سلالة الرعب "كورونا دلتا" تضرب موسكو وتكتسح العالم وتسجل أعراضا جديدة .. "تفاصيل"

حذرت منظمة الصحة العالمية من أن سلالة دلتا من فيروس كورونا المستجد "كوفد-19" التي اكتشفت في الهند؛ في طريقها لأن تصبح السلالة المهيمنة على العالم، فما سبب ذلك؟ وما المخاطر؟ وماذا نعرف حتى الآن عن هذه السلالة؟ وما أحدث الأعراض؟ وأين وصل العلماء في تطوير علاج لمرض كورونا؟ الإجابات وأكثر في هذا التقرير الشامل.

سنبدأ مع أحدث أعراض سلالة "دلتا" (Delta Δ δ) من كورونا، ثم ننتقل إلى التفاصيل الأخرى.

ويبدو أن متغير دلتا يثير مجموعة مختلفة من الأعراض، وفقا لتقرير نشرته شبكة "سي إن بي سي" (CNBC) الأميركية. وقال "تيم سبيكتور" (Tim Spector) -أستاذ علم الأوبئة الجينية في كينغز كوليدج لندن- إن كوفيد-19 يتصرف أيضا بشكل مختلف الآن.

ويدير سبيكتور دراسة "زوي كوفيد سيمتومس" (Zoe Covid Symptom"، وهي دراسة جارية في المملكة المتحدة تمكن الجمهور من إدخال أعراض كوفيد-19 الخاصة بهم على أحد التطبيقات، حيث يتمكّن العلماء من تحليل البيانات.

وخلال الوباء لوحظ أن الأعراض الرئيسية لكوفيد-19 هي الحمى والسعال المستمر وفقدان التذوق أو الشم، مع بعض الاختلافات. ومع ذلك، فإن متغير دلتا -الذي تم تحديده لأول مرة في الهند- قد ينتج مجموعة مختلفة من الأعراض، وذلك وفقا لموقع "ذا بيكرز هوسبيتال ريفيو" (The Becker’s Hospital Review).

ويقول سبيكتور إنه منذ بداية مايو/أيار الماضي كنا نبحث في أهم الأعراض لدى مستخدمي التطبيق، وهي ليست كما كانت في السابق.

وقال سبيكتور -في فيديو باليوتيوب- إن الأعراض التي لوحظت هي:

الصداع

التهاب الحلق

سيلان الأنف

الحمى

الأعراض "التقليدية" لكوفيد-19 -مثل السعال وفقدان حاسة الشم- أصبحت أقل شيوعا الآن، حيث يعاني الشباب أكثر من الشعور بنزلة برد سيئة.

أيضا تم تسجيل أعراض أخرى، حيث:

تم الإبلاغ عن أعراض لا تظهر عادة في مرضى كوفيد-19 مثل فقدان السمع و"الغرغرينا" (gangrene)، وفقا لموقع "بلومبيرغ" (Bloomberg).

قال الدكتور عبد الغفور -طبيب الأمراض المعدية في تشيناي بالهند- إنه يرى المزيد من مرضى كوفيد-19 المصابين بالإسهال مقارنة بالموجة الأولى للوباء. وأشار إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لتحليل ما إذا كانت الأعراض الأحدث مرتبطة بمتغير دلتا.

السلالة المهيمنة

وقال سوميا سواميناثان -كبير العلماء في منظمة الصحة العالمية- إن سلالة دلتا من كوفيد-19 -التي تم تحديدها لأول مرة في الهند- أصبحت السلالة السائدة عالميا للمرض، وذلك وفقا لما نقلته وكالة رويترز.

وقال سواميناثان -في مؤتمر صحفي- "متغير دلتا في طريقه لأن يصبح السلالة المهيمنة على مستوى العالم بسبب زيادة قابليته للانتقال".

بدوره، قال مايك رايان -رئيس برنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية- إن "الحقيقة القاسية هي أنه في عصر المتغيرات المتعددة، مع زيادة قابلية الانتقال، تركنا قطاعات شاسعة من السكان، والسكان المعرضون للخطر في أفريقيا غير محميين باللقاحات".

وحذر علماء من أن البيانات تشير إلى أن متغير دلتا أكثر قابلية للانتقال بحوالي 60٪ من متغير "ألفا" (المعروف سابقا باسم متغير المملكة المتحدة أو كينت والذي كان في حد ذاته أكثر قابلية للانتقال من السلالة الأصلية للفيروس) وهو أكثر احتمالا لأن يؤدي إلى دخول المستشفى، وفقا لتقرير في "سي إن بي سي".

وفي روسيا أوضح رئيس بلدية موسكو -أمس الجمعة- أن العاصمة الروسية تواجه موجة قياسية من وباء كوفيد-19 ناجمة عن تفشي نسخة دلتا المتحورة من فيروس كورونا، معلنا بعض القيود، لكنه حرص على عدم فرض تدابير إغلاق صارمة.

وأكد رئيس البلدية سيرغي سوبيانين أن "89.3% من المرضى مصابون بالمتحور الهندي المسمى "دلتا" لفيروس كورونا، وهو أكثر شراسة ويتفشى بسرعة أكبر".

وأضاف "لهذا السبب نشهد ارتفاعا حادا في عدد الإصابات بالمرض، وكذلك في عدد الحالات التي تستدعي دخول المستشفى".

ما سبب الانتشار في موسكو؟

وقال الكرملين -أمس الجمعة- إن سلبية المواطنين وانخفاض معدلات التطعيم والسلالات الجديدة من فيروس كورونا هي أسباب زيادة جديدة في الإصابات بمرض كوفيد-19، إذ سجلت العاصمة موسكو عددا قياسيا من الإصابات.

وذكر ديمتري بيسكوف -المتحدث باسم الرئيس فلاديمير بوتين- أن من الواضح أن حملة التطعيم لم تكن فعالة كما كان مرجوا، وأضاف أن بوتين يراقب الوضع عن كثب.

وقال بيسكوف -في إفادة صحفية- "السلبية ومستوى التطعيم المنخفض (كانا وراء الزيادة)".

وأعلنت روسيا تسجيل 17 ألفا و262 إصابة جديدة بكوفيد-19 أمس الجمعة، منها 9 آلاف و56 في موسكو، مما رفع الحصيلة الرسمية منذ بداية الجائحة إلى 5 ملايين و281 ألفا و309 إصابات.

ومنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي تلقى 19.4 مليون روسي فقط -من أصل 146 مليونا- جرعة أولى على الأقل بحسب إحصاء موقع "غوغوف" الذي يستقي معلوماته من المناطق ووسائل إعلام بسبب عدم وجود إحصاءات وطنية رسمية، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

ماذا نعرف عن سلالة دلتا؟

أظهرت الدراسات المخبرية أن اللقاحات قد تكون أقل فاعلية ضد السلالة المتحورة دلتا، والتي عرفت باسم السلالة الهندية؛ ولكنها رغم ذلك تلعب دورا إيجابيا على أرض الواقع، حيث إنها تحمي من تطور الأعراض الخطيرة لدى المريض، ولكن بشرط الحصول على جرعتين من اللقاح.

وتقول صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" (L’Obs) الفرنسية إن السلالة دلتا -التي تم التعرف عليها لأول مرة بالهند في أكتوبر/تشرين الأول 2020- تثير مخاوف جدية حول قدرة اللقاحات المتوفرة حاليا على الحماية منها. وفي الواقع فإن العديد من البحوث والدراسات العلمية أظهرت أن هذه السلالة أكثر قدرة على مقاومة اللقاحات، مقارنة بسلالات أخرى.

إحدى هذه الدراسات أجريت في بريطانيا ونشرت في يونيو/حزيران الجاري بمجلة "ذا لانسيت" (the lancet) الطبية؛ وخلاصتها أن الأشخاص الذين تلقوا جرعتين من لقاح "فايزر-بيونتك" (Pfizer – BioNTech) كان مستوى الأجسام المضادة التي ينتجها جسمهم لمقاومة السلالة الهندية أقل من الأجسام التي ينتجها الجسم في مواجهة السلالة الأولى من الفيروس، والتي استخدمت لتطوير اللقاح.

وتشير الصحيفة إلى أن هذه النتائج البحثية رغم أهميتها، فإنها لا تنفي وجود أجسام مضادة لدى المريض، وبالتالي يمكننا رغم كل شيء الحديث عن فاعلية اللقاح. وفي الواقع فإن هنالك نوعا آخر من الاستجابة المناعية، وهو الذي يسمى المناعة الخلوية (يرتبط بالخلايا اللمفاوية).

وتضيف الصحيفة أن النتائج تؤكد أن التلقيح باستخدام "فايزر-بيونتك" و"أسترازينيكا" (AstraZeneca) يبقى فعالا للوقاية من الحالات المتقدمة من المرض التي تؤدي إلى دخول المستشفى، عند الإصابة بالمتحورة الهندية دلتا، بنفس قدر الفاعلية ضد المتحورة ألفا، حيث إن جرعتين من اللقاح تمكنان من تجنب الخطر بنسبة 96% و92% بالترتيب، وذلك وفق هذه الدراسة.

إلى جانب هذه النتائج، تشير الدراسات العلمية إلى أن الحصول على جرعة واحدة من اللقاح يوفر حماية محدودة ضد السلالة الهندية دلتا؛ حيث جاء في الدراسة التي نشرتها مجلة ذا لانسيت "بعد تلقي جرعة واحدة من فايزر-بيونتك؛ 79% من الأشخاص وجدت لديهم استجابة للأجسام المضادة ضد السلالة الأصلية للفيروس، ولكن هذه النسبة انخفضت إلى 50% في مواجهة السلالة ألفا، و32% في مواجهة السلالة دلتا، و25% أمام السلالة بيتا".

كما أجرى معهد "باستور" (Pasteur) الفرنسي دراسة توصلت إلى أن جرعة واحدة من لقاح أسترازينيكا تكون قليلة أو عديمة الفاعلية ضد المتحور الهندي.

أميركا تتوقع انتشارا كبيرا لسلالة دلتا

وتوقعت روشيل والينسكي -مديرة المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)- أن تصبح سلالة دلتا هي السائدة ببلادها والأكثر انتشارا وتسببا لجميع الإصابات بكورونا في الولايات المتحدة.

جاء ذلك في تصريحات أدلت بها والينسكي -أمس الجمعة- خلال مقابلة أجرتها مع قناة "إيه بي سي" (ABC) الأميركية.

وأضافت "أشعر بالقلق من الطبيعة المعدية لسلالة دلتا الجديدة أو ما يعرف بالمتحور الهندي، والذي ظهرت لأول مرة في الهند، وسرعان ما انتقلت لبريطانيا وأصبحت السلالة السائدة هناك".

وفي السياق، شجعت والينسكي الأميركيين على تلقي اللقاحات المضادة لكورونا، لافتة أن هذه اللقاحات ستوفر أيضا حماية ضد المتحور الهندي الجديد.

وأشارت إلى أن ما يشاع عن تسبب لقاحات كورونا في إصابة الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما بالتهاب القلب، لا يتعدى كونه معلومات غير دقيقة ومضللة.

تطوير علاج لكورونا

نبقى في الولايات المتحدة، حيث أعلنت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية -أول أمس الخميس- عن برنامج جديد سيسرع التجارب السريرية لعدد قليل من الأدوية المرشحة الواعدة لمرض كورونا، وقيمة البرنامج 3.2 مليارات دولار، وذلك وفقا لتقرير في صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times).

وإذا سارت الأمور على ما يرام فقد تكون بعض هذه الحبوب الأولى جاهزة بحلول نهاية العام. وسيدعم البرنامج المضاد للفيروسات للأوبئة أيضا الأبحاث المتعلقة بالعقاقير الجديدة ليس فقط لفيروس كورونا، ولكن للفيروسات التي يمكن أن تسبب أوبئة في المستقبل.

وقال الدكتور أنتوني فوسي -مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية والداعم الرئيسي للبرنامج- إنه يتطلع إلى الوقت الذي يمكن فيه لمرضى كوفيد-19 الحصول على أقراص مضادة للفيروسات من الصيدلية بمجرد أن تكون النتيجة إيجابية.

وقال الدكتور فوسي -في مقابلة- "أستيقظ في الصباح، لا أشعر أنني بحالة جيدة للغاية، حاسة الشم والذوق لدي تختفي، وأُصاب بالتهاب في الحلق. أتصل بطبيبي وأقول لدي كوفيد-19 وأحتاج إلى وصفة طبية".

وقال الدكتور ديفيد كيسلر كبير المسؤولين العلميين في "فريق الاستجابة لكوفيد-19" التابع لإدارة بايدن -في مقابلة- إن "الأمل هو أن نتمكن من الحصول على مضاد للفيروسات بحلول نهاية الخريف يمكن أن يساعدنا في الانتهاء هذا الفصل من الوباء".

وأحد الأدوية التي تفكر فيها الحكومة هو "إيه تي-527" (AT-527) الذي طورته شركة "إيتا فارماسوتيكال" (Atea Pharmaceuticals). وأثبت المركب بالفعل أنه آمن وفعال كعلاج لالتهاب الكبد "سي" (C)، وتشير الدراسات المبكرة إلى أنه قد يعمل أيضا ضد كوفيد-19.

الدواء الآخر الموجود على رادار الحكومة ابتكره علماء في شركة فايزر، وتم تكييفه من جزيء صمم في البداية بأوائل القرن الـ21 كدواء محتمل لمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد "سارس". وقد ظل هذا الدواء على الرف لسنوات، ولكن في الربيع الماضي قرر العلماء تعديل هيكله بحيث يعمل ضد فيروس كورونا.

وتم تصميم الدواء ليتم تناوله عن طريق الوريد، لكن الباحثين في شركة فايزر نجحوا في تغيير هيكله ليعمل على شكل حبوب. وعندما أعطيت الفئران الدواء عن طريق الفم، وصلت إلى مستويات عالية بما يكفي في الجسم لمنع فيروس كورونا. وأطلقت شركة فايزر تجربة سريرية في مارس/آذار الماضي لدراسة سلامتها على البشر، وتتوقع الانتقال إلى مرحلة لاحقة من الاختبارات في يوليو/تموز المقبل.