الغارديان: وثائق تظهر تدخل ملكة بريطانيا لحماية استثماراتها من قانون للشفافية و الإحراج


كشف صحيفة "الغارديان” أن الملكة إليزابيث الثانية، تدخلت لتغيير قانون بهدف التستر على ثروتها الخاصة.

وقالت في تقرير أعده ديفيد بيغ وروب إيفانز إن الملكة أرسلت محاميها الخاصة لتأمين استبعادها من قانون للشفافية.

وجاء تدخل الملكة الناجح لإخفاء الثروة الخاصة "المحرج” عن الرأي العام ضمن وثائق اكتشفتها صحيفة "الغارديان” في الأرشيف الوطني البريطاني وتظهر أن محامي الملكة قام بالضغط على الوزراء من أجل تغيير قانون يمنع الكشف عن حصصها وأملاكها.

وبعد تدخل الملكة أدخلت الحكومة بندا في القانون يستثني الشركات التي يستخدمها "رؤساء الدولة” من إجراءات الشفافية. واستخدم التشريع الذي تمت كتابته في السبعينات من القرن الماضي لإنشاء شركة وهمية دعمتها الدولة لوضع ستار من السرية على حصص الملكة واستثماراتها حتى عام 2011. ولم يتم الكشف عن حجم ثروتها أبدا، مع أنها قدرته بملايين الجنيهات.

وتوصلت الصحيفة إلى محاولة الملكة الضغط على الوزراء أثناء تحقيقها لإجراءات ملكية غامضة تعرف بـ”موافقة الملكة” للتأثير على تشكيل القوانين البريطانية. وهو خلاف الترتيب المعروف بالرصيد الملكي، إجراء رسمي يحدد اللحظة التي يتحول فيها مشروع القانون إلى قانون، ويجب الحصول على موافقة الملكة على التشريع قبل مصادقة البرلمان عليه.

وتشترط "الموافقة الملكية” على الوزراء إعلام الملكة عندما يؤثر القانون على الإمتيازات الملكية أو مصالح التاج البريطاني. ويصف موقع العائلة المالكة على الإنترنت الموافقة الملكية على أنها "عرفا راسخا” فيما نظر علماء الدستور إليه على أنه إجراء غامض ولكنه مثال غير مضر عن الأبهة التي تحيط بالعائلة المالكة.

ولكن الوثائق التي كشفتها الصحيفة في الأرشيف الوطني وستنشرها هذا الأسبوع تقترح أن عملية الموافقة والتي تعطي الملكة ومحاميها معرفة أولية بما سيقدم للبرلمان منحتها القدرة على الضغط سرا من أجل تغيير القوانين.

وقال توماس أدامز، خبير القانون الدستوري في جامعة أوكسفورد والذي راجع الوثائق إنها تكشف عن "تأثير على التشريع طالما حلمت به جماعات اللوبي”.

ومجرد وجود إجراء الإجماع منح الملكة على ما يبدو "التأثير الجوهري” على صياغة القوانين التي قد تؤثر عليها. وتعطي الأوراق المكتشفة صورة عن محاولة الملكة إخفاء معلومات محرجة، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 1973 خشيت من قانون للشفافية حول الأسهم في الشركات قد يفتح الباب للتدقيق في ماليتها. ونتيجة لذلك قامت بإرسال محاميها الخاص للضغط على الحكومة القيام بتغييرات.

الأوراق المكتشفة تعطي صورة عن محاولة الملكة إخفاء معلومات محرجة

وزار ماثيو فارير، الشريك في الشركة القانونية المتميز فارير أند كو العمال المدنيين في وزارة التجارة والصناعة لمناقشة إجراءات الشفافية في مشروع لقانون الشركات والذي اقترحته حكومة إداورد هيث. وكان المشروع يهدف لمنع المستثمرين من بناء حصصهم وبشكل سري في شركات تتعامل في السوق المالي من خلال الحصول على هذه الحصص عبر "واجهات” أو مرشحين عنهم.

وبناء عليه فقد شمل على بند يعطي المدراء الحق للمطالبة بالكشف عن هوية أي مرشحين يملكون حصصا عندما يطلب منهم هذا. وتظهر المراسلات بين وزارة التجارة والصناعة وشركة فارير والتي نقلت للملكة خشية الأخيرة من الكشف عن استثماراتها أو قيمتها في الشركات المسجلة، واقترح استثناءها من التشريع.

وكتب موظف مدني اسمه سي أم دراكر في 9 تشرين الأول/ نوفمبر "تحدثت مع فارير” و”أتذكر أو أعتقد أن وكلاءه قلقون من مخاطر الكشف لمدراء الشركة عن أسهمهم والرأي العام”. وأضاف "برر هذا ليس بناء على مخاطر التسريب غير المقصود أو السري للغير ولكن لأن الكشف سيكون محرجا”.

واقترح فارير البحث عن مخرج للعائلةـ ولو مؤقتا، من القانون وعدم تعريضهم لهذا المأزق.

وكتب دراكر أن المحامي لم يكن مع أي اقتراحات حول الإحراج من معرفة الرأي العام عن الأراضي المملوكة مثلا ولم ير حلا للمشكلة من خلال تجنب المشاركة في بعض الشركات ولكنه كان حريصا على عدم الكشف عن المعلومات أو معرفتها "فالمعرفة مرفوضة بحد ذاتها”.

وتحدث دراكر مع زملائه بعد رد فارير واقترح تحويل الأمر إلى الوزراء. ولخص بعد ذلك موظف آخر اسمه سي دبليو روبرتس القضية مؤكدا أن فارير لا يخشى فقط من معرفة حصص الملكة والعقود فيها، خاصة أنها ستكون مسجلة في سجلات الشركة وبالتالي ستكون مصدرا للجدل. ولكنه يرى أن معرفة حصص التاج حتى لو كانت مقتصرة على مدراء الشركة أمر محرج.

وبعد شهر طورت حكومة هيث طريقة عبقرية يمكن من خلالها حل مأزق الملكة. وقال وزير التجارة في حينه، جيفري هاو إنه "بمساعدة من بنك إنكلترا ووزارتي طورت هذا الحل الذي سيظهر في مشروع القانون”. واقترح إدخال بند يسمح للحكومة باستثناء بعض الشركات من عدم الكشف عن المساهمين فيها.

ومن الناحية الرسمية فالبند ينفع الأثرياء والحكومات ورؤساء الدول ومجالس الإستثمار التي أنشأتها الحكومة. ومن الناحية العملية فالمنتفع الرئيس هي الملكة. وكانت الحكومة تسعى لإنشاء شركة وهمية يشترك فيها هؤلاء المساهمين، مما يعني أن الشخص العادي لا يمكنه معرفة حصة الملكة في شركة من هذا النوع. وقال هاو إن وزارته ناقشت الحل مع المستشارين القانونيين للملكة.

ومع أنهم "لم يعبروا عن التزام لاستخدام هذه المؤسسة إلا أنهم اعتبروا الحل مقبولا جدا للمشكلة التي يواجهونها، ولن يطلبوا منا عمل المزيد، وعليه فإنني أقوم بترتيب الأحكام الضرورية التي ستظهر في القانون”. ولم يصبح المقترح قانونا إلا بعد 3 أعوام حيث أعلن هيث عام 1974 عن انتخابات عامة الغت كل المشاريع المقترحة.

وتم إحياء المشروع في عهد هارولد ويلسون عام 1976 بنسخة ثانية مطابقة للنسخة الأولى. وتم منح الإعفاء مباشرة لشركة أطلق عليها "بانك أوف إنكلاند نومينيز ليمتد” وبإدارة مسؤول بارز في بنك إنكلترا. وكانت عجلة أسهم الملكة التي تم تحويلها إليها في نيسان/ إبريل 1977 حسبما ورد في كتاب الصحافي أندرو مورتون، 1989. وظل الترتيب حتى عام 2011 عندما كشفت الحكومة إن الشركة لم تعد مغطاة منها. وأغلقت الشركة قبل أربعة أعوام ولم يعرف ماذا حدث للأسهم فيها.