سباق الحشد والتجييش إلى أين؟

سباق الحشد والتجييش إلى أين؟
مع اقتراب يوم 5/10/2012 بدأت حمى السباق نحو حشد وتجييش المريدين والمشجعين لفريقين على الساحة السياسية الأردنية؛ فريق يقوده الإخوان المسلمون الذين ضاقت خياراتهم في لعبة توازن القوى، فلجأو إلى تصعيد الشارع وخلط الأوراق من اجل إعادة البريق وخطف الأضواء في المشهد السياسي الأردني.

أما الفريق الآخر الذي تتعدد منابعه السياسية والفكرية فينتمي إلى ثقافة ومدرسة التصّوف لمصلحة الأردن وقيادته يحدوه الإيمان بحقيقة ثابتة وراسخة مؤداها أن استقرار الأردن وديمومة أمنه ترتكز على ضمانة مهمة جدا وهي الهاشميون، وهذا لا يعني أن الفريق الآخر (الإخوان المسلمون) لا يؤمن بهذه الحقيقة بل انه وحسب التصريحات المعلنة يؤكد عليها ويتبناها.


إلا أن الاختلاف بين الفريقين يكمن في طريقة التعاطي مع هذه الحقيقة فالإخوان المسلمون يرون بأن صلاحيات الملك تستغل من قبل مؤسسات وأشخاص في الدولة لمصالح شخصية وغايات خاصة ولا بد من تقليصها، أما الفريق الآخر فيرى أن بقاء صلاحيات الملك وإشرافه الكامل على مؤسسات الدولة في ظل هذه المرحلة الحرجة يشكل قاعدة هرم الإصلاح المنشود وتماسك الدولة الأردنية .


وحتى نستطيع المقارنة والمقاربة بين كلا الفريقين لا بد لنا من أن ننطلق من ثوابت تتمثل بأن الأردن بحاجة إلى عملية إصلاح شاملة في كافة المجالات يأتي على رأسها الإصلاح السياسي والاقتصادي،و إن الإصلاح بحاجة إلى وقت ولا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها،وبين الثوابت أنه لا يجوز لأي فريق أو حزب سياسي التحدث باسم الأردنيين وأسر رأي الشارع لمصلحته،و إن الإصلاح غاية بحد ذاتها وليس وسيلة.

في ظل هذه المعطيات التي في اعتقادي لا يختلف عليها احد نستطيع أن نتلمس جزء كبيرا من مشكلة الاختلاف بين الفريقين والذي يخشى الكثيرون من أن يصل إلى ما لا تحمد عقباه.
ويبرز جوهر الخلاف بأن الإخوان المسلمون ينطلقون من هذه الثوابت ولكن على طريقتهم الخاصة فهم يرون أن الأردن بحاجة إلى عملية إصلاح لكنها لا تتم إلا من خلالهم وحدهم، فيما ينظر إليهم الفريق الآخر كشريك أساسي يجب أن يترجم دوره من خلال المشاركة في العملية السياسية والتعاون المشترك المبني على الاعتراف بوجود الآخر واحترام رأيه وعدم اتهامه بالبلطجة .

ويرى الإخوان المسلمون أنهم يملكون عصا سحرية سوف تغير الواقع بين ليلة وضحاها وهذا جزء من برنامج الاستقطاب والدعاية بينما ينظر الفريق الآخر بواقعية أكثر للأمر ويعلم أن تغيير الواقع بحاجة إلى وقت ،وإن سياسة احتكار رأي الشارع وأسره التي يتبعها الإخوان المسلمون إضافة إلى عدم احترام الرأي الآخر وإنكار وجوده تؤدي إلى استفزاز الفريق الآخر وإجباره على إثبات وجوده في الشارع.

هذا النهج الذي يتخذه الإخوان المسلمون يرسخ الاعتقاد لدى الفريق الآخر بأن شعارات المطالبة بالإصلاح التي يرفعها الإخوان وسيلة وليست غاية يعزز هذا الاعتقاد هيمنة الحركة الإسلامية على مخرجات الإصلاح مثالها نقابة المعلمين التي لم تقاومها شهية الحركة لتسيطر عليها بجشع يعزز نظرية السعي للسيطرة والانفراد وعدم الإيمان بمبدأ المشاركة السياسية.

ربما أن الهدف المعلن لمسيرة الإخوان هو إنقاذ الأردن وهذا رأيهم ونحترمه، لكنني أتساءل أنا وغيري عن الكيفية التي ستترجم هذا الهدف ونحن نعلم جيدا أن الأجواء الداخلية والإقليمية لا تحتمل مثل هذا العبث والاستهتار وتتطلب من أبناء الأردن الحكمة والتعقل والموازنة بين المصالح والمفاسد،

والاحتكام للشرع الإسلامي في هذه الموازنة الذي توجب أولوية درء المفاسد على جلب المنافعوالمصالح

وليس هنالك أدنى شك بأن درء ما سيترتب على هذه المسيرة من مفاسد أولى ألف مرةمما ستجلبه من منافع مزعومة.