رائحة جسمك هي مفتاح شخصيتك
تعد رائحة الجسد مفتاحاً للكثير من الأسرار عنك، مثل عمرك ونظامك الغذائي وعواطفك ومدى قوة جهاز المناعة لديك. وتقول جود ستيوارت، من وول ستريت جورنال: الجسم يبعث بالمعلومات باستمرار، وتتسرب هذه المعلومات في الهواء كروائح.
ومع ذلك، تظل الطريقة الدقيقة التي نكتشف بها الروائح ونفسرها لغزاً.
تتكون رائحة جسمك من ثلاث طبقات، تنبثق جميعها من الجلد. على مستوى السطح، نحارب الرائحة الكريهة بمزيلات العرق والاستحمام. المستوى المتوسط ينبع من عوامل ثقافية مثل النظام الغذائي والبيئة.
أسفل تلك المستويات، ستجد الرائحة الأساسية للشخص. هذه الرائحة متفردة بالنسبة لك، مثل البصمة، وهي ترسل معلومات مفصلة بشكل مدهش عن صحتك.
مفتاح هذه الرائحة الشخصية هو ما يسمى «معقد التوافق النسيجي الرئيسي» لدينا، أو MHC.
كتبت باحثة الرائحة راشيل هيرز في كتابها «رائحة الرغبة»: إن «جينات معقد التوافق النسيجي الكبير هي الأكثر تغيراً في الطبيعة. فكل شخص لديه مجموعة متفردة من جينات معقد التوافق النسيجي الكبير».
تشكل مجموعتك المكونة من 50 جيناً من «معقد التوافق النسيجي الكبير» النمط الجيني الأساسي لجهاز المناعة في الجسم. وتعبّر هذه الجينات عن نفسها للعالم كرائحة أساسية لجسمك.
أحد الأسباب الرئيسية التي تجذبنا رائحة رفيق معين هو أن جينات معقد التوافق النسيجي الكبير، وأنظمة المناعة التي تتحكم فيها الجينات، تختلف عن جيناتنا وتكملها.
رائحة الأم
تؤكد الدراسات أن الأمهات والأطفال يعرفون بعضهم أولاً عن طريق الشم. في إحدى التجارب، قام الأطباء بتعريض الأطفال حديثي الولادة إلى فوطة مشبعة برائحة ثدي أمهاتهم وقطعة أخرى غير معطرة. تحرك معظم الأطفال حديثي الولادة نحو تلك التي تفوح منها رائحة الأم.
كذلك تتعرف الأمهات على أطفالهن بسرعة مذهلة عن طريق الرائحة. في إحدى الدراسات، طُلب من الأمهات الجدد شم ثلاثة قمصان داخلية للأطفال وتحديد طفلهن. تعرف أكثر من %90 من الأمهات على أطفالهن بشكل صحيح، على الرغم من أنهن أمضين 10 دقائق إلى ساعة فقط مع أطفالهن حديثي الولادة.
كيف تعمل الرائحة؟ ينتقل جزيء الرائحة عبر الأنف، حيث تكتشفها الخلايا العصبية الشمية وترتبط بها بروتينات المستقبل داخل الخلايا العصبية. ولكن ما تزال آلية ذلك لغزاً.
التشخيص المرضي
ويمكن تشخيص الأمراض بواسطة الرائحة. يمكن للطبيب المدرب أن يشم الملاريا ومرض باركنسون والتصلب المتعدد وسرطان الجلد وسرطان الثدي والرئة.
في دراسة أجريت عام 2020، قام فريق فرنسي لبناني بتدريب 18 كلباً على شم Covid-19 واختبروا الكلاب في المطار. فتمكنت من التعرف على النتائج السلبية بدقة %100 وعلى النتائج الإيجابية بدقة %92.
التشخيص عن طريق رائحة الجسم ليس جديداً. في الأزمنة السابقة للحداثة، كان المعالجون يعرفون أن التيفوس يجعل أجسام المصابين تفوح منها رائحة الخبز البني الطازج، والسل يبعث رائحة الجعة، والطاعون يبعث رائحة التفاح الناضج.
التحولات في رائحة جسمك تكشف عن مشاعرك. فمشاعر الخوف والاشمئزاز تؤدي إلى انبعاث رائحة تختلف عن الرائحة المنبعثة عن شخص سعيد.
وإذا عانقت صديقاً بعد فترة توقف طويلة بسبب كورونا، فسوف تستنشق الكثير من المعلومات عنه، مثل مزاجه وما أكله على العشاء وصحته.. إلخ، كل ذلك يظهر في رائحة الجسد، وكأنه مكتوب بشكل غير مرئي في الهواء.