وأخيراً عبدالله

رئيس وزراء قوي وأمين ولكن خياراته محدودة جدا، هذا هو حال دولة رئيس الوزراء الأردني، المكلف بإدارة مرحلة الانتخابات النيابية القادمة، فقانون الانتخاب نافذ، ومجلس النواب منحل، وقانون الطوارئ مجرد التفكير باستخدامه ليوم واحد فقط لتمرير قانون انتخاب مؤقت، يعتبر قرار محرج جدا للمعارضة، والحكومة، والملك على حد سواء.

وان كانت نتيجة استعماله قد تؤدي إلى ضمان معدلات مشاركة كبيرة في العملية الانتخابية،وعلى الرغم من ذلك، يبقى للإرادة الملكية بتكليف الدكتور النسور، وقع طيب في نفوس الأردنيين، فالرجل صاحب مواقف جريئة وثابتة للمطالب الإصلاحية، وصاحب رؤية واضحة في أولويات السلطة والقيادة، تجعل منه الرجل الأكثر قبولا لدى الجماعات الإسلامية، ومختلف الفعاليات السياسية والحزبية الأردنية الأخرى.

كما ولكونه مطلع بشكل كبير على واقع الحياة السياسية والاقتصادية لكل أطياف الشعب، ومعاصر لها، ومدرك لانعكاساتها على كل فئات المجتمع، علاوة على السمعة الطيبة التي يتحلى بها الرجل شخصيا، ونظافته، ونزاهته، من أي تورط بأي ملف من ملفات الفساد، التي تلطخت بها سمعة كثير من رجال الدولة، وكبار موظفيها، تجعله أيضا الرجل الأكثر قبولا لدى الشارع الأردني بمختلف أطيافه، سواء الموالية بالولاء المطلق للملك، أو تلك الفئات الشعبية التي تنظر للفعاليات الحزبية الأردنية بعين الخوف منهم والشك بحسن نواياهم.

فالرجل محل ثقة الجميع، وانه من الرجال الذين كان منتظر منذ زمن طويل توليهم مثل هذه المهمة.
وفي ضوء ذلك فقوة الرجل وعزيمته على المحك، فقدرته على إقناع الأحزاب والتيارات السياسية المُقاطعة للانتخابات بالعدول عن قرار المقاطعة، في ظل قانون الصوت الواحد الحالي، على الرغم من صعوبتها، إلا أنها ممكنة في حال تقديم ضمانات جدية وكافية بنزاهة العملية الانتخابية، وكف يد الأجهزة الأمنية عن العملية الانتخابية بكل مراحلها.

ولجم الإعلام الرسمي عن التحريض ضد الجماعات الإسلامية، فهذه الوسائل ستكون مشجعة لجبهة العمل الإسلامي ومحفزة على المشاركة، لا سيما وإنها في مثل هذه البيئة المناسبة، ستتمكن من تحصيل عدد مناسب من المقاعد النيابية، يحقق لها القوة والتأثير في قرارات المجلس النيابي، وتبقى معضلة مجلس الأعيان، والتي من الممكن أن تعالج خلال فترة عمر المجلس النيابي، التي أصبحت القيود في طريق قرار حله أكثر تعقيدا من قبل، لكون الحكومة خلال هذا الاستحقاق ستشكل بموجب رؤية جديدة تتماشى مع التركيبة النيابية التي ستفرز من خلال انتخاب أعضاء المجلس النيابي حسب الوعود الملكية.


ننتظر من دولة الرئيس تسمية طاقمه الوزاري، الذي سيساهم مع دولته في اجتياز مرحلة حرجة من مراحل التغيير السياسي الأردني، في ظل ظروف اقتصادية عصيبة تمر بها المملكة، وحالة من عدم الرضا الشعبي عن أداء كثير من مؤسسات الدولة، انطلاقا من مؤسسة القصر، التي لن يستطيع عمل أي شيء حيالها، أو كبح نفوذها، مرورا بهيئة مكافحة الفساد - وطول بالها- أو انتكاسة الخدمات البلدية في كل المحافظات، والحد من القبضة الأمنية والتعصب في معالجة الأزمات برؤية الرجل القوي، وعدم إتاحة الفرصة للمهنية الأمنية، في اتخاذ فرصتها في معالجة المشاكل وحل الأزمات.


المطلوب من دولة الرئيس العمل على تحقيق طموحات أبناء الشعب الأردني، لأن فشل دولته في هذه المرحلة سيكون ضربة قاضية للإصلاح في المملكة، وان كبا بك جوادك دولة الرئيس، فسنكبو كلنا في هذا البلد، فلا نريد أن نكون صورة عن مصر، ولا نريد أن نكون انعكاس عن سوريا، نريد أن نكون متميزين، بقيادة هاشمية، وتدفعنا إرادة شعبية.

kayedrkibat@gmail.com