القطاع السياحي الخاسر الأكبر بزمن كورونا

عصفت جائحة كورونا بقطاع السياحة والسفر، وبدت الوجهات السياحية والمطارات خاوية من المسافرين، بسبب الاغلاقات المتواصلة والتقييدات التي فرضت على حركة المسافرين، وبات القطاع السياحي في الأردن كما دول العالم، يئن تحت وطأة الركود والخسائر الكبيرة، واقتراب شبح البطالة من عمالته.

 

وبحسب منظمة السياحة العالمية، فإن القطاع السياحي من اكثر القطاعات تضررا من الجائحة، وآخر القطاعات تعافيا، اذ قد يحتاج ما بين عامين واربعة أعوام للعودة الى مستوى ما قبل الجائحة.

وقدرت المنظمة خسائر عائدات السياحة الدولية لعام 2020 بنحو 1.1 تريليون دولار، اذ تراجع عدد المسافرين الدوليين هذا العام بواقع 70-75 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.

وللتصدي لتداعيات جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على القطاع السياحي بالمملكة، سخّرت الحكومة إمكاناتها لإنقاذ القطاع الذي يعد رافدا مهما للاقتصاد الوطني، واتخذت جملة من الإجراءات يقدّر أثرها المالي بأكثر من 30 مليون دينار، جرى ضخها في القطاع لتوفير السيولة اللازمة ولتمكين المنشآت السياحية من الحفاظ على العمالة لديها، وإعادة نشاطها تدريجيا.

وتضمنت الاجراءات إعفاء مالكي وممارسي المهن السياحية المرخصين لدى وزارة السياحة، من الرسوم والغرامات المترتبة على تجديد التراخيص المستحقة لعام 2020، واعفاء المستثمرين في المواقع السياحية والاثرية ومراكز الزوار، والمرافق التابعة لها من بدل رسوم الإدارة والتشغيل، والايجارات المستحقة لعام 2020، ورد المبالغ المالية المقبوضة لهذه الغاية. كما أعيدت رسوم اشتراك ومساهمة أعضاء هيئة ‏تنشيط السياحة ورسوم اشتراكات المعارض المقبوضة لعام 2020 من فنادق ومكاتب سياحة وسفر، ونقل سياحي وشركات طيران، وجمعيات المهن السياحية، وأعفيت الجهات غير المسددة من الرسوم المستحقة عليها لعام 2020.

وشملت الاجراءات الأدلاء السياحيين ببرنامج القروض الميسرة، الذي اعلن عنه البنك المركزي، بالتنسيق مع الشركة الأردنية لضمان القروض وهيئة تنشيط السياحة.

وقررت الحكومة توجيه مخصصات موازنة هيئة تنشيط السياحة، لدعم السياحة الداخلية، وخصصت 10 ملايين دينار لدعم السياحة المحلية، للحفاظ على مكانة المنتجات والخدمات السياحية المحلية، والمساهمة في إعادة عملها واستدامتها، وتخصيص 5 مليون دينار إضافية لدعم الفعاليات والأنشطة المحلية.

وجرى التنسيق مع كبرى شركات التجارة الإلكترونية العالمية، للمساهمة في تسويق وتوفير منصة متخصصة للمنتجات الحرفية التقليدية الأردنية ومنتجات البحر الميت، اذ تم دعوة مزودي الحرف التقليدية ومنتجات البحر الميت للتواصل مع وزارة السياحة لتعريفهم بأسس ومعايير تسويق وبيع منتجاتهم من خلال المنصات الالكترونية.

وعملت وزارة السياحة والآثار على تأهيل وتطوير البنية التحتية والخدمات في المواقع السياحية والأثرية الداخلية خلال توقف الحركة السياحية.

وللتخفيف من الخسائر التي لحقت بالمطاعم السياحية والشعبية بسبب الاغلاقات والحظر الجزئي، أطلقت الوزارة منصة خاصة لاستقبال الطلبات من المطاعم التي ترغب بتقديم خدمة التوصيل والمناولة وفق الاشتراطات والإجراءات الموجودة في دليل ارشادات وإجراءات تدابير السلامة والوقاية الصحية المتبعة للحد من انتشار فيروس كورونا.

وفي شهر حزيران الماضي اتخذت الحكومة حزمة من الإجراءات لدعم القطاعات الاقتصادية المتضررة من كورونا، لمساندة القطاع السياحي، حيث وفرت تدفقا للسيولة بشكل مباشر وغير مباشر للقطاع بمبلغ 190 مليون دينار.

وهدفت الحزمة الى دعم قروض ميسرة، وتحفيز وتمكين السياحة الداخلية عبر تخفيض بعض الضرائب المباشرة، ودعم برامج السياحة الداخلية، بدعم مختلف مكونات النشاط السياحي كالنقل السياحي وإدلاء السياح، ومكاتب السياحة والسفر، والمنشآت السياحية المختلفة، والإقامة والفعاليات، كما هدفت للتوسع في برامج الحماية والمساندة الموجهة للعاملين في القطاع السياحي.

واشتملت الحزمة على دعم التسهيلات البنكية بقيمة 150 مليون دينار من برنامج سلف البنك المركزي المخصصة للقطاعات الاقتصادية، والبرنامج الوطني للتمويل وضمان القروض، لمواجهة أزمة كورونا ولتغطية الرواتب والنفقات التشغيلية في الفنادق والمنشآت السياحية، بتسهيلات ميسرة ومضمونة بنسبة 85 بالمئة من الشركة الأردنية لضمان القروض، بمدة تصل الى 42 شهرا، من ضمنها فترة سماح لـ12 شهرا، تتحمل الحكومة 2 بالمئة من فوائد هذه القروض طيلة فترة القرض.

واشترطت الحكومة على المنشآت السياحية المستفيدة من هذا التمويل المحافظة على العمالة الأردنية لديها خلال فترة صرف التمويل، وخصصت وزارة السياحة والآثار لهذه الغاية بريد إلكتروني خاص للإجابة عن الاستفسارات، ومتابعة أي صعوبات في التقدم بطلبات التمويل، من خلال التنسيق المباشر مع البنك المركزي والشركة الأردنية لضمان القروض. وجرى العمل ضمن الاجراءات على تقسيط المبالغ المستحقة على القطاع السياحي لضريبة الدخل عن العام 2019 دون غرامات أو فوائد، ووفق جدول زمني وبنسب سداد متصاعدة، تمتد للفترة من تموز وحتى كانون الأول 2020. واشتملت الاجراءات على تخفيض الضريبة العامة على المبيعات للفنادق والمطاعم السياحية اعتبارا من 1 تموز 2020، إلى 8 بالمئة بدلاً من 16 بالمئة، بالإضافة إلى تخفيض ضريبة الخدمات من قبل المطاعم السياحية والفنادق لتصبح 5 بالمئة بدلاً من 10 بالمئة. وتضمنت العمل على تمكين محلات التّحف الشرقية المرخصة من الاستفادة من برامج التسهيلات الميسرة المتاحة للأدلاء السياحيين وقيمتها 3 ملايين دينار بضمانة هيئة تنشيط السياحة، وبتنفيذ بنك محلي.

وبموجب أمر الدفاع رقم 13، الذي أصدره رئيس الوزراء، سمح لمكاتب السياحة والسفر بجميع أنواعها، في حال رغبتها، استعادة كفالاتِها البنكية التي تقدر بـ 30 مليون دينار وتسييلها بما يمكِّن هذه المكاتب من الحصول على السيولة الضرورية.

وجرى العمل على توفير مظلة إضافية لحماية العاملين في القطاع السياحي ودعم استقرارهم الوظيفي، وذلك عبر تمكين المنشآت السياحية العاملة من الوفاء بالتزاماتها تجاه العاملين فيها، والحفاظ على العاملين لديها من الأردنيين، وذلك من خلال إصدار أمر الدفاع رقم 14، الذي وفرت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من خلاله برنامج "حماية" الموجه لمساندة فئات معينة من العاملين في القطاع السياحي برواتب شهرية للفترة من حزيران الماضي وحتى نهاية العام الحالي.

كما جرى دعم برامج السياحة الداخلية وبرنامج "أردننا جنة..أردننا بخير"، من خلال دعم شركات الطيران الوطنية "الملكية الأردنية، فلاي جوردان، والأردنية للطيران"، وذلك بتخصيص مبلغ يصل إلى مليون دينار، لتوفير رحلات طيران يومية على مدار الأسبوع بين عمّان والعقبة، قدرت تكلفة التذكرة ذهابا وإيابا بأقل من 40 دينارا.

وتضمنت الاجراءات دعم شركات النقل السياحي ومكاتب السياحة والسفر الراغبة في الاشتراك ببرنامج "أردننا جنة" بقيمة 3 ملايين دينار، وذلك لتوفير نقل سياحي مجاني لجميع وجهات البرنامج وحسب الآلية، التي أعلنتها هيئة تنشيط السياحة.

وتم دعم مزودي الخدمات السياحية المشاركة في برنامج "أردننا جنة" في المحافظات، بقيمة مليون و200 ألف دينار، لتشجيع المبيعات وزيادة دخل مزودي هذه الخدمات في المجتمعات المحلية من مؤسسات صغيرة ومتوسطة، تعتمد على النشاط السياحي كالمطاعم والمخيمات البيئية والمحميات والجمعيات المحلية، التي تقدم خدمات الطعام والشراب.

وجرى دعم الفنادق والمخيمات السياحية في البترا، عبر تخصيص 25 ألف ليلة مبيت، لتكون متاحة للزوار ضمن برنامج "أردننا جنة"، بالتعاون مع سلطة إقليم البتراء، وتم تخصيص آلية مشابهة لدعم الفنادق في المناطق السياحية الأخرى.

ولتحريك عجلة السياحة العلاجية ومع تزايد الطلب للقدوم الى الأردن للعلاج خلال فترة الجائحة، أطلقت الوزارة في تموز الماضي الموقع الالكتروني "سلامتك"، لاستقبال طلبات المرضى من خارج المملكة، وتم تطوير منظومة متكاملة بين المريض والمستشفيات وبالتنسيق مع خلية الازمة، تحكم عملية قدوم المريض برا او جوا، ووضع متطلبات رحلته، قبل سفره وعند وصوله للمملكة وانتقاله للمستشفى لتلقي العلاج والتعافي، للتأكد من خلوه ومرافقيه من فيروس كورونا.

وفي بداية كانون الاول الحالي أطلقت الحكومة صندوق المخاطر السياحية بقيمة 20 مليون دينار، لدعم القطاع السياحي، وللتخفيف من الضرر الذي لحق به إثر جائحة كورونا، ويهدف الى معالجة المخاطر الحالية التي سببتها الجائحة والمستقبلية التي سيواجهها القطاع السياحي، لتقديم المساعدات المالية والقروض للعاملين فيه.

يشار الى أن الدخل السياحي تراجع بنسبة 70 بالمئة في الأشهر الثمانية الاولى من العام الحالي، ليسجل 839 مليون دينار، مقارنة مع نفس الفترة من عام 2019، في حين وصل إجمالي الدخل السياحي في عام 2019 الى 4.1 مليار دينار، بحسب البنك المركزي.