د.قصي العبادي يكتب : ديمقراطية محكمة

جراءة نيوز - د.قصي العبادي يكتب ..

انني لا استطيع التثبت من تلك الامور ، ايجوز ان نؤيدهم ام نعارضهم ، خاض الشعب والصحف الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في مجلس النواب الاردني التاسع عشر ،وتكلم بعضهم في الادب واخرون بما ينافي الادب وقالوا ان المجلس يعوز المحنكون وليس فيه ممن هم اهلا لذلك وليس اعضاءه على نمط واحد ، وتأفف بعض الناس من وجود بعضهم . لاجل هذه الامور التي نظر فيها بعض الناس نظرا بسيطا جدا وقلد بعضهم فيه تقليدا .
هل يظنون ان مجالس الامم هي بتلك المثابة التي يتخيلونها ؟ لعمرك ان من يذهبون هذه المذاهب من الظنون لا يعرفون ما هي مجالس الامم ولا الصفات التي ينبغي ان يكون المنتخب لها متحليا بها ، ولا يدرون ان المجالس التي تضم بين جنباتها المئات من المنتخبين يتكون من مجموعهم بطبيعة التعدد والتنوع كل ما يحتاج اليه المجلس من المعارف ولا يذكرون ان الامة مؤلفة من رجال القانون والاطباء والاعمال وتاجر وفقير ومتمول وموظف في الحكومة ومن وهم متدينين باديان ومذاهب شتى وان النخب هو وكيل الكل وانه لا ينبغي ان تكون الغلبة في المجلس للذين ينتخبهم صنف واحد من اصناف الامة فاننا لو فرضنا ان اكثر من في المجلس قد تغلب في انتخابهم الموظفون في الحكومة لما كان الفلاح حينئذ وكلائهم احرص على التفكر في شؤؤنه وكذا لو فرضنا ان اكثر من في المجلس قد تغلب في انتخابهم الزراع لما كان فيه وكلاء للموظف مثلا وهلم جرا ، فالمجلس الذي يرجى منه العدل والاعتدال هو الجامع لنواب مختلفي الصفة والاختصاص والميل ، اما لو اجتمعوا كلهم او اكثرهم من الفلاسفة مثلا او من المحامين او من الاطباء او من الزراع او من الصناع او من الموظفين فانه تكون المعارف المحتاج اليها فيه ناقصة اولا ثم يكون الاعتدال فيه غير مضمون .
وربما سأل سائل الان كيف ينبغي ان يكون نظر اهل بلد مثلا حين انتخاب النائب ومن يضمن لنا ان يتألف من مجموعهم المطلوب من المعارف والصفات والاصناف ، وان كان لي ان اجيب ان اهل بلد من البلاد حين يريدون ان ينتخبوا نائبا عنهم ينبغي ان يراعوا فيه الاستقامة في الاخلاق وقوة التعقل والفهم والاطلاع على احوال العالم بالجملة والطلاقة في الافادة والشجاعة في نصر ما يراه نافعا ورد ما يراه ضارا وبشكل خاص اضيف ايضا بان يكون عالما او متضلعا باحد العلوم التي تعرض الحاجة في مسالة من المسائل اليها واحوج ما يحتاج اليه في المجلس الاطلاع على حقيقة التشريعات والتضلع من روح التقنين لا كثرة حفظ المواد ، على ان هذا الحفظ في حد ذاته مزية يحتاج اليها ، اما الذي يضمن لنا ان يتالف من مجموع المنتخبين ما يحتاج اليه المجلس من المزايا فلا يمكن ان يدخل تحت قاعدة ولكن الاحزاب بعد ذلك ستنظر في هذا الامر ولا ننكر ان حسن التصادف تساعدنا في ذلك .
هذا هو مجلس النواب الاردني الذي يتألف من (130) نائبا الذي تتمثل فيه الامة على اختلاف اجناسها ومذاهبها واصنافها ، فيهم من هو قريب من اصحاب القانون والاعمال وفيهم العلماء والكبار والمتوسطون ومنهم الاحرار المتطرفون والاحرار المعتدلون والمحافظون على القديم وفيهم من الشيوخ المتقدمين في السن .
هؤلاء النواب صنف تعده الامة من رجالها ومهما تغير بعضهم لا يتغيرون كلهم ولا تتغير النسب والاعتبارات فعسى ان يكون قد ظهر لك بعد هذه التفاصيل ان المجلس مؤلف كغيره من مجالس الامم ولكن هل مشكلات الامم كمشكلاتنا.