العبرة بالنتائج


كثيرا ما نردّد هذه العبارة لعدة اهداف اولها كسب الوقت في انتظار النتائج واخذ ذلك حجّة للانتظار وثانيها لكي نعرف النتائج ونبني عليه الخطوات وشكل المراحل القادمة وثالثها لنستطيع تحضير الردود والخطوات المستقبلية لكل سيناريو على حدة وتوقعات الربح والخسارة لكل سيناريو وطريقة التعامل معه واخيرا وليس آخرا لنرى ماذا يُحضّر الطرف الآخر للتعامل مع كل التوقّعات الممكنة .


ذلك ممكن في حالات الاختلاف الفردية بين الاشخاص او بين فئات قليلة العدد لأمور خلافية بين الناس ولكن في الأمور الوطنيّة والقوميّة فالأمور تختلف كلّيا ومثلا ما كان يدور في الأردن من احاديث بين الناس بخصوص جمعة إنقاذ الوطن والذي وضع الوطن على صفيح ساخن لدرجة الجمر واصبحنا وكأننا ننتظر إعصارا او زلزالا او كأن ابواب جهنّم ستفتح قبل موعدها والعياذ بالله .

ولكن الاحساس بالخطر والخوف على البلد واطفاله جعل الحكماء واصحاب العقول النيّرة والمواقف المتوازنة من ابناء البلد من كل الاطياف التدخّل لنزع فتيل الخطر وابعاد البنزين عن النار وهكذا مرّت الجمعة بسلام واصبح الخلاف بين الكثير منّا على العدد الذي حضر فعاليات الجمعة المشهودة وتراوحت التخمينات بين ثمانية الاف مشارك ومائة واربعون الف مشارك وهذا الفارق الكبير جدّا في التخمين والتقدير والتحليل دليل على مدى الخوف الذي كان مكتنزا في النفوس قبل الموعد المُعلن .


امّا وقد مرّت بسلام تلك الجمعة فماذا بعد فالجمع قادمة والدولة ماضية في تنفيذ خطواتها وبرامجها لإجراء الانتخابات النيابية بعد ان قام صاحب الولاية بحل مجلس النواب السادس عشر وأمر بإجراء الانتخابات النيابية وشكّل المحكمة الدستوريّة وسيقوم بإقالة الحكومة الحاليّة وتكليف حكومة اخرى يكون اهم واجباتها إجراء انتخابات لمجلس النوّاب السابع عشر بإدارة الهيئة المستقلّة للإنتخابات وبرقابة محليّة واقليميّة ودوليّة لتكون نزيهة وشفّافة كما اكّد جلالة الملك مرارا .

ولكن الشارع الذي نزل إليه المعارضون للانتخابات يوم الجمعة ما زالوا عند رأيهم بعدم المشاركة في الانتخابات ما لم يتعدّل قانون الانتخاب وما لم تُجرى بعض الاصلاحات ومنها تشريعيّة او محاربة فعليّة للفاسدين ومحاسبتهم واسترداد المسروقات منهم .


وهنا نقول ان العبرة بالنتائج فالدولة لن تتخلّى عن برنامجها الانتخابي مُعتبرة ان الانتخابات احد الاصلاحات وهي السبيل الديموقراطي الانجع لفرز النخب الاجتماعية والسياسية الممثلة للشعب والتي تستطيع ان تُغيّر ما تراه مناسبا من تشريعات وقوانين بل وان تُشكّل الحكومات في المستقبل.


ولكن الحكومات المتعاقبة فشلت فشلا ذريعا في محاربة الفساد ومحاربة الفاسدين بحجّة عدم وجود ادلّة فعليّة ومحسوسة على الغالبيّة العظمى من المتّهمين الذين يتم ايداعهم السجن لفترات بسيطة وسرعان ما يتم تكفيلهم والافراج عنهم وتحدثت بعض الانباء عن استرجاع بعض المبالغ المنهوبة ...ألا تُعتبر ذلك دليلا على الفساد؟.

كما لم تستطيع الحكومات المتعاقبة من التخفيف من سقف المديونيّة او عجز الموازنة بل ستلجأ لرفع الدعم عن السلع والخدمات ورفع اسعار المواد الاساسيّة للعيش الكريم بحجّة التوزيع العادل للدعم المالي لابناء الوطن فقط ،وعلى الضفّة الاخرى من المركب الذي يحملنا جميعا لكي يوصلنا لبرالامان ان شاء الله يوجد المقاطعين للانتخابات والذين يؤكدون على ضرورة تعديل قانون الانتخابات وتعديل الرواتب العليا بل الخيالية ويُصار الى اصلاحات إقتصاديّة وماليّة فاعلة وإصلاحات تشريعيّة ودستوريّة والغاء التعديلات على قانون المطبوعات والنشر وبعض التعيينات الجديدة وغيرها من مطالبات تنادي بها بعض الاحزاب وفئات من المواطنين .


وعليه لا يوجد مطالب للمعارضة والمواطنين موحّدة لعدم وجود قيادة واحدة لكل المعارضة ولا اعتقد انه يوجد اجماع لكي تكون جماعة الاخوان المسلمين هي القائد لتلك المجموعات كما ان مستشاري الحكومة واعوانها ليسوا على قالب واحد واحيانا بعض المستشارين لا يُحبّذون الجلوس مع المعارضة ومناقشتهم مع ان القدوة رأس الهرم تحاور معهم اكثر من مرّة ،وحيث ان العبرة في النتائج والنتائج ما زالت في مرحلة التخمينات فالاطراف جميعها منهمكة في وضع السيناريوهات الممكنة والحلول لها وردود الفعل لتبعاتها فما زال كل شيئ في علم الغيب وما زالت الايادي على القلوب والخوف بلغ الحناجر والعبرة في النتائج .


ولكن في اي بلد فيه حكومة تتصف بالظلم وعدم النزاهة والتخبّط ومواطنين يتسم الكثير منهم بالنفاق وتجّار وكبار موظّفين يتّسم غالبيتهم بالجشع  بمنظومة رقابة ومحاسبة فاعلة واصلاح حقيقي شامل ركيزته الأصلاح الأقتصادي نوالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ستطيع أن ننجو بوطننا ،ليبقى الاردن عاليا وقيادته عزيزة مكرّمة ورايته خفّاقة وديناره قويّا وارضه مُصانة مباركة ووحدته منيعة وشعبه مزدهرا .....اللهم امين ....آمين