سلالات كورونا .. الصحة العالمية قلقة من الطفرة “الأشد عدوى
قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن المنظمة «قلقة» من طفرة «دلتا»، «الأشد عدوى» لفيروس كورونا، مؤكداً رصدها في 85 دولة، ومحذراً من انتشارها السريع بين غير الملقحين.
وتابع تيدروس أن «السلالات الجديدة متوقعة وستواصل الظهور – هذا ما تفعله الفيروسات، فهي تتطور – لكننا يمكن أن نمنع ظهور السلالات من خلال منع (كوفيد – 19) من الانتقال». وأضاف: «ببساطة، فإن مزيداً من العدوى يعني المزيد من السلالات. وقليل من العدوى يعني القليل من السلالات».
وحذر الاختصاصيون والسلطات الصحية من أن المتحورة «دلتا» قد تؤدي إلى ارتفاع كبير في عدد الحالات اعتباراً من هذا الصيف، في حال لم تتخذ بسرعة تدابير للجمها.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن وباء «كوفيد – 19» يسجل حالياً ارتفاعاً نسبياً في الإصابات الجديدة في العالم بعد أن تراجعت لأدنى مستوياتها منذ فبراير (شباط) وانخفض عدد الوفيات. لكن العديد من البلدان، مثل إندونيسيا والبرتغال وروسيا والأراضي الفلسطينية المحتلة وبريطانيا، تشهد زيادة في الحالات الجديدة، ويرتبط ذلك جزئياً على الأقل بانتشار المتحورة «دلتا».
وباتت هذه المتحورة من فيروس كورونا التي رصدت لأول مرة في الهند، حيث انتشرت اعتباراً من أبريل (نيسان) وتسببت في موجة وبائية قاسية، منتشرة في 85 دولة على الأقل، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لكن بنسب متفاوتة.
ارتفاع الإصابات
يقدر المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومراقبتها أنه من المتوقع أن تسبب متحورة «دلتا» 70 في المائة من الإصابات الجديدة في الاتحاد الأوروبي بحلول مطلع أغسطس (آب)، و90 في المائة بنهاية الشهر نفسه، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وفي الولايات المتحدة، ارتفعت الحالات الإيجابية من 10 في المائة في 5 يونيو (حزيران) إلى 35 في المائة الأسبوع الماضي.
يفسر هذا الانتشار السريع من خلال «الميزة التنافسية» التي تتمتع بها طفرة «دلتا» مقارنة مع السلالات الأخرى، فقد تم اعتبار هذه المتحورة أكثر عدوى من متحورة «ألفا» التي رُصدت في إنجلترا بنسبة 40 في المائة إلى 60 في المائة، وهي بدورها أكثر عدوى من السلالة السابقة المسؤولة عن الموجة الأولى من الإصابات في أوروبا. من جهتهم، يرى فريق من الباحثين الفرنسيين أن نسبة تسارع انتقال العدوى لهذه المتحورة بين 50 في المائة و80 في المائة، وذلك وفقاً لدراسة لم تنشر نتائجها بعد تستند إلى أرقام المنطقة الباريسية.
وحذر المركز الأوروبي من «أي تراخ خلال فصل الصيف للتدابير غير الطبية التي كانت مطبقة مطلع يونيو ما قد يؤدي إلى زيادة سريعة وكبيرة لعدد الحالات اليومية من كل الفئات العمرية». وسيؤدي هذا الارتفاع، وفق المركز، إلى زيادة أعداد المرضى في المستشفيات والوفيات «التي قد تبلغ المستويات المسجلة في خريف 2020 في حال لم تتخذ أي تدابير إضافية».
رهان اللقاحات
تراهن دول العالم الغنية على توسيع تغطيتها اللقاحية لمحاصرة الانتشار الجديد لإصابات «كورونا»، وتجنب تكرار سيناريوهات الخريف والشتاء الماضيين.
ففي الولايات المتحدة، توقع المستشار العلمي للبيت الأبيض أنتوني فاوتشي «تفشي حالات جديدة للفيروس»، لكن في إطار جغرافي محدود، بفضل برنامج التلقيح. وحيال هذه المخاطر دعت السلطات الصحية السكان إلى «بذل جهود أكبر» في مجال التلقيح، على غرار رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس.
وإذا كانت اللقاحات، وفقاً لعدة دراسات، أقل فاعلية ضد المتحورة «دلتا» مقارنة بالمتحورة «ألفا» والسلالة الأولى، فإنها تحتفظ بمستوى عالٍ من الفاعلية شرط تلقي الجرعتين. وفقاً لنوع اللقاح، تتراوح الحماية من 92 في المائة إلى 96 في المائة لناحية مخاطر الاستشفاء، و60 في المائة إلى 88 في المائة ضد الإصابة المصحوبة بأعراض «كوفيد» الناجمة عن المتحورة «دلتا»، وفقاً لبيانات السلطات البريطانية. ولكن الوقاية من الفيروس أقل بكثير مع جرعة واحدة، ولا تتجاوز 33 في المائة وفقاً لدراسة بريطانية.
وكشفت وثيقة للمركز الأوروبي موجهة للرأي العام أن «جرعة واحدة غير كافية» للحماية من المتحورة «دلتا»، «وتلقي الجرعتين ضروري لحماية الفئات الأضعف في المجتمع». ومن ثم فإن تلقي أكبر عدد من الأشخاص اللقاح ضروري، لكنه غير كافٍ على الأرجح، كما أكد عالم الأوبئة أنطوان فلاهو.
وقال فلاهو لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «زيادة الحالات في بريطانيا تتم على حساب الأشخاص الذين لم يتلقوا بعد اللقاح». وأضاف أن «الحد الأدنى المطلوب من مستوى التطعيم أعلى مما كنا نعتقد في البداية»، مضيفاً أنه نظراً إلى العدد الكبير من الأشخاص الذين لم يتلقوا بعد اللقاح، خصوصاً الشباب، فإن «خطة التلقيح وحدها غير كافية».
ويُجمع العلماء على القول إنه يجب تلقيح أكثر من 80 في المائة من السكان لمواجهة طفرة «دلتا»، خصوصاً أنه «لم يعد في الإمكان الاعتماد على المناعة الطبيعية» للأفراد الذي أُصيبوا بـ«كوفيد – 19»، لأنها تفلت منها جزئياً على الأقل.
والأربعاء، أعلنت أندريا أمون مديرة المركز الأوروبي لمراقبة الأمراض والوقاية منها، أنه في هذه الظروف «وإلى أن تؤمن حماية معظم الأشخاص المعرضين علينا أن نبقي انتقال عدوى المتحورة (دلتا) عند أدنى مستوى من خلال تطبيق إجراءات الصحة العامة بصرامة، التي نجحت في احتواء آثار النسخ المتحورة الأخرى».
عودة الإغلاقات في أستراليا
قررت أستراليا أمس (الجمعة) فرض حجر في بعض أحياء سيدني. وأمرت السلطات في هذا البلد الذي تمكن حتى الآن من احتواء انتشار «كوفيد – 19»، أمس، بفرض حجر على أربعة أحياء في وسط سيدني في محاولة لكبح انتشار المتحورة «دلتا». وقد ثبُتت هذا الأسبوع إصابة 65 شخصاً بفيروس كورونا. وكل هذه الحالات مرتبطة بسائقٍ كان يعمل على نقل أطقم شركات خطوط جوية من مطار سيدني إلى فنادق مخصصة للحجر الصحي. ودخل هذا الحجر حيز التنفيذ اعتباراً من منتصف ليل أمس.
وأمرت رئيسة وزراء نيو ساوث ويلز، حيث تقع سيدني، غلاديس بريجيكليان، أي شخص أقام أو عمِل خلال الأسبوعين الماضيين في الأحياء التي سُجلت فيها الحالات، بأن يلزم منزله. وقالت إن الموظفين العاملين في حي الأعمال في المدينة مشمولون بالقيود بسبب مخاوف من أنهم قد ينشرون الفيروس في أنحاء المدينة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
تشديد الإجراءات
وتشهد عدة دول تزايداً في الإصابات الجديدة، المرتبطة جزئياً على الأقل بالمتحورة «دلتا» التي كانت وراء تجدد انتشار الوباء في بريطانيا التي نجحت في تلقيح غالبية البالغين لديها.
وقررت البرتغال أيضاً، الخميس، وقف الرفع التدريجي للقيود الصحية أو حتى تشديدها في لشبونة في مواجهة تجدد انتشار الوباء بسبب المتحورة «دلتا». وإذا كان الوباء شهد تراجعاً نسبياً مع هبوط عدد الإصابات الجديدة في العالم إلى أدنى مستوى منذ فبراير، حسب منظمة الصحة العالمية، فإن المتحورة «دلتا» يمكن أن تتسبب بارتفاع واسع النطاق للإصابات اعتباراً من هذا الصيف إذا لم يتم القيام بشيء للتصدي لها بشكل مبكر، كما حذر اختصاصيو الصحة. في مواجهة هذا التهديد، دعت السلطات الصحية السكان إلى تسريع العملية في مجال التلقيح، كما فعل رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس الخميس.
موجة قاسية في أفريقيا
في أفريقيا، تجدد انتشار الوباء في 12 دولة، حسب منظمة الصحة العالمية. وهي موجة تنتشر خصوصاً بسبب عدم الالتزام بالإجراءات الصحية والتخالط الاجتماعي وانتشار نسخ متحورة والشتاء في جنوب القارة، حيث تتركز 40 في المائة من الحالات.
في جنوب أفريقيا، الدولة التي تسجل أعلى عدد حالات في القارة مع 35 في المائة من الإصابات، يواجه الأطباء تدفقاً غير مسبوق للمرضى الذين تظهر عليهم أعراض الإنفلونزا، وهي لا تتوافق بالضرورة مع مؤشرات الإصابة بـ«كوفيد». وتنتشر الموجة الثالثة أيضاً في دول كانت بمنأى نسبياً عن الوباء مثل ليبيريا وسيراليون في غرب أفريقيا. وقالت مديرة منطقة أفريقيا في منظمة الصحة العالم ماتشيديسو مويتي، إن «الموجة الثالثة تتسارع وتتمدد بسرعة أكبر وتضرب بشكل أقوى»، معتبرة أن «هذه الموجة قد تكون الأسوأ»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية