أيقونة انتفاضة القدس.. من هو بشار شويكي ؟ / فيديو
"منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي””، ذاك كان بشّار الذي انتشرت صورته لحظة اعتقاله من باب العامود في القدس المحتلة شامخًا في الـ22 من شهر نيسان الجاري.
صورة الفتى انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، فرغم صغر سنّه (16 عامًا) وعدم تعرّضه لأي اعتقال سابق، لم يكن خائفًا من الجنود الذين كانوا حوله.
بشار هو نجل الأسير المحرر إياد شويكي الذي أمضى نحو 10 سنوات في سجون الاحتلال، وأُفرج عنه عام 1999، بعدما اتهمته محكمة إسرائيلية بالضلوع بتنفيذ عمليات.
تكوّم جنود الاحتلال حول الشاب النحيل، تلقى الضربات يمينًا ويسارًا، كتم أنينه وسار برفقتهم نحو وِجهة لا يعلمها، غير أن ملامح وَجهه تحلّت بالقوة، يمضي بأقدام متألمة لكن دون تعثر، هكذا رأي المصور محمد دويك المشهد؛ التقطتها عدسته، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، لتنتشر بسرعة، باعتبارها تجسيدٍ لعِزة الشعب الفلسطيني رغم الوجع والخذلان.
الخميس الماضي كانت الأجواء متوترة في شوارع القُدس، جابت تظاهرة ليهود متشددين أمام باب العمود، أحد مداخل القدس، هاتفين "الموت للعرب”.
في شوارع المدينة المُقدسة، سار الشاب بشار شويكي برفقة خاله وأعمامه صوب المسجد الأقصى لأداء صلاة التراويح، وعقب خروجه والانتهاء من الصلاة، كان التوتر قد وصل ذروته مع تدخل شرطة قوات الاحتلال تجاه الفلسطينيين، أطلقت الغازات والأعيرة النارية، واعتقلت عددًا من الشباب، كان من بينهم بشار زياد زمزم شويكي، صاحب الـ16 عامًا.
لم يكن ما جرى بهيّن على بشار، وقع على الأرض بينما لم يُعد يُلمح منه سوى قميصه الأسود الممهور بصورة أسد ذهبي اللون؛ تكتلت جنود الاحتلال على الصبي، اعتدوا عليه بالهراوات والسُباب "كان الضغط الأكثر على الجانب الأيمن من جسده، سواء يديه أو قدميه وبطنه وأيضًا رأسه”، كما تقول والدته إكرام خليل، لموقع مصراوي.
عقب الاعتداء؛ اصطحبته قوات الاحتلال إلى عربة "جيب”، أودعته داخلها ثم عادت نوبة الضرب والشتائم مُجددًا "لحد ما جاء الضابط المسئول عنهم، وتركه يذهب للإسعاف بسبب الكدمات والإصابة”. في المنزل لم تكن تعلم السيدة إكرام عما يجري، حتى استقبلت في المساء مكالمة هاتفية من عربة الإسعاف "ابنك أتصاوب ولازم نحمله على المستشفى.. بتدينا إذن؟”، تُضيف إكرام أنه لا يجوز للأطفال دون الـ18 عامًا الذهاب إلى المشفى أو الإسعاف دون تصريح من الأهل.
انقبض قلب الأم، ارتدت ثيابها سريعًا وذهبت إلى المشفى. عرفت السيدة الفلسطينية معنى الفقد، غاب الأب عن المنزل طيلة عشرة أعوام حينما أسرته قوات الاحتلال وحكمت عليه بالسجن لمدة 12 عامًا، قضى منهم عشرة.
في المشفى وجدت إكرام جسد صغيرها قد تبدل حاله بسبب علامات الاعتداء، بصوت متهدج أخذ يسرد لها وقائع ما جرى أمام المسجد الأقصى، في ذلك الوقت وصلت صورته لهاتفها "أختي صحفية، بعتت لي شوفي بشار صورته على الإنترنت وقت الاعتقال.. كانت نظرته شي بيشرف ويرفع الرأس” تحكي الأم المقدسية.
في الميدان كان لايزال المصور محمد دويك يوثق ما يدور؛ إلقاء مُكثف لقنابل الغاز، قمع بشكل وحشي ضد الكبار والصغار، نساء ورجال، وحتى الصحافيين والمصورين الذين يسجلون الأحداث "بدأت قوات الاحتلال في رش المياه العادمة، وهي مياه رائحتها كريهة تعلق في الملابس والشوارع، فضلًا عن القنابل الصوتية والرصاص المطاطي”.
شباب مثل بشار كان يتم اعتقالهم بنفس الشراسة، وفي كل مرة يضغط دويك على زر كاميرته، يرى نفس نظرة الشاب المقدسي في عيون كثيرين "كان هناك جُرأة وشجاعة للشباب في مواجهة الاحتلال، شجاعة تُعبر عن أننا أصحاب الأرض، والأحق بمدينتنا”. دمر البعض كاميرات المراقبة التي وضعها الاحتلال "ومهما زاد الاعتداء يدافعون عن أنفسهم، ولا يتراجعون خطوة أو يهربون”.
خلال الأيام الماضية أُصيب أكثر من مائة فلسطيني بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني، فيما نُقِل نحو 20 منهم إلى المستشفى، بينما قال جيش الاحتلال إنه اعتقل 44 فلسطينيًا.
على مواقع التواصل الاجتماعي، كان نصيب صورة بشار مما وثقه دويك الانتشار، البعض أعاد رسمها برؤيته، وكيف رأى الشاب كالأسد وقوات الاحتلال هي التي في الأغلال مُقيدة. سعادة سرت بنفس المصور الشاب "بإني أقدر أعبر عن الفلسطينيين بصوري، شيء بيشرفني”، بعد ذلك تعرف من خلال وسائل التواصل الاجتماعي على الصبي بطل صورته "وتواصلت معي عائلته مساء اليوم الأحد”.
مساء الجمعة الماضية، خرج بشار من المشفى برفقة عائلته، كما تحكي والدته إكرام، بعدما تم تشخيص إصابته بأنها "رضوض”. بنفس مطمئنة عادت الأم إلى المنزل، تحاول مداواة صغيرها لما حدث معه، بينما يغمرها الشعور بالفخر والكرامة .