رهام الحكيم تكتب: اربعون يوماً على فراق والدي
جراءة نيوز -
أربعون يوماً على فراق والدي ...
أربعون يوماً مرت علينا وكأنها أربعين عاماً...أربعون يوماً مضت والجرح ينزف على فراقك
يا فقيد قلبي ، يا من أخذ قلبي معه. مرت الأيام من دون طعم من دون أن اناديك واقول بابا.. لم يهدأ لساني عن الدعاء والاستغفار لك، ولكني حتى هذه اللحظة أشعر وكأني أعيش بكابوس لم ولن استيقظ منه.
لأول مرة نشعر بالوحدة وألم الفراق، ومع ذلك ستبقى يا أغلى الغاليين دائماً وأبداً في القلب والوجدان ، ولا يمكن للأيام والسنين أن تمحو ذكراك الغالية أبداً ما حيينا.
يقولون : أن الحزن يقل مع الوقت إلا أن حزني يزيد ويكبر ولن أعود لمثل ما كنت عليه أبداً أبداً...
بكاك الأهل والأصدقاء والجيران والأحباب وكل من عرفك فأنت أيها العزيز الغالي في قلب كل من عرفك وتعامل وتواصل معك، والكل يشهد على طيبتك وصدقك وخلقك الرفيع.
والدي الغالي لقد رحلت عنا فجأة دون أي إنذار وبرحيلك فقدت كل شيء ، أنا الآن أعيش تائهه في هذه الدنيا ، فوجودك بجانبي كان يعطي للدنيا معاني جميلة وكثيرة، وكان يعطيني الأمان والطمأنينة ، أما الآن فلا معنى للدنيا برحيلك عنها. فراقك يا والدي ألم لن يشعر به إلا من عاشه.. فهذه أكثر اللحظات ألماً عندما تقف عاجزاً أمام خسران روح من تحب..
لقد رحلت إلى عالم أرحم وأنقى من هذا العالم الذي نعيشه،، عالم ترى فيه التقدير الذي تستحقه من رب كريم على كل شيء قدمته وعلى كل تضحياتك طول فترة حياتك ومنذ صغرك للجميع ، عالم لا يضيع فيه أي مجهود أو أي تضحيه قدمتها ، عالم لا ينسى فيه أي احسان او معروف ، عالم بعيد عن الأنانية والمظاهر والشكليات الكاذبة .
فرحمة الله تشملك، ويحيطك بعطفه ولطفه ويرأف بك أكثر من البشر.
يا والدي الحبيب ؛ عشت عزيزاً وكريماً و ذو رأي سليم ، وخلق رفيع ، كنت دوماً خَيرَ أبٍ لنا جميعاً ،الأبُ الحنون ،الأبُ الحكيم ، الأبُ المُربّي ،الأبُ العالِم والمُعَلِّم ،الأَبُ النَّصوح ،الأبُ الدؤوب ، الأَبُ الدّاعم ، الأبُ المُتفاني لابنه وبناتِهِ وأحفادِهِ وخير زوجٍ وخير أخٍ وخير صديق .
كنت لي... الصديق الصدوق الصاحب الذي دائماً يتعامل معي وكأنني ما زلت طفلته التي بحاجة إليه ،الذي يقلق علي دائماً من أي شيء، الذي يطبب علي ويخفف عني عندما تضيق بي الدنيا ويقول لي " ما بعد الضيق الا الفرج .. ضاقت ولما استحكمت حلقاتها فرجت "، الذي كان يرافقني في كل مكان ، الذي كان يسمع ويعيش كل تفاصيل حياتي... بالأسماء وبالأحداث وبالأماكن وبالأشياء وبأدق أدق التفاصيل لدرجة يستغرب منها كل من عرفني الهذه الدرجه تصارحي أباك !! نعم لهذه الدرجه، يعرف عني كل شيء وكل الأشخاص ، يعرف من أحسن إلي ومن دعمني ومن خذلني ومن أساء إلي ومن ظلمني ومن ومن ومن....
افتقدك وأشتاق لك في كل دقيقة وفي كل لحظة يا اغلى من روحي... اشتقت إليك يا أحن وأطيب القلوب.
جزاك الله عني وعن والدتي وأخي وأخواتي وعن كل الناس خير الجزاء . ونسأل الله أن يُحسن عزاءنا ، وأن يُعظِّم أجرنا ، وأن يجبر مصيبتنا فيك ، وأن يُلهمنا الصبر على فقدك ، وأن يجمعنا بك في الفردوس الأعلى من الجنة.
والحمد لله ظل حبل الدعاء هو الوصل بيننا ، اللهم افتح على قبره نافذة من نسائم بردك وعفوك ورحمتك و لا تغلقه أبداً.
لقد فقدت أُنس قلبي حين فقدتك أبي، رحلتَ وفي القلب غصّة وفي العين حرقه وفي النفس حسرة؛ منحتنا كل شيء، ولم تأخذ منَّا شيئاً، كنت تشاطرنا لقمتك، وتكدح في سبيل راحتنا، وتَضيق بك الدنيا من أجلنا، قدّمت لنا كل ما تستطيع وأكثر، فكنتَ لنا العطاء والإحتواء، والصبر والوفاء، وكنت أنت البارّ بنا ومهما فعلنا أو ما سنفعل لن نوفيك جزءاً من حقك.
ستبقى أعظم أب لا وجود لمثله، وأعظم شخص أفتخر فيه طول السنين وطول العمر، ولن يعوض غيابك عني الدنيا بأكملها
اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه، اللهم أكرم نزله ووسع مدخله، اللهم اغسله بالماء والبرد والثلج ونقه من الخطايا مثلما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم أبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله ، و زوجاً خيراً من زوجه ، اللهم أدخله الجنة و أغذه من عذاب القبر وعذاب النار ، اللهم إن كان محسناً فزد من حسناته وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته .
اللهم عوضه خيراً عن كل حزن وألم ذاقه في الدنيا .
اللهم تقبل والدي شهيداً عندك واجعله في ضيافة رسولك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم، واكتب لنا وإياه في جنات الفردوس نزلاً وملتقى .
ابنتك المحبه لك
رهام نياز نظمي الحكيم