القيادي الأخواني "رحيل الغرايبة" يشخص داء وازمة الأردن ويصف الدواء

جراءة نيوز -عمان:

شخص الكاتب القيادي في الحركة الإسلامية الدكتور رحيّل غرايبة في مقالاً له ببيت من الشعر للإمام الشافعي واقع الحال والازمة والاداء التي يعانيها الأردن واصفا الحلول والدواء يقول فيه 'ضاقت فلما استحكمت حلقاتها .. فرجت وكنت أظنّها لا تفرج'،مبينا غرايبة عدة خطوات لما أسماه تجاوز العقبات التي تقف أمام الأردن داخلياً وخارجياً على الصعيدين السياسي والاقتصادي، في المقال الذي نشر على صفحات يومية 'العرب اليوم' في عددها الصادر الاثنين.

وأكد الكاتب إن أمام الحكومة الجديدة المرتقبة عدّة خطوات أولها ' الإفراج عن المعتقلين فوراً، وعدم اللجوء إلى سياسة الاعتقال في مواجهة حراك الشارع الأردني، ثمّ فتح حوار وطني شامل مع قوى الحراك الشعبي، وفهم حقيقة الحراك الشعبي ومطالبه'.

وأبان غرايبة فيما يتعلق بالخطوة الثانية أن على الحكومة ' البحث عن الكفاءات الحقيقية التي يختزنها المجتمع الأردني بعيداً عن الأسلوب القديم الذي يخضع لمنطق الوساطات والمحسوبية والشللية في استلام المواقع المؤثرة'.

وحول الموضوع الاقتصادي يرى غرايبة الخطوة الثالثة متمثلة بضرورة ' تصحيح الخلل في منظومة التشريعات الاقتصادية وعلى رأسها قانون ضريبة الدخل، الذي يجب أن يخضع لمنطق تصاعد الضريبة بحسب المداخيل'، إلى جانب 'التوجه نحو ايجاد البدائل الفعلية للطاقة عن طريق الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إضافة إلى الجدية في تسريع العمل باستخراج النفط من الصخر الزيتي'، والبحث 'في آلية ايجاد وسائط النقل العامة السريعة' ووضع 'خطة عملية لاستعادة أملاك الشعب العامّة وأمواله المنهوبة، وعلى رأسها شركة الفوسفات والبوتاس، وأراضي الخزينة'.

وأكد الكاتب أن 'الخطوة الأكثر أهمية يجب أن تبحث الحكومة عن سبيل معقول للتوافق على خطوات الإصلاح الجوهرية وأن تجد مخرجاً للتخلص من مأزق قانون الانتخابات الحالي الذي كان من أهمّ عوامل الأزمة السياسية الحالية، ويجب أن لا تعدم الحلول في ظلّ صدق النوايا، وفي ظلّ العزم والتصميم على تجاوز الأزمة بنجاح'.


وتالياً نصّ المقال:

الحكومة الجديدة وضرورات المرحلة

الحكومة الجديدة المرتقبة يجب أن تعمد إلى الدقة والحكمة وحسن التقدير في ترتيب الأولويات لهذه المرحلة من تاريخ الأردن الحديث، التي تشهد ازدحاماً مثيراً في القضايا الملحة وذات الخطورة البالغة على مستقبل المواطنين وعلى مستقبل الدولة في ظل هذه التغيرات الكبيرة التي تجتاح المنطقة.

فعلى الصعيد السياسي الخارجي هناك بركان من الحمم والدخان على الحدود الشمالية، إضافة إلى قرع طبول الحرب من الكيان الصهيوني ضد إيران ومشروعها النووي، كما أنّ هناك تغييراً جذرياً يطيح بالمعادلة السياسية التقليدية التي كانت تحكم العلاقة بين الكيان الصهيوني والحليف الأمريكي من جهة، وبين منظومة الدول العربية وعلى رأسها مصر التي تمثل مركز الثقل العربي، وعلى الصعيد الاقتصادي ما زالت فاتورة الطاقة الباهظة تثقل عبء الموازنة الأردنية، وتهدد بزيادة العبء على كاهل الشعب الذي يعيش الضائقة المالية بكل معانيها، وعلى الصعيد الداخلي هناك ملف الإصلاح الوطني الذي ما زال غير محدد المعالم ولم يحظ بدرجة التوافق الشعبي المحققة لانطلاقة آمنة وسليمة وهادئة وواثقة.

من أجل تجاوز هذه العقبة الكؤود يترتب على الحكومة بلورة الاستراتيجية العامة الكفيلة بتحقيق قدر معقول من النجاح في السير نحو المستقبل، وأعتقد أنّ هذه الاستراتيجية العامة تتمثل (بالتوافق الشعبي) الذي يجعل من الشعب شريكاً في القرار والمسؤولية وتحمّل تبعات المرحلة، حيث أصبح لزاماً على جميع الأطراف أن تدرك تماماً أنّه ليس بمقدور أي طرف أن ينفرد بالقرار وحده، وليس بمقدوره تحمّل عبء تحقيق التغيير والإصلاح المنشود دون تعاضد جميع قوى الشعب السياسية ومكوناته الاجتماعية، والحكومة تتحمّل النسبة الأكبر من المسؤولية في بناء هذا التوافق الجمعي الحقيقي القائم على أسس راسخة من التفاهم والتعاون والمشاركة.

الخطوة الأولى للحكومة يجب أن تكون تحت عنوان تبريد الأجواء الساخنة وإطفاء بؤر التوتر في المجتمع الأردني، وهذا يقتضي الإفراج عن المعتقلين فوراً، وعدم اللجوء إلى سياسة الاعتقال في مواجهة حراك الشارع الأردني، ثمّ فتح حوار وطني شامل مع قوى الحراك الشعبي، وفهم حقيقة الحراك الشعبي ومطالبه الفعلية وعدم التغافل عن الحقيقة وعدم الاعتماد على تقارير التهوين والتدليس التي تغمط الحراك حقه ، ولا تتواضع في نزولها إلى الواقع المر.

الخطوة الثانية يجب أن تتوجه الحكومة إلى البحث عن الكفاءات الحقيقية التي يختزنها المجتمع الأردني بعيداً عن الأسلوب القديم الذي يخضع لمنطق الوساطات والمحسوبية والشللية في استلام المواقع المؤثرة، ويجب البعد عن معيار أبناء المسؤولين الكبار والمتنفذين وأنسبائهم وأصدقائهم، والبعد عن الطبقة الفاسدة التي أساءت تحمّل المسؤولية واستغرقت في الحسابات الشخصية على حساب الوطن والحق العام، ولم تلتزم معايير النزاهة والعدالة.

لا يمكن أن تقوم للأردن قائمة، ولا يمكن له أن يتخلص من أزماته المتفاقمة؛ إلاّ إذا أحسنت الحكومة اختيار المسؤولين الذين يتولّون إدارة الشأن العام، ويشرفون على صيانة المال العام للدولة، ودائماً تتعرض الدول والممالك للخراب والانهيار من سوء اختيار المسؤولين الذين يتصفون بضعف الأمانة وضعف الكفاءة، وصدق الله تعالى القائل:{إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين}.

الخطوة الثالثة تتعلق بالموضوع الاقتصادي إذ يجب أن تسارع الحكومة إلى تصحيح الخلل في منظومة التشريعات الاقتصادية وعلى رأسها قانون ضريبة الدخل، الذي يجب أن يخضع لمنطق تصاعد الضريبة بحسب المداخيل، حتى يتحمّل الأغنياء والأثرياء الإسهام الفعلي والجاد في عملية الإنقاذ والإسعاف المستعجل للوضع المالي، بطريقة عادلة، ثمّ عليها أن تبدأ فعلاً في التوجه نحو ايجاد البدائل الفعلية للطاقة عن طريق الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إضافة إلى الجدية في تسريع العمل باستخراج النفط من الصخر الزيتي، كما يجب عليها أن تبحث في آلية ايجاد وسائط النقل العامة السريعة التي تسهِّل على المواطنين التنقل إلى أعمالهم، خاصة في مناطق الازدحام، مثل القطارات الخفيفة، والحافلات الكهربائية، وأن تضع خطة عملية لاستعادة أملاك الشعب العامّة وأمواله المنهوبة، وعلى رأسها شركة الفوسفات والبوتاس، وأراضي الخزينة.

والخطوة الأكثر أهمية يجب أن تبحث الحكومة عن سبيل معقول للتوافق على خطوات الإصلاح الجوهرية وأن تجد مخرجاً للتخلص من مأزق قانون الانتخابات الحالي الذي كان من أهمّ عوامل الأزمة السياسية الحالية، ويجب أن لا تعدم الحلول في ظلّ صدق النوايا، وفي ظلّ العزم والتصميم على تجاوز الأزمة بنجاح.

ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها .... فرجت وكنت أظنّها لا تفرج .