالم به على مدار سنوات طويلة، وأن لا بدائل عن حُكم، وهيمنة، وصناعات، وحتى مطاعم الولايات المتحدة الأمريكيّة.
"لذيذ ونقطة” أو "فكوسنا إي توشكا” مطعم الوجبات السريعة الروسي، والذي جرى افتتاحه، بعد إغلاق سلسلة مطاعم "ماكدونالدز”، تُلخّص مشاهده، كيفيّة قدرة الروس على الاستغناء عن هذا المطعم الأمريكي، وزيارة بديله الروسي، تماماً كما فعلوا مع منصّات التواصل الاجتماعي الأمريكيّة، بعد حجبها في روسيا، أو امتناع بعضها عن تقديم الخدمات للمُواطنين الروس، واستبدلوها بالمنصّات الروسيّة.
طوابير طويلة، وازدحام وثّقتها الصور على المطعم البديل لماكدونالدز، وبطبيعة الحال المنصّات تذكّرت كيف سلّط الإعلام الغربي الأضواء على حالات الغضب والامتعاض التي انتابت قلّة من الروس لإغلاق ماكدونالدز، لينقلب الحال، ويجد مطعم "لذيذ ونقطة” مكانه في قلوب الروس، ومُنذ اليوم الأوّل لافتتاح أوّل فرع له، وكأن ماكدونالدز لم يكن يوماً ما في روسيا.
وتم افتتاح المطعم الواقع بالقُرب من محطّة مترو الأنفاق "بوشكينسكايا” في وسط موسكو، أمس الأحد، وبحلول نهاية يونيو الجاري سيزداد عدد المطاعم إلى نحو 200، حيث تُخطّط إدارة سلسلة المطاعم السريعة "لذيذ ونقطة” لافتتاح ما بين 50 و100 مطعم كل أسبوع في المناطق الروسيّة المُختلفة.
واختار المطعم الروسي شعاره الجديد وهو عبارة عن قطعة برجر، مع قطعتين من البطاطس، مع عنوان لافت لانطلاقته: "الاسم يتغيّر.. الحب يبقى”، مع إضافة أصناف جديدة مُختلفة عن قائمة طعام ماكدونالدز.
ويبدو أن مُراهنة المطعم الأمريكي الذي أعلن خُروجه من روسيا على عدم سماحه باستخدام اسمه وقائمة طعامه بعد بيعه لرجل أعمال روسي، سيترك أثره السّلبي على مبيعات المطعم الروسي الجديد، ولكنّ الإقبال بطوابير طويلة تحدّثت عن نفسها، وسط تفاعل وتداول منصّاتي جاء بالرّد والإجابة على فشل هذا الرّهان.
وتساءل مُغرّدون من جهتهم إذا كانت تلك السلسلة من المطعم الروسي ستصل الشرق الأوسط والعالم والمُنافسة، مع تقدّم روسيا والصين نحو مُشاطرة أمريكا حُكم العالم، وربّما الإطاحة بها، وعُملتها في المُستقبل، ويتحوّل معها الغزو الأمريكي على اختلاف أشكاله إلى ذكريات، وحتى ذكريات سيّئة بالنسبة للبعض الكاره لأمريكا وهيمنتها الاستعماريّة الغازية على العالم بشكلها الحالي.