" ما الذي يمنع جامعة الدول العربية من تقديم شكاوي بدل الاستنكار "

تستمر سلطات الاحتلال الاسرائيلي في مسلسلها الاجرامي بحق الفلسطينين العزل في الاراضي الفلسطينية المحتلة و خصوصا القدس الشرقية على رغم من قرار مجلس الامن الدولي رقم(٢٣٣٤) الصادر في ديسمبر لعام ٢٠١٦ الذي أكد على عدم شرعية المستوطنات الاسرائيلية المقامة على الاراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية و مطالبته سلطات الاحتلال بوقفها فورا اضافة الى احترام هذه السلطات لإلتزامتها القانونية في هذا المجال ، إلا أن سلطات الاحتلال لا تزال تقوم بالعديد من الانتهاكات بحق الفلسطينيين العزل و قد تنوعت اشكال هذه الانتهاكات من عمليات الاستيطان والتهجير القسري و الاسرلة و الاعتقال التعسفي اضافة الى قيامهم بالاعتداء على السكان المدنيين بالضرب و التنكيل و الرصاص  و استهداف الصحفيين و النساء و الاطفال و هدم المنازل و إبعادهم عن المسجد الاقصى لإحلال الاسرائيليين مكانهم و فرض غرامات مالية عليهم و عدم اعطائهم تراخيص للبناء
وقد رأينا في الاحداث الحالية القائمة في مدينة القدس الشرقية و حي الشيخ جراح تحديدا العديد من حالات الاعتقال التعسفي دون وجود اسباب قانونية او حتى دون الالتزام بالاجراءات القانونية للاعتقال إضافة الى مداهمة المنازل واختراق حرمتهم و العمل على هدم منازل الفلسطينيين مقابل بناء المستوطنات الاسرائيلية و تهجير الاهالي و طردهم من منازلهم بأحكام قضائية من محاكم الاحتلال 
وهذا ليس غريبا على عصابات الكيان الاسرائيلي فما نراه يوميا من مسلسل الانتهاكات الانسانية الجسيمة بحق الاهالي الفلسطينيين العُزّل يشكل جرائم حرب و ذلك استنادا الى الاتفاقيات في مجال القانون الدولي الانساني و منها اتفاقيات جنيف الاربعة والمعقودة في ١٢ آب ١٩٤٩ حيث حددت هذه الاتفاقيات المخالفات الجسيمة في المادة ١٤٧ من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب (المخالفات الجسيمة هي التي تتضمن أحد الافعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين او ممتلكات محمية بالاتفاقية ،"القتل العمد او التعذيب او المعاملة اللاإنسانية بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة و تعمد احداث الالام الشديدة او الاضرار الخطير بالسلامة البدنية او الصحة و النفي او النقل غير المشروع و اكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية او حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية و غير متحيزة وفقا للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية و اخذ الرهائن و تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية و على نطاق واسع بطريقة غير مشروعة و تعسفية")
ومن المخالفات الجسيمة ايضا ما اوردته المادة ٤٩ من الاتفاقية الرابعة/جنيف بخصوص نقل السكان حيث نصت المادة على:- (يحظر النقل الجماعي الجبري الجماعي او الفردي للاشخاص المحميين او نفسهم من الاراضي المحتلة الى اراضي دولة الاحتلال او الى اراضي دولة اخرى محتلة او غير محتلة أياً كانت دواعيه) ثم تنص ذات المادة على " لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحب او تنقل جزءا من سكانها المدنيين إلى الاراضي التي تحتلها."
كما حظرت المادة ٣٣ من الاتفاقية الرابعة العقوبات الجماعية و بالمثل جميع تدابير التهديد او الارهاب كما حظرت تدابير الاقتصاص من الاشخاص المحميين وممتلكاتهم 
و حظرت المادة ٥٣ من الاتفاقية أعمال التدمير  (يحظر على دولة الاحتلال ان تدمر اي ممتلكات خاصة ثابتة او منقولة تتعلق بأفراد او جماعات او بالدولة او بالسلطات العامة.)
وتعد عمليات التهجير و الاخلاء القسري و هدم المنازل و عدم إعطاء تراخيص للبناء في القدس الشرقية بما فيها حي الشيخ جراح نموذج من نماذج العقوبات الجماعية والتي تعتبر جريمة حرب .
اضافة الى العديد من مواد الاتفاقيات و البروتوكولات التي تضمنت تجريم ممارسات الاحتلال بحق المدنيين المحميين بموجبها .
و في ظل حدوث هذه المسلسلات الاجرامية- و التي يتم استقبالها دائما بالاستنكار و الرد الناعم و الشجب- على السلطة الوطنية تقديم شكاوى عاجلة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لمطالبته بفتح تحقيق دولي في الجرائم المقترفة في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها اراضي القدس الشرقية لملاحقة المسؤولين الاسرائيليين عنها اضافة الى تقديم شكاوى الى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان و المجلس الدولي لحقوق الانسان وغيرها من المنظمات والجهات المعنية و العمل على متابعة هذه الشكاوى من خلال لجان مختصة .
و السؤال المطروح في هذا السياق " ما الذي يمنع جامعة الدول العربية بإعتبارها منظمة إقليمية من تقديم شكاوى الى الجهة القضائية المعنية بدلا من الاستنكار ؟ ."