روسيا وبوتين .. وهاجس الأمة العظيمة
جراءة نيوز - الدكتور منذر الحوارات يكتب ..
لطالما شعرت روسيا أن تسويات ما بعد الحرب الباردة كانت مجحفة بحقها أو حتى مُذلة، وقد تكون محقة في ذلك فالغرب المنتصر وجد من حقه أن يفرض على الطرف المهزوم ما يناسب انتصاره وهذا خَلّف مرارة ساكنة في اعماق الأمة الروسية الجريحة وعمق في داخلها الإحساس الدائم بالتهديد من خطر الغرب والولايات المتحدة، وساهم في تعميق هذه المخاوف الجغرافيا الممتدة فروسيا اكبر دولة في العالم بحدودها المترامية الأطراف تحتاج إلى حماية مكلفة بشكل دائم بالذات في الجانب المطل على أوروبا، هذا الأمر عزز القناعة بأنها تحتاج إلى مصدات واقية من ذلك الخطر تمثل في الدول المطلة على ذلك الفضاء، لذلك كان المسعى الروسي للهيمنة على تلك الدول جزءاً من استراتيجية روسية راسخة اعتمدت في جوهرها على التحرك نحو الخارج واستباق هجوم الآخرين بهجوم ينطلق من روسيا وهذا الامر قد يفسر سلوك هذه الدولة مع محيطها.
أما بالنسبة للرئيس بوتين فهو من جسد تلك الاستراتيجية بشكل لا لُبس فيه، فقد كان هناك في المانيا الشرقية عندما انهار جدار برلين في العام ١٩٨٩ م، وكان حاضراً عندما انهار الاتحاد السوفياتي بعد ذلك، وهو الذي قال إن انهيار الاتحاد السوفيتي أعظم كارثة جيوسياسية حلت بالعالم، فقد شهد بأم عينه حدود الدولة العظيمة تتقلص بما يعادل ١.٧ مليون كيلومتر من مساحتها فبعد أن كانت تتغلغل في العمق الأوروبي والاوراسيوي، وتراجعت من مستوى الدولة العظمى الى الدولة الكبيرة، وهذا ما لم تستوعبه هذه الامة ولا زعيمها بسهولة فالانحدار إلى مستوى الدولة العادية يتناقض مع الإحساس الراسخ لدى الروس وزعيمهم بأن روسيا يمكن أن تكون كذلك، فهي بالنسبة لهم دولة رسالية لها مهمتها ولا يجب أن تكون إلا بموقع الأمة العظيمة ومجرد التخلي عن هذا الأمر سيكون مؤلماً وممزقاً لهذه الأمة حسب رأيهم.
ويبدو أن مقولة جون ماكين المشهورة (بأن روسيا عبارة عن محطة وقود متنكرة بهيئة دولة) هي من ألهم بوتين لمواجهة الولايات المتحدة، فرغم أن روسيا تمتلك قوة ردع نووية هائلة لكنها وجدت ما هو اكثر تأثيراً، ففي جعبتها قنبلة ربما أهم من ذلك، انها الغاز فبه بدأت بالتأثير على الاستراتيجية الاميركية الهادفة للتواجد في أماكن التهديد الحقيقية ومحاولة شدها عن ذلك بواسطة أمرين اثنين أولهما اضعاف التحالفات الاميركية مع الاصدقاء الاوروبيين، وثانيهما تحرير أعداء أميركا (الصين) من ضغوطها، فمن خلال أنبوب نورد ستريم للغاز باتت روسيا فاعلاً مهماً في القرار الأوروبي بالذات ألمانيا التي أصبحت تضع الرضا الروسي نصب عينيها في كل قرار، وهذا بالطبع يقلل من تأثير الولايات المتحدة، أما بالنسبة للصين فهي تعتمد على مصادر خارجية للطاقة ومعلوم أنها تمر عبر المضائق والممرات العالمية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، وبالتالي لدى الصين هاجس دائم بأن مصادر طاقتها تحت رحمة الاميركان وروسيا من خلال تحالف ثلاثي بينها وبين الصين وإيران تحاول تحرير الصين من هذه الهيمنة بإيجاد ممرات بديلة للطاقة لا تخضع للهيمنة الاميركية مما يفقدها هذه الميزة المهمة لمصلحة الصين.
لكن السؤال الملح يبقى حاضراً هل هذه الاستراتيجية الروسية المعتمدة على النزعة القومية والعداء للغرب قادرة فعلاً على إعادة روسيا الى موقعها السابق؟ الجواب ربما نجحت روسيا في خلط الأوراق العالمية لكن ضعفها الاقتصادي والديمغرافي ربما لا يسعفانها في تحقيق هذا الهدف الذي سيبقى حلم الأمة الروسية وربما مصدر تعاستها الدائم.
أما بالنسبة للرئيس بوتين فهو من جسد تلك الاستراتيجية بشكل لا لُبس فيه، فقد كان هناك في المانيا الشرقية عندما انهار جدار برلين في العام ١٩٨٩ م، وكان حاضراً عندما انهار الاتحاد السوفياتي بعد ذلك، وهو الذي قال إن انهيار الاتحاد السوفيتي أعظم كارثة جيوسياسية حلت بالعالم، فقد شهد بأم عينه حدود الدولة العظيمة تتقلص بما يعادل ١.٧ مليون كيلومتر من مساحتها فبعد أن كانت تتغلغل في العمق الأوروبي والاوراسيوي، وتراجعت من مستوى الدولة العظمى الى الدولة الكبيرة، وهذا ما لم تستوعبه هذه الامة ولا زعيمها بسهولة فالانحدار إلى مستوى الدولة العادية يتناقض مع الإحساس الراسخ لدى الروس وزعيمهم بأن روسيا يمكن أن تكون كذلك، فهي بالنسبة لهم دولة رسالية لها مهمتها ولا يجب أن تكون إلا بموقع الأمة العظيمة ومجرد التخلي عن هذا الأمر سيكون مؤلماً وممزقاً لهذه الأمة حسب رأيهم.
ويبدو أن مقولة جون ماكين المشهورة (بأن روسيا عبارة عن محطة وقود متنكرة بهيئة دولة) هي من ألهم بوتين لمواجهة الولايات المتحدة، فرغم أن روسيا تمتلك قوة ردع نووية هائلة لكنها وجدت ما هو اكثر تأثيراً، ففي جعبتها قنبلة ربما أهم من ذلك، انها الغاز فبه بدأت بالتأثير على الاستراتيجية الاميركية الهادفة للتواجد في أماكن التهديد الحقيقية ومحاولة شدها عن ذلك بواسطة أمرين اثنين أولهما اضعاف التحالفات الاميركية مع الاصدقاء الاوروبيين، وثانيهما تحرير أعداء أميركا (الصين) من ضغوطها، فمن خلال أنبوب نورد ستريم للغاز باتت روسيا فاعلاً مهماً في القرار الأوروبي بالذات ألمانيا التي أصبحت تضع الرضا الروسي نصب عينيها في كل قرار، وهذا بالطبع يقلل من تأثير الولايات المتحدة، أما بالنسبة للصين فهي تعتمد على مصادر خارجية للطاقة ومعلوم أنها تمر عبر المضائق والممرات العالمية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، وبالتالي لدى الصين هاجس دائم بأن مصادر طاقتها تحت رحمة الاميركان وروسيا من خلال تحالف ثلاثي بينها وبين الصين وإيران تحاول تحرير الصين من هذه الهيمنة بإيجاد ممرات بديلة للطاقة لا تخضع للهيمنة الاميركية مما يفقدها هذه الميزة المهمة لمصلحة الصين.
لكن السؤال الملح يبقى حاضراً هل هذه الاستراتيجية الروسية المعتمدة على النزعة القومية والعداء للغرب قادرة فعلاً على إعادة روسيا الى موقعها السابق؟ الجواب ربما نجحت روسيا في خلط الأوراق العالمية لكن ضعفها الاقتصادي والديمغرافي ربما لا يسعفانها في تحقيق هذا الهدف الذي سيبقى حلم الأمة الروسية وربما مصدر تعاستها الدائم.