تثبيت أسعار المحروقات.. " قرار مسؤول " يغلب مصلحة المواطنين والقطاع الخاص
كتب: عوني الداوود
مرة أخرى ترجّح الحكومة في قرارها لتسعيرة المحروقات الشهرية الظروف المعيشية للمواطنين والمقيمين ، والظروف التي يمر بها الاقتصاد الاردني واحتياجات القطاع الخاص ، وذلك على الرغم من ارتفاعات الاسعار عالميا .
وفي الوقت الذي لم تزد فيه الحكومة نسبة الزيادة على تسعيرة " البنزين بشقيه " للشهرالماضي على (1%) رغم ارتفاعها الحقيقي لنسب تراوحت ما بين (6 الى12%) ، مع تثبيتها لسعري " الكاز والديزل " ، فها هي تثبّت اسعار جميع المشتقات النفطية للشهرالحالي والذي يزداد فيه الاستهلاك عادة نظرا لدخول فصل الشتاء ، و يزداد فيه الطلب عالميا على المحروقات بكافة مشتقاتها من غاز وكاز وديزل وبنزين .. وغير ذلك .
الحكومة تحملت نحو ( 10 - 15 مليون دينار ) فروقات في اسعار المحروقات عن الشهر الماضي، وسوف تتحمل عدة ملايين هذا الشهر، الامر الذي يؤكد بأن قرار" تسعيرة المحروقات " ليس قرارا اقتصاديا مجردا ، والا لكانت هناك زيادات على التسعيرة الشهر الماضي والحالي ، ولكنه قرار تم فيه تغليب وانحياز لمصلحة المواطنين وللظروف المعيشية والاقتصادية ،خصوصا وأن فاتورة الطاقة تشكل نحو( 40% ) من دخل المواطن وتشكّل أكثر من هذه النسبة من كلف الانتاج لكثير من الصناعات الوطنية وقطاعات اقتصادية متعددة كالنقل والسياحة وغيرهما .
مقارنات تسعيرة المشتقات بين الاردن ودول أخرى مقارنات في غالبها غير عادلة وظالمة - وفقا لخبراء - انطلاقا من أن المقارنات لا تكون بالسعرالمجرد ولا بمقارنة تسعيرة بنزين (اوكتان 95 ) لوحده مثلا وهو الأكثر استهلاكا في تلك الدول في حين أنه ( الاقل استهلاكا في الاردن - بحدود 200- 250 الف لتر سنويا ) بينما تؤكد مقارنات الأسعارلـ" اوكتان 90 " الأكثر استهلاكا في الأردن ، والذي تصل فيه نسبة الاستهلاك الى نحو ( 1.5 مليار لتر سنويا ) بأن السعر أفضل بكثير من الدول ، اضافة الى ضرورة الاشارة لما تتحمله الحكومة من كلف دعم الديزل ( والتي تصل أحيانا الى 60% ).. وفي الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الكاز والديزل عالميا تستمر الحكومة بتثبيت اسعار الكاز حتى نهاية فصل الشتاء .. مع ملاحظة ان كثيرا من دول العالم توحّد اسعار البنزين والديزل في تسعيرتها ، بينما الوضع في الاردن مختلف وهناك " دعم بيني " في نهج تحديد التسعيرة ، والتي لا تتم ابدا وفقا للمعادلات المالية فقط أو كلف المتعددة التي تدخل في احتساب تسعيرة المشتقات النفطية .
هذا عدا ما تتحمله وتحملته الخزينة من كلف وعبر الحكومات المتعاقبة جراء تثبيت سعراسطوانة الغازعند ( 7 دنانير فقط ) رغم الارتفاعات التي تشهدها أسعار الغاز عالميا .
نحن لا نقول بأن الحكومة تخسر من تسعيرة المشتقات النفطية ، فهناك ضرائب مفروضة وعائدات تذهب للخزينة وللبلديات وغيرها ، ولكن ما نشير اليه ، أن هناك مبالغ طائلة ومهمة يتحملها الاردن وهو بلد غير نفطي يستورد أكثر من ( 95% ) من احتياجاته من الطاقة من الخارج مما تنعكس عليه تبعات كل الارتفاعات والزيادات التي تطرأ عالميا سواء في أسعار برميل النفط أو الغاز أو كلف الشحن والنقل وغير ذلك في ظروف الشتاء القارس الذي يزداد فيه الطلب العالمي على المحروقات ، وفي وقت تتعرض فيه مخزونات النفط في العالم الى ضغوطات نتيجة جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصادات العالمية وسلاسل التوريد ، وفي وقت لم تتخذ فيه دول " اوبك+" أية توجهات لزيادة الانتاج حتى نيسان المقبل على الاقل .
موقف الحكومة في تسعيرة المشتقات النفطية للشهرين الماضي والحالي ، قرار حكيم ومسؤول انحاز الى مصلحة المواطن والقطاع الخاص، ويشكل دعما مباشرا وغير مباشر لفاتورة جيب المواطن والتاجر والصانع وكافة المنشآت والمؤسسات السياحية والطبية والتعليمية ، مع تأكيدنا المستمر ومطالباتنا الدائمة للحكومة بالمضي قدما بمشاريع الطاقة والطاقة المتجددة والبديلة والاقتصاد الاخضر والتوسع بمشاريع النفط والغاز وفقا لاستراتيجة الطاقة وأمن التزود بالطاقة .