النائب العام ..أما آن أوان حمايته !


... لم تكن سابقة، ولن تكون الأخيرة، وستواصل الحكومات سطوتها على القضاء والسلطة التشريعية كما تجري عادة الحكومات منذ 95 عاما..

كيف لا ، فطالما أن الفساد إداري ،ومالي " وأخلاقي " فمن الطبيعي أن تتغول تلك السلطة على كل السلطات ،فلا عجب أن تتغول على النواب لأنها هي من ساهم بإيصالهم ودعمهم ،وهم من ارتضوا أن يكونوا مطيّة للحكومات ..

أن تتغول الحكومات وتتدخل بالقضاء وعمل النائب العام فتلك "جريمة " تتجنبها دول كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا وغيرها وحتى دول العالم الناشئة ، باعتبارها ركن من أركان تطور ونماء تلك الدول تشريعيا وقانونيا وسياسيا وديمقراطيا ،فالكل يخشى النائب العام لما يمنحه الدستور والأعراف له من قوة وحصانة .

ولم ينجح مرسي رئيس مصر بإقصاء النائب العام لديه مؤخرا رغم كل العروض المجزية ، لأن وظيفة النائب العام الدفاع عن مصلحة الدولة والوطن والشعب،وهو يلعب في دولا كثيرة دور المستشار للدولة ،ولايخضع لأي ضغوط ،بل يستطيع أن يواجه كل مواطن مهما علا شأنه من أجل مصلحة الوطن ،فكيف يُقصى من يدافع عن الوطن ! ولمصلحة من يتم إقصائه !!!


في أقل من عام وبقرار مفاجئ تم استبعاد وإقصاء رئيس المجلس القضائي السابق محمد المحاميد ، حيث جيء بالعدوان نائبا عاماً خلفا له، وهاهو النائب العام الجديد ثائر العدوان يعاني ما عاناه المحاميد وبقرار " عدائي " من قبل الحكومة وبضغط من مؤسسة الفساد بإقصاء الرجل من جديد !! لماذا ؟ لأنه أمر بالتحقق من قضية فساد كبرى رفض التنازل عنها ، أثارت غضب الفاسدين الذي بذلوا كل ما في وسعهم لإقصاء العدوان عن منصبه ، وقد نجحوا بكل أسف مع رجل كان يضع مصلحة الوطن العليا فوق مصالحة، ولأنه ابرّ بقسمه للدفاع عن هذا الوطن ومصالحه واسترداد حقه رغم ما يعرفه من حجم وضغط ومعاداة لتوجهاته .


تلك كانت أول صفعة يوجهها النسور إلى القضاء والعدالة ، وصفعة إلى كل من استبشر بحكم الرجل سواء رجالات الدولة أو البعض ممن وصفه بالمعارض الليبرالي والمحنك وغيرها منن الأوصاف ، حتى مركز الدراسات الذي خرج علينا أمس بنتائج دراسة تفيد أن 60 % من المواطنين يثقون بالرجل وقدرته على إدارة البلاد ومواجهة أزماتها فقد ادخلها في أول يوم له في الرئاسة بأزمة تشكيك الناس بقوة الدينار واحتمالية سقوطه أمام كل العملات ، مما دفع الناس للبحث عن عملة أخرى كالدولار واليورو كبديل عن العملة الوطنية ،ورفض بعض تجار الخارج في الدول المجاورة من التعامل مع الدينار ،فعلا ما استندت تلك النتائج !


النسور أول ما واجه في أجندته، قاضيا نزيها وأمر بإبعاده وإقصائه " تكريما " لانتمائه ومحبته للوطن كما فعل سلفه في موضوع القاضي المحاميد ،وأرجو أن لا يقول احد هنا أن الحكومة لا علاقة لها ، وان المجلس القضائي هو صاحب السلطة !!!


يبدو أن مؤسسة الفساد ورجالاتها أعظم بكثير مما نتخيله ، فهي لازالت تدير كل الحكومات التي مرت على البلاد منذ اكثر من عقد ، ، ويبدو أن النواب قد سبقوا البعض في الخضوع والاستسلام لتلك المؤسسة وتوجهاتها ، لمعرفتهم بقوة ونفوذ وجبروت تلك المؤسسة ،فكانوا أن أصدر البعض منهم من الخانعين القابلين بتلك المعادلة المدمرة تلك البراءات وصكوك الغفران بحق جهابذة الفساد في الوطن ،ولو كان الدستور يسمح للحكومة إقصاء النواب من المعارضين للحكومات والمطالبين بالتحقق من قضايا الفساد ومحاكمة المعنيين لأقصي 30 نائبا على الأقل !!


لا بد من تعديل دستوري يقضي بتعيين النائب العام من قبل رئيس الدولة او الحاكم ،بحيث يتجنب الحاكم أزمة تبديل أو تغيير للشخص دون الاستناد إلى وقائع تكفل تغييره ولا يخضع لضغوطات فردية أو مؤسسية تحول دون إنجاح عمله ، أو أن يجري انتخابه بالطريقة التي تتبعها دولا كثيرة من ضمن مرشحين أكفا وأصحاب أيدي بيضاء ، فالنائب العام في غالبية دول العالم يحمل درجة الوزير .

ولايجوز لمن ينوب عن الشعب في الدفاع عن مصالحه وحقوقه أن يكون تعيينه أو إقصائه وفق تدخلات وضغوطات وامزجه رضا او عدم رضا عن أدائه ،بحيث يتمتع بالاستقلالية والحرية ، يخشاه الجميع ويحترم عمله الجميع ،فالنائب العام أخطر واهم من موقع النائب التشريعي ، فهذا يدافع ويلاحق كل من يتجرا على حقوق الناس ومصالحها ،وذاك أحيانا وفي بلادنا خاصة يمارس دورا مضادا لدور النائب العام ويعطل عمله حماية للفاسدين !