البحث عن العريس لمنصب نائب الرئيس !

أحاديث وتصريحات بعض المحسوبين على مواقع المسؤولية ، في السلطة أو من بعض الفصائل ، و خصوصاً اؤلئك المصنفين كقيادات في الصف الأول و التي تأتينا من غربي النهر ، وبالتحديد من الضفة الغربية للوطن الفلسطيني ، للأسف ، لا تبعث في النفس سوى الإحساس والشعور بالتقيؤ بسبب ما تحمله من مغالطات وتحامل وتجني على القضية الوطنية وشعبها ، وهما بطبيعة الحال الطرفان المنكوبان بالإحتلال الصهيوني العنصري و البغيض الذي لا يزال جاثماً ومتربعاً على صدور بَشرها وحَجرها وشَجرها .
آخر الجديد هو ما جاء نقلاً عن السيد توفيق الطيراوي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، والذي تحدث مطولا لصحيفة القدس المحلية ومن خلال السيد أحمد فراج العامل كصحفي والذي قام بإجراء المقابلة مع القيادي الطيراوي ، وحتى لا نظلم الرجل فقد أعدنا أكثر من مرة قراءة المقابلة وما جاء بها من عناوين و أفكار ، ولكن بلا فائدة ، فالأسطوانة المشروخة لا تتغير ، و البحث عن الجديد غالبا ما يصطدم بالنهايات المسدودة والمغلقة ، ولكن الذي يبعث على الغيظ لا يكمن في إعتراف هؤلاء القادة بالفشل بل في ذهابهم قدما وفي إصرارهم على مواصلة الدفاع عن الفشل وتبريره .
لم يتبق من أوسلو غير التنسيق الأمني ، وإتفاقية باريس ، وسيطرة " إسرائيل " على كل الأراضي الفلسطينية والمعابر ، وبذلك يكون السيد لطيراوي قد أجهد نفسه وحك كثيرا فروة رأسه حتى إهتدى إلى هذه الإستنتاجات ،والتي يضيف إليها مخاطبا الشعب الفلسطيني قائلاً : " أن التعنت الإسرائيلي هو المعيق الرئيسي للتقدم ، ولذلك ، يجب أن يكون واضحا للجميع بأن الجانب الإسرائيلي لا يريد السلام ولا يسعى لتحقيقه " ، و لذلك فإن على الشعب الإنتقال من رد الفعل إلى الفعل عبر المقاومة التي نمتلك منها أكثر من مائة وسيلة ، ونحن بدورنا وبدون الحاجة إلى أن نشد كثيراً على أنفسنا ، نقول لسيادة اللواء الطيراوي الله يعطيك العافية ، فقد أبدعت وأصبت كبد الحقيقة ! .
وحتى يتكامل المشهد الدرامي الذي وضع السيناريو له وأخرجه اللواء الطيراوي أمامنا على مسرح الأحداث التي تعصف بالقضية وتهدد مصيرها ، فقد كان من الطبيعي أن يُذكرنا إن نسينا بإنحياز أميركا الأعمي للكيان الإسرائيلي ، وأن شعبنا ليس بحاجة إلى أموالها بقدر ما هو محتاج إلي الحرية وإقامة الدولة وأن لا تهان كرامتنا ، كم هو جميل وصائب هذا الكلام ، حتى ولو جاء على قاعدة من فسر الماء بالماء ، فلا ضرائب تدفع على الكلام ولا عتب ولا ملامة على ما سيطير بالنهاية أدراج الرياح .
من الناحية الأخرى ، فلم يعد مقبولا من هذا الصنف من المسؤولين أن يخرج بحديث أو تصريح ولا يقدم فيه صك الشكر والإمتنان لسيادة الرئيس أبو مازن على الجهود المضنية التي يبذلها لصالح القضية والشعب و على معارك الخطابات التاريخية التي يلقيها على منصة الأمم المتحدة ، ولذلك ، لم يفت على اللواء الطيراوي القول بأن الرئيس عباس جاء لإقامة الدولة ، ولكن " المسكين " فوجىء بتعنت الطرف " الإسرائيلي " ، وحالة الإنقسام ، فأصبح كل شيء في وجهه مغلقا ، ومن هنا ، فإن قرار الرئيس بترك مواقع الرئاسة مرتبط بهذه الأسباب وفي مقدمتها هذا التعنت " الإسرائيلي " والإنحياز الأمريكي .
ولذلك ، وبعد هذا الثناء ، جاء دور القنبلة الذكية التي أراد تفجيرها سيادة اللواء من بعد هذا اللت والعجن ، والتي تمثلت بالمطالبة بأن يكون للرئيس نائبا ، فإذا أراد أن يبقى الرئيس فليكن له نائب ، وفي حال لم يُرشح أبو مازن نفسه يكون هذا النائب مرشحنا للرئاسة ، خصوصا ، وأن حركة فتح أولا ، والشعب الفلسطيني ثانيا ، فيه من كل المستويات و الأنواع القيادية ، وجميع أعضاء اللجنة المركزية الفتحاوية مؤهلين لهذا الموقع ما عداي لأنني لا أطلب إلا الشهادة ، و هنا لا بد لنا من صيحة الله أكبر على هذا التواضع النادر والإيثار الذي لا مثيل له !
هل أيقنت اللجنة المركزية لحركة فتح اخيراً هذه الحاجة لمنصب نائب الرئيس ؟ ولماذا سكتت على مدى العقود التي إنقضت عليها منذ تأسيسها وهي تناضل بدون نواب ؟ فدولة السراب ، و منظمة الخراب ، وفتح التي أصبحت في مهب الرياح ، و السلطة العبثية ، كل هذه المستويات لا يوجد لها نواب ، لماذا يصدر هذا الحديث الآن في ظل غياب الرئيس عن رام الله ومقاطعتها ؟ ما هي القصة ؟ وماذا يُطبخ لأبو مازن خلف هذه التصريحات ؟ فالطيراوي بالغ وعاقل ، وصاحب تجربة ونفوذ ، ولا ينطق من فراغ ، وقد حمل على كاهله لسنوات مسؤولية قيادة المؤسسة الأمنية حتى استطاع الوصول الى موقع المدير لمخابراتها العامة .
اللواء الطيراوي فتحَ الملف و فرش السجادة الحمراء للقادم الجديد ، ورحلة البحث عن العريس الذي سوف يصبح نائبا للرئيس بدأت ، فكم عددالذين سوف تدور الأقداح على اسماءهم ؟ و من هم المرشحون الأكثر حظا الذين عليهم الإستعداد لخوض معركة الترشح ؟ الأسئلة كثيرة ، و لكن الإجابة قد نجدها في المثل الشعبي الذي يقول " زغردى يا إنشراح اللى جاى أسخم من اللى راح " ما دام هيك قيادات لا تزال تتحكم بقرارنا الوطني ، والله و فلسطين من وراء القصد .
د.امديرس القادري