ما حكم سماح الزوجة لأولادها بزيارة أهلها على غير رغبة أبيهم
صلة الأرحام من الأمور الواجبة والمأمور بها شرعًا، لذا وجب على الأسر تربية الأبناء وتعويدهم على زيارة الأرحام، لكن ربما يخالف البعض الأمر الرباني، وهو سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية، كان مضمونه: «هل تأثم الزوجة إذ أذنت لأولادها بزيارة أهلها على غير رغبة زوجها؟».
السؤال أجاب عنه الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، موضحًا أنه في هذه الحالة لا بد أن تتسم الزوجة بالكياسة، وتفرق بين الزوج صعب الطباع، الذي يمنع أبنائه عن صلة الرحم، وبين كونه يريد تربية الأبناء، ويخاف عليهم من أجواء معينة.
صلة الأرحام واجبة ومأمور بها شرعًا
أضاف «وسام»، أن كل امرئ أدرى بحاله، وصلة الأرحام واجبة ومأمور بها شرعًا، على قدر الرحم الموصولة، إذ توجد رحم يجب وصلها، ورحم يستحب وصلها، وفيما يخص الأجداد فهي واجبة، لذلك لا ينبغي أن يمنعهم الزوج عن زيارتهم، ما لم يكن هناك غرضًا حقيقيًا تربويا من هذا المنع.
ونصح أمين لجنة الفتوى، بأن الزوج إذا كان يتسم بالطباع الصعبة، يجب على الزوجة أن تتسم بالكياسة والذكاء، ولا تظهر عصيان أوامر زوجها، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإذ استطاعت الزوجة أن يزور أبنائها والديها، دون وجود مشاكل فلا مانع من ذلك.
لا يجوز للمرأة المبيت لدى أسرتها دون إذن الزوج
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، أيضا، سؤال نصه: «هل يجوز للزوج أن يدفع زوجته لعقوق والديها وقطع رحمها؟ وهل يجوز لها أن تعق والديها وتقطع رحمها طاعة له؟»، ورد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، في الفتوى التي حملت رقم 2372، بأنه من المقرر شرعًا أن صلة الرحم واجبةٌ، مستشهدًا بقول الله تعالى (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى).
وتابع «جمعة»، أن فقهاء الأحناف اتفقوا على أن الزوج لا يمنع زوجته من الخروج إلى الوالدين في كل جمعة، إن لم يقدرا على إتيانها، ولا يمنعهما من الدخول عليها في كل جمعة، فللزوجة أن تزور والديها مرة كل أسبوع، ولو بدون إذن زوجها، وكذلك جدها في حال عدم وجود أبيها، وجدتها في حالة عدم وجود أمها.
وأوضح مفتي الجمهورية السابق، أنه طبقًا لفقهاء الأحناف، أنه لا يجوز للمرأة المبيت بغير إذن الزوج، وهذا هو المعمول به في القضاء الشرعي، طبقًا للمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، إذ تنص على أنه: «عند عدم وجود نص، يُعمَل بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة، ولا تعارض بين ذلك وبين قوامة الرجل في بيته، ولا يحقّ له أن يستغل أمر الشرع للزوجة بطاعته في منعها من الواجبات التي عليها، فكما لا يحق له أن يمنعها من الصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر الواجبات، وكذلك لا يجوز له منعها من صلة الوالدين والأرحام، ولا يحقُّ له تحت دعوى وجوب الطاعة أن يعزلها عن مجتمعها فتكون كالمسجونة التي تؤدي مدة الحبس عنده».
ولا يجب على المرأة طاعة زوجها، إذا أمرها بقطع رحمها وعدم بر الوالدين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لأن الطاعة في المعروف، الزوج والزوجة والأحماء (إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا).