شاب إثيوبي يحول الورق إلى أسود وتماسيح وغزلان
تمسغن ألمي، شاب إثيوبي يبرع في فن المجسمات منذ نعومة أظفاره، عندما أعجب بمجسمات تحكي عن مسلات أكسوم وكنيسة لاليبيلا.
وشاهد تمسغن التقرير ضمن برنامج تلفزيوني، وهنا قرر الشاب دخول هذا الفن، الذي أصبح أحد رموزه بالمنطقة التي يقطنها جنوبي إثيوبيا.
وتمسغن، من مواليد مدينة يرجاشفي في أقصى إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، إذ تبعد مدينته عن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا 395 كلم.
ويقول تمسغن، متحدثا عن تجربته الفنية: "منذ صغري كنت مولعا بفن المجسمات مستخدما الأوراق والأدوات التقليدية، مستلهما أفكاري من برنامج تلفزيوني كان يعرض مسلات أكسوم الأثرية وكنيسة لاليبيلا المنحوتة من الحجر بشمال إثيوبيا".
وأضاف: "بعدها بدأت في هذا الجانب واستطعت أن أصنع مجسما طبق الأصل لمسلات أكسوم وكنيسة لاليبيلا، وكانت انطلاقة قوية ومشجعة دفعتني نحو النجاح الذي حققته حتى الآن".
وأكسوم هي مملكة إثيوبية قديمة تميز شعبها بقدرته على تشييد مسلات ضخمة يبلغ ارتفاع الواحدة منها 24 مترا بعمق 3 أمتار في باطن الأرض.
وتعد مسلات مدينة أكسوم التاريخية مهد الحضارة الإثيوبية بإقليم تجراي شمالي البلاد، شاهدة على واحدة من أقدم الحضارات في القارة الأفريقية.
وتميز شعب أكسوم، الذي تأسست مملكته في القرن الأول الميلادي قبل ألفي عام، بقدرته على تشييد مسلات ضخمة، يبلغ وزن الواحدة منها 152 طنا.
واستضاف التلفزيون المحلي لإقليم شعوب جنوب إثيوبيا، الفنان تمسغن ألمي، الذي أوضح أنه يحب استخدام الورق المقوى في فن المجسمات بأشكال قنية جميلة منذ 13 عاما.
وقال إنه يصنع جميع مجسماته من الورق المقوى التي يجمعها من المكاتب، مضيفا أن أختياره للورق المقوى يعود لعدم توافر أدوات أخرى، فضلا عن أنها سهلة ويمكن تطويعها والتفنن فيها، مشيرا إلى أنه يستخدم الألياف والأخشاب والحديد إلى جانب الورق المقوى.
وقال إن أغلب أعماله تتمحور حول الطبيعة، بدءًا من القرود الصغيرة إلى الوحوش الأسطورية، وإن أكثر من 70% منها تصنع بالورق المقوى، وإن المجسمات التي يصنعها تبقى لفترة طويلة، لافتا إلى أن جميع أعماله تحفظ في أماكن جافة بعيدة من المياه والرطوبة لأنها مصنوعة من الورق.
ويضم معرضه الكثير من المجسمات، ونجد هناك الأسد والقرد والغزال والضبع والتماسيح والطيور، والكنائس والموز الكاذب والطارات والمروحيات، ويعد مجسم كنيسة لاليبيلا أقدم أعماله وملهمته في فن المجسمات.
وتعود الكنائس المحفورة في صخر بلدة "لاليبيلا" إلى القرن الـ13، وتقع في إقليم "أمهرا" الإثيوبي، وهي من أكثر الكنائس قداسة في المسيحية وأكبر المعابد المتجانسة في العالم المصنوعة من قطعة واحدة من الصخر ومدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1978.
وتحمل أعمال "ألمي"، مزيجًا من الملامح الناعمة تدل على حرفية عالية، كما يمزج فيها عدة ألوان مختلفة ما يجعلها نابضة بالحياة والدقة المتناهية ومطابقتها للواقع.
وبدأ تمسغن ألمي، عمله منذ عام 2008، وشارك في معرض نظمته الحكومة الإثيوبية بمناسبة يوم المدن عام 2019، كما شارك مع فنانين آخرين في تزيين المدينة.
ولفت ألمي إلى ضعف وعي المجتمع بهذا الفن الجميل قائلا: "ليس هناك من ينفذ مثل هذه الأعمال الفنية في مدينة يرجاشفي، والإقبال يتوقف عند فهم المجتمع للفن نفسه".
وأضاف: "صناعة مجسم واحد حتى صورته النهائية تستغرق 3 أشهر وهو ما يجعل الأسعار لا تتناسب مع الجهد المبذول"، مستدركا: "المحفز الوحيد أنني عشقت هذا الفن ولذا أعمل دون الاهتمام بالمقابل".